نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا يتحدث عن التصوير السري، الذي يظهر التعذيب في قسم شرطة القاهرة.
وقالت الصحيفة
في تقريرها الذي ترجمته "عربي21" إن الشريط المصور الذي حصلت عليه "يظهر،
الشرطة المصرية وهي تعذب المحتجزين في أحد أقسام الشرطة بالقاهرة، ويشير إلى المدى
الذي يستطيع فيه الضباط ممارسة العنف ضد المدنيين مع الإفلات الكامل من العقاب،
حسب منظمات حقوق الإنسان".
وأضافت:
"يظهر الشريط المصور الذي سجله أحد المحتجزين بشكل سري عبر باب زنزانته،
نزيلين في أوضاع غير مريحة، وهما عاريان من الخصر إلى الرأس ومعلقين بسلك معدني من
أذرعهم المقيدة خلف ظهورهم".
اقرأ أيضا: 11 عاما على "25 يناير".. هل المصريون بحاجة لثورة جديدة؟
وسُمع أحد المحتجزين وهو يقول: "شاهدوا كيف يعذبوننا نحن وزملاءنا، جاءوا وقالوا لنا الدور سيأتي عليكم"، ويخاطب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بقوله: "سيدي الرئيس، نريد أن نسأل لماذا تفعل الشرطة في مركز شرطة السلام هذا بنا"، ويعتقد أن الشريط هو واحد من اثنين سجلا العام الماضي في مركز شرطة السلام بشمال القاهرة.
وفي الشريط
الثاني الذي لن تعرضه الصحيفة لحماية هوية المعتقلين، اصطف المعتقلون لإظهار
الجراح التي عانوا منها في الزنزانة المزدحمة وأصيبوا بها أثناء تحقيق المسؤولين
والمحققين معهم، بما في ذلك جراح مفتوحة على رؤوسهم وأيديهم وكدمات على صدورهم
وظهورهم، وقالوا "لقد ضربونا بالعصي".
وتقول جماعات
حقوق الإنسان إن مقاطع الفيديو هي دليل مرئي على الانتهاكات واسعة النطاق التي
وثقوها في أقسام الشرطة ومراكز الاحتجاز في جميع أنحاء مصر على مدى العقد الماضي.
وأضافت
الصحيفة أنها قامت بخطوات للتأكد من صحة أشرطة الفيديو قدر الإمكان، بما في ذلك
الطلب من خبير موثوق لتقييم الفيديو، كما ذكر المعتقلون أسماء ضباط شرطة وردت أسماؤهم
في تقارير إخبارية كعاملين في المركز الأول لشرطة السلام.
وبدأت أشرطة
الفيديو التي وثقت وحشية الشرطة بالظهور قبل 12 عاما وبعد وفاة الناشط خالد سعيد، (28
عاما) أثناء اعتقاله بمركز شرطة بالإسكندرية بحزيران/ يونيو 2010، حيث كانت وفاة
سعيد نقطة تحول أثارت غضب الرأي العام من تصرفات الشرطة التي لا تخشى من العقاب
ومعاملتها للمدنيين المصريين، وهو ما أدى لاحتجاجات بدأت في 25 كانون الثاني/ يناير 2011، في يوم الشرطة الذي تكرم فيه الدولة قوات
أمنها.
وقادت
الاحتجاجات التي استمرت 18 يوما إلى رحيل حسني مبارك، وبعد مرور 11 عاما على هذه الأحداث تظهر الشهادات والأدلة التي
جمعتها منظمات حقوق الإنسان أن انتهاكات قوات الأمن المصرية خرجت عن السيطرة.
ومنذ وصوله
إلى الحكم عام 2013 قاد السيسي عهدا جديدا من حصانة قوى الأمن المصرية وإفلاتها
من العقاب، ومن أعلى الهرم إلى الصفوف الدنيا في الشرطة، وعلى الرغم من الحظر
الواضح على جميع أشكال التعذيب في الدستور المصري لعام 2014، إلا أن محاكمات
وإدانات مسؤولي الأمن بالتعذيب أو القتل أثناء الحجز لا تزال نادرة للغاية، رغم
توثيق الانتهاكات بانتظام.
وتواجه
المنظمات المحلية التي تراقب التعذيب والانتهاكات أثناء الاحتجاز المزيد من
المصاعب في مواصلة عملها، وسط حملة مستمرة من الضغط على نشاط المجتمع المدني.
