أكدت المحامية والناشطة الحقوقية الأردنية هالة عاهد لـ" عربي21" تعرض هاتفها للاختراق عبر برنامج "بيغاسوس" الإسرائيلي وهو ما أكده تحقيق خاص لمنظمتي "اكساس ناو" و"فرونت لاين ديفندرز"، متهمة جهات رسمية أردنية، لم تسمها، بالوقوف وراء العملية معتبرة أن نشاطاتها الحقوقية قد أزعجت السلطات.
وقالت الحقوقية الأردنية في تصريح خاص لـ "عربي21"
إن "هذا البرنامج قد بيع لحكومات وبالتالي هي جهة رسمية من استخدمته".. مضيفة أن "الدول التي تستخدم البرنامج في المنطقة معروفة (...) لا أفكر إلا بجهات أردنية، وإن كنت أتمنى ألا تكون كذلك".
وعبرت عاهد في تصريحها الخاص عن استغرابها من
الحادثة بالقول: "استغربت اختراق هاتفي خاصة أن نشاطي حقوقي بحت، ولكن طبيعة
النشاط وارتباطه بملفات مزعجة للسلطات" مضيفة "ربما تكون (الملفات) هي
السبب".
وعلقت بالقول: "نشاطي من نقابة المعلمين إلى الدفاع عن الحراكيين
والدفاع عن النقابات العمالية، كلها ملفات حقوقية تضيق بها السلطات ذرعا".
وأوضحت أنها لم تتعرض لأي
تهديدات أخرى ولا أي تواصل عقب استهداف هاتفها لكنها لم تخف مخاوفها بالقول: "المخاوف موجودة، خاصة أني لا أعرف ما طبيعة المعلومات التي يريدون استغلالها وكيف
سيتم استخدامها".
تأكيدات المنظمة
وأكد منسق الحماية الرقمية للشرق الاوسط وشمال افريقيا
في "فرونت لاين ديفندز"، محمد المسقطي، في تصريح خاص لـ"عربي21"
تعرض الناشطتين العربيتين لعملية الاختراق عبر برنامج بيغاسوس الذي طورته شركة "إن
أس أو" التابعة للاحتلال الاسرائيلي.
وأوضح المسقطي أنه "من الصعب التوصل إلى الجهة التي
قامت بهذه العملية أو من قام بهذا الاختراق
لأنه لا توجد أدلة تشير الى الجهة التي قامت بهذا الاختراق كما أن العملية حدثت
قبل أشهر أو قبل سنة أو سنتين ".
وأضاف: "كل الدلائل
التي لدينا تشير إلى أن الاختراق حصل ببرنامج "بيغاسوس"، لكن ليس لدينا
أي معلومات تؤكد من هي الجهة التي تقف خلف هذا الاختراق، لهذا لا نستطيع أن نتهم
جهة أو حكومة معينة، ولكن نستطيع أن نقول بأن الذي حصل هو عملية اختراق واضحة لابتسام
وهالة".
وأضح الخبير الدولي أن
المشكلة التي تواجههم في "معرفة من يقف خلف هذا النوع من الهجمات تتم عبر شركة
"إن أس أو" التي يجب أن تبلغنا من هي الحكومة التي قامت باختراق أرقام هذه
الهواتف السيدتين ".
وتابع: "من خلالها
نستطيع أن نتعرف عن الحكومة المسؤولة، غير هذا لا نستطيع أن نجزم أو لا نستطيع أن
نقول بأن حكومة بعينها أو جهة بذاتها، قد تكون هناك أكثر من حكومة أو قد تكون
حكومة اخترقت باسم حكومة ثانية".
وفي ذات السياق، جزم منسق الحماية
الرقمية للشرق الاوسط وشمال افريقيا في "فرونت لاين ديفندز" بأن "هناك ضحايا آخرين"، قائلا " أجريت
تحقيق في فلسطين واكشفنا بأن 6 ناشطين تعرضوا للقرصنة وللاختراق بنفس طريقة هالة وابتسام
" مضيفا أن هنالك "تحقيق من السلفادور أثبت تعرض صحفيين للاختراق من قبل
بيغاسوس ".
وتابع لـ "عربي21"
بالقول: "أنا لازلت أواصل تحقيقات.. أجريت العديد وفحصت الكثير من الأجهزة في
المنطقة ولا زلت أواصل هذه التحقيقات لأصل الى نتيجة حول من تم اختراقه وعدد الضحايا
وفي أي دول تمت عمليات الاختراق وقد نصل الى نتيجة لمعرفة من يقف خلف هذه
الاختراقات".
وأوضح الخبير الدولي لـ "عربي21"
أن برنامج "بيغاسوس" يخترق الأجهزة كما أنه يستطيع أن يصل لكل ما يوجد بالجهاز
موضحا بالقول:" الأمر يشبه الانسان الذي يقوم بإعطاء الجهاز لإنسان آخر والجهاز
لا يوجد به كلمة سر فيستطيع الآخر الوصول الى كل شيء موجود بالجهاز من كلمات سر وجهات
اتصال و مكالمات و رسائل كما يمكنه ان يفعل الكاميرا والصوت و المصدح ... هذا ما
يفعله بيغاسوس إنه يتحكم بالجهاز بشكل كامل".
