كشف القيادي بحركة "النهضة" محمد القوماني، الجمعة، أن قوات الأمن التونسي "اختطفت مسؤول الحزب بمدينة الرقاب، وسط غرب البلاد، ونقلته إلى جهة مجهولة، دون أن تكشف وزارة الداخلية أي تفاصيل.
وقال القوماني في تصريح لوكالة الأناضول إن "قوات الأمن قامت بمداهمة منزل أحمد الجلالي، دون الاستظهار بصفة ولا بدعوة، واختطافه والتوجه به لجهة مجهولة"، مضيفا أنه "تم الاستيلاء على بعض أغراض منزل الجلالي".
وأشار القوماني إلى أنه "لا تفاصيل لدى الحركة حتى الآن، عن الجهة التي قامت باختطاف المسؤول، أو التهمة المنسوبة له أو الجهة التي أصدرت الأمر".
في المقابل، لم يصدر أي تعليق من السلطات التونسية على الحادثة.
وفي 31 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أعلنت حركة النهضة عن "اختطاف" القيادي نور الدين البحيري من قبل رجال أمن بزي مدني، واقتياده إلى جهة غير معلومة، فيما تم نقله لاحقا إلى قسم الإنعاش بأحد مستشفيات مدينة بنزرت (شمالا)، إثر تدهور صحته جراء إضرابه عن الطعام، رفضا لاحتجازه.
وعقب يوم من نقله إلى المستشفى، أعلن وزير الداخلية توفيق شرف الدين، أن البحيري (63 عاما) والمسؤول السابق بوزارة الداخلية فتحي البلدي، وضعا قيد الإقامة الجبرية لتهم تتعلق بـ"شبهة إرهاب" ترتبط باستخراج وثائق سفر وجنسية تونسية لسوري وزوجته بـ"طريقة غير قانونية".
تحقيق عسكري
وفي سياق منصل، أكد محاميان تونسيان، الجمعة، إحالة السلطات التونسية عميد المحامين الأسبق عبد الرزاق الكيلاني "للتحقيق العسكري" بعد تلقيه دعوة الخميس.
وقال المحامي حسني الباجي في تدوينة عبر صفحته بـ"فيسبوك": "إحالة صديقي وأخي العميد عبد الرزاق الكيلاني على قاضي التحقيق العسكري".
وأضاف الناجي أن ذلك "من أجل رأيه الذي عبر عنه في عدم ضرورة تقييد أعوان السلطة التنفيذية وخاصة أعوان الأمن بالتعليمات المخالفة للدستور والقانون".
وفي منشور ثان، كشف المحامي أن الكيلاني وُجهت له ثلاث تهمات، تتمثل التهمة الأولى في "الانضمام إلى جمع من شأنه الإخلال بالراحة العامة يستوجب إحالة عديد الأشخاص المشاركين في هذا الجمع أو التجمهر (تجمع أمام مركز أمن من أجل معرفة مكان تواجد البحيري)".
أما التهمة الثانية، فهي "هضم جانب موظف عمومي، يفترض تقدم أحد الموظفين أو مجموعة منهم بالتشكي وإلحاق الضرر بأعوان الأمن".
ووُجهت لعميد المحامين الأسبق تهمة "دعوة الأمنيين لعدم تنفيذ القرارات المخالفة للقانون والدستور والماسة بالحقوق والحريات".
يذكر أن الكيلاني عضو بهيئة الدفاع عن النائب الموضوع تحت الإقامة الجبرية نور الدين البحيري (63 عاما).
وكان وزير الداخلية أكد أنه سيقاضي أمام المحكمة العسكرية كل من اقتحم مركز أمن "منزل جميل" في بنزرت (شمالا)، الذي كان محتجزا فيه البحيري قبل نقله إلى المستشفى، في إشارة لفريق الدفاع عنه.
وفي تعليق، عبّر الرئيس التونسي الأسبق محمد المنصف المرزوقي، عن تضامنه مع عميد المحامين الأسبق عبد الرزاق الكيلاني، عقب أنباء أفادت بإحالته إلى القضاء العسكري.
وقال المرزوقي عبر صفحته بـ"فيسبوك": "كل تضامني مع العميد عبد الرزاق الكيلاني بعد إحالته إلى القضاء العسكري من طرف الرئيس قيس سعيّد".