وتنقل الصحيفة
عن علي حسين مهدي، المعتقل السابق والناشط الذي يعيش في المنفى الآن، قوله إن "مراكز الشرطة أسوأ من السجون،
لقد اندلعت الثورة احتجاجا على ما كان يجري في أقسام الشرطة، وبعد 11 عاما نرى أن
ما كان يجري سابقا يتكرر مرة أخرى".
وقال عمرو
مجدي، الخبير في الشؤون المصرية في "هيومان رايتس ووتش" الذي طلبت منه
الصحيفة مراجعة مقاطع الفيديو إن
"إصابات المعتقلين واستخدام الأوضاع غير المريحة تتفق مع أمثلة موثقة عن
التعذيب في مراكز الاحتجاز، ظهرت على الضحايا جميعا علامات الضرب المبرح، وذكروا
أنهم تعرضوا للضرب بالهراوات والعصي الخشبية التي تعتبر أدوات تعذيب
روتينية".
وأضاف مجدي: "نعلم أن معظم التعذيب الجسدي يحدث في مراكز الشرطة ومراكز الاعتقال السرية
التابعة لجهاز الأمن الوطني خلال الأيام أو الأسابيع الأولى من الاعتقال، وقبل نقل
المعتقلين إلى سجون أكبر".
ووصفت "هيومان
رايتس ووتش" استخدام الأوضاع غير المريحة والاستخدام المنهجي للتعذيب في
أقسام الشرطة في تقرير لها عام 2017 بأنه جريمة محتملة ضد الإنسانية، واستشهد
التقرير بـ19 حالة فردية تعرض فيها معتقلون للتعذيب في أقسام الشرطة ومقرات الأمن
الوطني في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك الإسكندرية وأسوان ومدن في دلتا النيل.
وتضيف الصحيفة
أنه بالنسبة للبعض فقد عانوا من التعذيب عدة مرات أثناء الاحتجاز، وقالوا: "كانت الأدوات الأساسية للتعذيب هي الصعق بالكهرباء والأوضاع غير المريحة
المصحوبة بالضرب بقبضات اليد أو بالعصي الخشبية أو بالقضبان المعدنية".
وأضافوا أن
ضباط الشرطة وجهاز الأمن الوطني قاموا "بتقييد أيدي المشتبه بهم خلف ظهورهم
بالقيود ورفعوا أذرعهم وربطوا القيود بالحافة العلوية للأبواب بحيث بات المعتقلون
معلقين في الهواء، وهو وضع غير طبيعي تسبب في آلام مبرحة في الظهر والكتفين، وأدى
في بعض الأحيان إلى خلع الكتف، وقام بعض الضباط بشد ساقي المشتبه به إلى أسفل
لزيادة الألم، وغالبا ما يترك المعتقلون في أوضاع غير مريحة لفترات طويلة".
ووثقت منظمات
حقوق الإنسان حالات الوفاة المتكررة بين المعتقلين، وفي 2015 قدمت منظمة
"أمنستي إنترناشونال" أدلة عن تسع وفيات في مركز شرطة المطرية بالقاهرة،
وقبل ثلاثة أعوام طالبت بتحقيق بظروف وفاة جمال عويضة أثناء اعتقاله بمنشية ناصر.
ولم تتم
محاكمة ضباط الشرطة لاستهدافهم المدنيين إلا في حالات نادرة، وفي عام 2016 أمر
السيسي وزارة الداخلية بمنع الانتهاكات التي تمارسها الشرطة بعد الشجب لعملية قتل
سائق سيارة أجرة، وفي العام الماضي أدين ضابط شرطة في مركز السلام لإطلاقه النار
على مدني وقتله وجرحه آخر، حيث حكم عليه بالسجن لمدة 3 أعوام مع الأشغال الشاقة.
لكن محاكمة
الضباط عن الوفيات أثناء الاعتقال تظل نادرة، حتى بالنسبة للضباط الصغار، وتم سجن
أربعة ضباط صف لتعذيبهم سجينا حتى الموت في عام 2020، وتم سجن تسعة ضباط شرطة
بالسجن مدة 3 أعوام بعدما ضربوا بائعا متجولا حتى الموت عام 2016، ولم تتلق
الصحيفة أية تعليقات لا من وزارة الداخلية أو خدمة المعلومات الرسمية حول المعلومات
الواردة في تقريرها.