تحقيق إستقصائي
وكشف تحقيق "اكساس ناو" و"فرونت
لاين ديفندرز" عن تعرّض ناشطتين حقوقيتين من البحرين والأردن لاختراق أجهزتهن
باستخدام برنامج التجسس "بيغاسوس"، وهو برنامج تابع لمجموعة "إن أس أو"
التابعة للاحتلال الاسرائيلي.
وقد قامت "فرونت لاين ديفندرز" بتحليل
أجهزة الناشطات بمساعدة من منظمتي سيتيزن لاب ومختبر الأمن التابع لمنظمة العفو
الدولية من أجل التأكد من استعمال بيغاسوس للاختراق.
واكتشفت "منظمة فرونت لاين ديفندرز" أن جهاز عاهد قد
تعرّض للاختراق بواسطة برنامج بيغاسوس منذ شهر آذار/ مارس 2021.
وأكدت المنظمة تعرّض هاتف المحامية الاردنية
للاختراق بواسطة بيغاسوس يوم 16 آذار /مارس 2021، حيث تم التعرّف على
آثار عمليات مرتبطة ببيغاسوس على هاتفها، بناء على معطيات من مختبر الأمن التابع
لمنظمة العفو الدولية وسيتيزن لاب.
كما قال تحقيق المنظمتين إن الباحثين في فرونت
لاين ديفندرز وجدوا أن هاتف الناشطة الحقوقية البحرينية، ابتسام الصّايغ قد تعرّض
للاختراق ما لا يقل عن ثماني مرات بين أغسطس/آب ونوفمبر/تشرين الثاني 2019 وأن
عمليات الاختراق تمّت بواسطة برنامج التجسس "بيغاسوس" التابع لمجموعة "إن
أس أو".
وتوصّل التحقيق التقني إلى أن هاتف ابتسام الصايغ
قد تعرض لاختراقات متعددة في شهر آب/ أغسطس 2019 (الموافق 8 و9 و12 و18 و28 و31)
وفي يوم 19 أيلول/سبتمبر 2019 وفي يوم 22 تشرين الثاني/ سبتمبر 2019، حيث تم
التعرّف على آثار عمليات مرتبطة بـ "بيغاسوس" على هاتفها.
من هالة عاهد؟
يذكر أن المحامية هالة عاهد قد عملت مع عدد من
المنظمات الحقوقية والنسوية للدفاع عن حقوق المرأة وحقوق العمّال وحرية الرأي
وحرية التعبير وحرية التجمّع السلمي في الأردن.
كما أنها تدافع عن سجناء الرأي في الأردن، إضافة
إلى كونها عضوا في فريق قانوني يُدافع عن نقابة المعلّمين الأردنيين، إحدى أكبر
النقابات العمّالية في الأردن، والتي قامت الحكومة الأردنية بحلّها في شهر كانون
الأول/ ديسمبر،2020 ردًّا على احتجاجات المعلّمين.
كما
ترأّست هالة اللجنة القانونية لاتحاد المرأة الأردنية وتواصل الدفاع على النساء
الضحايا.
من إبتسام الصايغ؟
أما الناشطة البحرينية، ابتسام الصايغ، فهي
مدافعة عن حقوق الإنسان تحظى باحترام كبير على الساحة الدولية وتعمل في منظمة سلام
للديمقراطية وحقوق الإنسان، وهي منظمة غير حكومية تُكافح من أجل الديمقراطية وحقوق
الإنسان في البحرين.
وذكر تحقيق "اكساس ناو" و"فرونت
لاين ديفندرز" أن السلطات البحرينية قامت سابقاً بمضايقة الصايغ، حيث تم
احتجازها يوم 20 آذار/ مارس لمدة سبع ساعات في مطار البحرين الدولي إثر عودتها من
مشاركتها في الدورة الرابعة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
كما قامت السلطات بتفتيشها بدقّة واستجوابها لمدةّ
خمس ساعات، كما تمت مصادرة جواز سفرها وهاتفها الجوال. وقد اتهمها المستجوب بأنها
قدّمت تصريحات خاطئة في جنيف حول انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، بحسب ذات
التحقيق.
وذكرت منظمة "فرونت لاين ديفندرز" أنه
جهاز المخابرات الوطني البحريني، أقدم على استدعائها إلى مركز شرطة المحرق في يوم 26 أيار/ مايو، حيث قام المحقّقون هناك بالاعتداء عليها جنسيا، كما تعرضت أيضا
للإساءة اللفظية والضرب، ثم هَددَها المحققون باغتصابها إذا لم تتوقف عن أنشطتها
في مجال حقوق الإنسان.
ويأتي هذا التحقيق المشترك في أعقاب ما كشف عنه
مشروع بيغاسوس من استخدام الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وغيرها
لبرنامج التجسس "بيغاسوس" لانتهاك حقوق الإنسان وقمع النشطاء والصحفيين.