تشهد الساحة السياسية في لبنان حركة جديدة يأمل مراقبون أن
تكون نقطة تحول نحو بداية حلحلة الأزمة المركبة التي تتفاقم منذ ما يقرب سنتين على
المستويات كافة، الاقتصادية، السياسية وحتى الأمنية.
بينما تتجه الأنظار
إلى ما توصف بمبادرة خليجية- أوروبية بوساطة كويتية من خلال مبادرة أماط اللثام عنها
وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح الذي زار لبنان الأسبوع المنصرم،
الذي قدم ما وصفه بـ"مقترحات" لإعادة الدعم العربي والأوروبي للبنان في حال
موافقة الحكومة اللبنانية عليها وفق ما صاغته وأجمعت عليه دول عربية ودولية وأبرزها
المملكة العربية السعودية والإمارات وفرنسا وموافقة الإدارة الأمريكية.
وتتلخص المقترحات بتشديد الضوابط على الصادرات اللبنانية
إلى دول الخليج، والتعاون الأمني بين الأطراف لمنع تهريب المخدرات، وتطبيق قرارات الشرعية
الدولية ومنها القرار 1959 الذي ينص على منع دور الميليشيات المسلحة وهو ما يرمز به
إلى حزب الله.
وأشارت مصادر مطلعة لـ"عربي21" إلى أن المطلب الأساس
هو تقزيم دور حزب الله ونبذه داخليا لإعادة أولى "خطوات الثقة الدولية بلبنان"،
في حين يراها كثيرون بأنها محاولة لمحاصرة وعزل حزب الله حتى من قبل حلفائه ومنهم رئيس
الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي والذي التقاه الوزير الكويتي، وعلى ما يبدو فإن
الرد اللبناني الرسمي على "المبادرة" سيأتي عبر وزير الخارجية اللبناني عبد
الله بو حبيب الذي يزور الكويت في نهاية الشهر الحالي.
ثوب كويتي لمبادرة "دولية"
ورأت المختصة في الشؤون العربية والدولية الدكتورة هدى رزق
أن المبادرة التي وصفتها بأنها خليجية بامتياز هي "محاولة ضغط على لبنان من خلال
تقديم مغريات اقتصادية"، ولفتت في تصريحات لـ"عربي21" أن الإدارة الفرنسية
طلبت من المسؤولين السعوديين تقديم مساعدات ودعم اقتصادي للبنان الذي يكابد أزمات مالية
خانقة تتصاعد يوما بعد آخر، فيما طرحت الرياض بمشاركة الدول الخليجية شروطا لفتح باب
المساعدة لبيروت"، وأضافت: "شهدت المرحلة السابقة دورا أمريكيا لترميم المواقف
الخليجية المتباينة من خلال ترطيب الأجواء بين قطر والسعودية والإمارات والبحرين وهذا
ما أتاح إعادة الزخم للموقف الخليجي من الأحداث السياسية المختلفة لا سيما الوضع اللبناني،
ويأتي دور الكويت الأخير بمباركة خليجية ودعما لوساطتها لما لها من علاقات وسطية مع
كافة الأطراف في لبنان في إطار السعي لنزع ورقة تدخل حزب الله بمصالح مجلس التعاون الخليجي
من يد طهران".
وأشارت إلى أن "الحوار السعودي- الإيراني وصل إلى حائط
مسدود في الموضوع اليمني تحديدا بعد تنصل طهران من قوة تأثيرها على الحوثيين ومطالبتها
الرياض بالتفاوض المباشر معهم لحل الأزمة الإيرانية".
واعتبرت رزق أن العنوان المهم للمرحلة هو "حملات الضغوط
المتعددة الاتجاهات لتحقيق أهداف الدول المعنية، وتحديدا في اليمن عسكريا ولبنان سياسيا
من خلال وضع الدولة اللبنانية أمام خيار الرضوخ للقرارات الدولية والإذعان لرغبة المجتمع
الدولي بتحييد حزب الله عن واجهة التحكم بالقرار اللبناني، أو البقاء في دوامة الأزمات
الاقتصادية الصعبة وبالتالي مواجهة المصير المظلم والمجهول"، مشددة على أن "ورقة
اللبنانيين العاملين في الخليج والبالغ عددهم قرابة 300 ألف وضعت في ملف الضغوط على
لبنان".
اقرأ أيضا: الكويت تسلم لبنان ورقة مطالب خليجية.. ومهلة للرد
مؤتمر دولي
وتحدث الكاتب والمحلل السياسي جورج علم عن "مبادرة أممية
تؤيدها واشنطن وباريس ومباركة خليجية وعربية بواجهة وساطة كويتية، وهي ستكون بمثابة
حجر أساس لمؤتمر دولي لحل الأزمة اللبنانية".
وأوضح في تصريحات
لـ"عربي21" بأن "فحوى المبادرة مهدت له قمة جدة بين ولي العهد السعودي
محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حيث وردت بنودها في البيان الختامي
لزيارته، وهو ما اتضح أكثر خلال جولة الأمير ابن سلمان وكذلك القمة الخليجية الأخيرة
حيث حضر الملف اللبناني بقوة، وأعتقد أنها تتناغم مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة
إلى بيروت".
وحول دور لبنان الرسمي من الحركة السياسية الجديدة تجاهه،
قال: "ثمة قناعة دولية بأن لبنان الرسمي غير قادر على الإيفاء بشروط المبادرة
نظرا إلى غياب التوازنات الدقيقة في المشهد السياسي اللبناني، وبفعل غلبة طرف على آخر،
ولذلك فإن المستجد فقط هو بداية مسار تجاه رؤية دولية واقعية لحل المعضلة في لبنان".
وتابع: "ليس
بوسع اللبنانيين أخذ المبادرة بأنفسهم في ظل هيمنة سلاح حزب الله"، وتساءل:
"كيف يستطيع اللبنانيون تحقيق مطلب حياد لبنان وهو ما طالب به سابقا المطران الماروني
بشارة الراعي وتم تخوينه من قبل مؤيدين لحزب الله، وكيف تطبق القرارات الأممية في ظل
رفض الحزب الحديث عن أي مساس بسلاحه".
وحمل علم حزب
الله المسؤولية عن تردي علاقات لبنان مع محيطه العربي، قائلا: "تصدير المخدرات
إلى دول الخليج ورطنا في تعميق الأزمة مع الخليجيين، وزاد من قناعة المجتمع الدولي
بأن لبنان مُصَادر من قبل الثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله) تحت مظلة إيرانية، ولذلك
فإن المعالجة إن حدثت فسيكون طهاتها من خارج لبنان وليس وفق معادلة (صنع في لبنان)،
وما يدور من حديث حول التعويل على التغيير الذي قد تفرزه الانتخابات المقبلة غير واقعي،
حيث أن النتائج في حال صبت مع تطلعات حزب الله ستُبقي الوضع على ما هو عليه وفي حال
خسارة الحزب فإن فائض القوة لديه يدفعه إلى عرقلة الحركة السياسية وهو ما حدث بالفعل
سابقا".
هل تحرز مبادرة الجزائر تقدما في ملف المصالحة الفلسطينية؟
فلسطينيو لبنان.. كارثة ومعاناة واتهامات لـ"أونروا" بالتقصير
ما مصير تحالف حزب الله مع "التيار الحر" بعد تصريحات باسيل؟