وخاطب القضاء العسكري والمؤسسة العسكرية قائلا إن "سعيّد بصدد تدمير الدولة وتمزيق وحدة الشعب وإحالة خيرة الوطنيين أمام قضاء مدني وعسكري يسعى لتوريطه في هذيانه"، وفق تعبيره.
ودعا المرزوقي "كل مؤسسات الوطن وعلى رأسها المؤسسة العسكرية والأمنية وقف هذه التراجيديا الكبرى التي حلت بتونس".
من جهتها، أدانت تنسيقية "محامون لحماية الحقوق والحريات" إحالة الكيلاني للتحقيق العسكري، معتبرة ذلك "حلقة جديدة في مسلسل استهداف المحامين الفاضحين لانتهاكات الانقلاب والمتصدين للدفاع عن الحقوق والحريات".
وجددت التنسيقية في بيان، "رفضها محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية في خرق واضح للدستور والمعاهدات والمواثيق الدولية".
وأكدت أن "هذه الإحالات المتكررة للمحامين منذ 25 تموز/ يوليو لن تفتّ في عضد المحامين المناهضين للانقلاب، ولن توهن عزيمتهم في فضح ممارساته، ولن تزيدهم إلا ثباتا وإصرارا على أداء رسالة المحاماة".
اقرأ أيضا: مخلوف يكشف في مقابلة مع "عربي21" تطورات الوضع بتونس
"الجهاز السري"
طلبت وزيرة العدل التونسية، ليلى جفال، من محكمة الاستئناف بتونس، الإذن للمحكمة الابتدائية بفتح تحقيق والقيام بما يلزم من تتبعات بخصوص ما عرف بـ"الجهاز السري" لحركة النهضة.
وجاء هذا الطلب بناء على شكاية تقدم بها أحد أعضاء فريق الدفاع في قضيتي شكري بلعيد ومحمد البراهمي، الذين تم اغتيالهما سنة 2013، لوزيرة العدل بصفتها رئيسا للنيابة العامة.
وتأتي هذه الخطوة بعد انتقادات لاذعة وجهها الرئيس التونسي قيس سعيّد، الخميس، إلى القضاء، الذي اتهمه بتبرئة أشخاص ثبتت إدانتهم في قضايا إرهابية، بحسب قوله.
وصرح فريق الدفاع عن بلعيد والبراهمي، في وقت سابق بأن هناك وثائق وأدلة تفيد بأن حركة النهضة تمتلك جهازا سريا أمنيا موازيا لجهاز الدولة، وهو ما تنفيه الحركة تماما.
قرض ألماني
وفي سياق آخر، أكد السفير الألماني لدى تونس بيتر بروغل، الجمعة، أن بلاده ستقوم في الأيام المقبلة بصرف قرض ترويجي لتونس بقيمة 100 مليون يورو، لمساعدتها على تنفيذ إصلاحات في القطاع المصرفي والمالي.
وأوضح بيان صادر عن السفارة الألمانية أنه كان قد "تم الاتفاق عام 2020 على هذا القرض الترويجي (113 مليونا و443 ألف دولار) من بنك التنمية الألماني".
وتعيش تونس على وقع أزمة سياسية حيث بدأ الرئيس التونسي قيس سعيّد، سلسلة من التدابير الاستثنائية منذ 25 تموز/ يوليو الماضي، فأعلن تجميد اختصاصات البرلمان، ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه للنيابة العامة، وعزل الحكومة وتعويضها بأخرى غير مصادق عليها من قبل البرلمان.
وفي 22 أيلول/ سبتمبر، قرر سعيّد تعليق العمل بأغلب فصول الدستور، فضلا عن مواصلة تعليق أعمال البرلمان، وإلغاء الامتيازات الخاصة بأعضائه، وتعطيل عمل بعض الهيئات الدستورية.
وتعمقت الأزمة بتونس بعد إعلان الرئيس، في 13 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، عن تنظيم انتخابات تشريعية وفق قانون انتخابي جديد يوم 17 كانون الأول/ ديسمبر 2022، وعرض مشاريع تعديلات دستورية لصياغة دستور جديد على الاستفتاء في تموز/ يوليو القادم.
طبيب البحيري يتحدث لـ"عربي21" عن وضعه الصحي الحرج
أول تعليق لسعيد على وضع البحيري.. وسط تضامن حقوقي دولي
محكمة تونسية تدحض اتهامات الداخلية.. ودفاع البحيري يتهم