رفع المصريون في ثورة "25 يناير 2011" شعار "عيش، حرية، عدالة اجتماعية" بعد أن شاع الفقر والقمع والظلم في البلاد لعقود، ورغم محاولات المجلس العسكري الحاكم الذي أدار البلاد لعام ونصف الالتفاف على مطالب الثورة إلا أنه اضطر لتسليمها إلى أول رئيس مدني منتخب منتصف عام 2012.
وبدأت أول
حكومة منتخبة من الشعب، برئاسة الرئيس الراحل الدكتور محمد مرسي، العمل على برنامج
إصلاح اقتصادي واجتماعي واسع حيث بدأ بما يحتاجه الفقراء ومحدودو الدخل من خلال
تحسين منظومة الدعم وخاصة التموين والارتقاء بجودته وتقديم خبر يليق بالمواطنين،
ثم تحسين أجور الموظفين، وأخيرا تبني مشروعات قومية كبيرة.
ولكن القوات
المسلحة المصرية لم تمهل "حكومة الثورة" كثيرا؛ حيث قامت بتدبير
انقلاب عسكري بقيادة وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي، ودعم بعض الأحزاب
المدنية التي لم تنجح في أي استحقاق انتخابي إلى جانب دعم الشرطة والقضاء.
وأخذ السيسي
على عاتقه العديد من الوعود على رأسها تحسين مستوى معيشة المصريين حيث وعد عام
2014 قبل أن يتولى مقاليد الحكم أن يجعل المصريين أغنياء، وفي العام التالي 2015
دعا المصريين للصبر لعامين فقط، ثم طلب مهلة 6 شهور، ثم عاد وأعاد الكرة في
السنوات التالية ووعدهم بأنهم سوف يروا "العجب العجاب"، ثم تعهد بأن
تكون مصر في منطقة أخرى من الرفاهية والغنى عام 2020.
ومع زيادة
الوعود زادت معاناة المصريين يوما تلو الآخر، وفشلت كل وعود السيسي في تحسين مستوى
المصريين بل زاد الفقر والقمع والظلم، وباتت الأمور، بحسب خبراء ومختصين في
تصريحات لـ"عربي21" تدار بشكل أسوأ ما جعل البلاد والمواطنين في مهب
الريح نتيجة السياسات الاقتصادية والأمنية والسياسية المجحفة والمتفردة.
تكريس حكم القلة
يقول خبير الاقتصاد
السياسي، مصطفى يوسف، "إن انقلاب ضباط دولة يوليو على ثورة 25 يناير هو من
أجل تكريس حكم وسيطرة القلة (الأوليغارشية Oligarchy)
محصورة بيد قادة الجيش المصري والدولة العميقة مثل الجهاز الأمني والقضاء ورجال
الأعمال الموالين، وهو ما يسمى باحتكار القلة؛ وبالتالي لن تعمل أي حكومة من داخل
هذا النظام على تحقيق شعار الثورة".
وأوضح
لـ"عربي21": "إلى جانب ذلك، فإن نظام السيسي يقوم بتنفيذ أجندة
الدول الإقليمية مثل الإمارات والسعودية وإسرائيل، والولايات المتحدة، من خلال
تقزيم دور مصر التاريخي، والتفريط في مقدراتها وثرواتها وأهدرت عشرات مليارات
الدولارات بل أهدرت أمن مصر القومي كما في بيع جزيرتي تيران وصنافير".
وأضاف خبير الاقتصاد السياسي أن "ما فعله نظام السيسي يجعل من الصعب إصلاحه بعد سنوات من البقاء في السلطة، حيث أصبح على سبيل المثال نهر النيل، شريان الحياة في مصر، في يد إثيوبيا والدول الداعمة لها مثل إسرائيل والإمارات، وشرقا قام السيسي بتفريغ شمال سيناء وجعلها تحت إدارة تل أبيب، وشمالا قام بالتنازل عن حقول مصر من الغاز من أجل ترسيم الحدود، وغربا تحالف مع المرتزقة في ليبيا".
وأكد يوسف أن
"تركيز الاقتصاد في يد شركات الجيش وحفنة من رجال الأعمال الموالين الفاسدين،
لا يتناسب مطلقا مع شعب يريد العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، كما لا يوجد أي
دعم حقيقي للصناعات والمشروعات الصغيرة، أو دعم الفقراء ومحدودي الدخل، أو زيادة
الإنفاق على الصحة والتعليم، بل ما نراه أنها - وعلى لسانه - تحولت إلى دولة
متسولة، تجاوزت ديونها 550 مليار دولار محليا وخارجيا، وترتب على ذلك إفقار
الناس".
اقتصاد مضلل لا يعكس الواقع
من جهته؛ قال
أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، الدكتور أحمد خير الله، إن "شعار الثورة اختزل
كل مطالب المصريين في جملة قصيرة، وكان يعكس طموحات وتطلعات الملايين ورغبتهم في
استعادة خيرات بلادهم المهدرة والمنهوبة من قبل حفنة من المنتفعين، في ظل فساد
واسع كان منهجا واضحا في عموم الدولة المصرية".
وأرجع في
تصريحات لـ"عربي21" إخفاق الحكومات المتتالية في تحسين مستوى معيشة
المصريين إلى أن "النظام لم يضع في نصب عينيه مسألة رفع الفقر عن كاهل
المصريين، بل زاد الفقر وفق الأرقام الرسمية من نحو 25% إلى 32% قبل أن تزعم
تراجعه إلى نحو 30%، رغم التشكيك في حقيقة هذه الأرقام، ما يعني وجود أكثر من 30
مليونا تحت خط الفقر في مصر".
وأكد الخبير
الاقتصادي: "وفق رؤيتنا للوضع الاقتصادي في مصر؛ فإن هناك فجوة واضحة بين الوضع
الاقتصادي الحقيقي للمواطنين وبين الأرقام والبيانات التي تعلنها الحكومات المصرية التي لا تعبر عن الواقع بأي حال من الأحوال، وتركزت جهود الحكومات على تشديد القبضة
الأمنية وقمع المعارضين، غالبية مشروعات النظام لا علاقة لها بالتنمية الحقيقية
التي هي بعيدة كل البعد عن مركزها الرئيسي وهو المواطن المصري وحقه في العيش بحرية
كاملة لبناء هذا الوطن".
هكذا تفاعل المصريون مع الذكرى الـ11 لثورة 25 يناير
السيسي يحيي ثورة 25 يناير لأول مرة.. ماذا قال عنها سابقا؟
أسرة "أيقونة ثورة يناير" لـ"عربي21": لن يفلت أحد من العقاب