أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد مرسوما، يقضي بمنح عفو عام عن كامل العقوبة لمرتكبي جرائم الفرار الداخلي والخارجي "المنشقين"، قبل تاريخ 25 يناير/ كانون الثاني 2022.
وبحسب رئاسة الجمهورية التابعة للنظام،
يقضي المرسوم رقم 3 لعام 2022 بمنح عفو عام عن كامل العقوبة لمرتكبي جرائم الفرار
الداخلي المنصوص عليها في المادة 100 من قانون العقوبات العسكرية الصادر بالمرسوم
التشريعي رقم 61 لعام 1950 وتعديلاته، وعن كامل العقوبة لمرتكبي جرائم الفرار
الخارجي المنصوص عليها في المادة 101 من قانون العقوبات العسكرية الصادر بالمرسوم
ذاته.
ولا تشمل أحكام المرسوم "المتوارين
عن الأنظار والفارين عن وجه العدالة إلا إذا سلموا أنفسهم خلال 3 أشهر بالنسبة
للفرار الداخلي، و4 أشهر بالنسبة للفرار الخارجي".
تحذيرات حقوقية
حذرت عدة منظمات حقوقية سورية من مخاطر
العفو الجديد الذي أصدره رئيس النظام السوري بشار الأسد، باعتباره "مصيدة
للمنشقين الذين فضلوا إلقاء السلاح عن المشاركة في قتل السوريين، لا سيما وأن
معتقلات النظام ملئية بآلاف المعتقلين العسكريين".
اقرأ أيضا: هل يمكن للتقارب العربي مع نظام الأسد أن يوقف تدفق المخدرات؟
وأصدرت هيئة القانونيين السوريين بيانا حذرت فيه العسكريين المنشقين أو المتخلفين عن الخدمة من الوقوع في فخ مرسوم العفو الأخير الذي أصدره بشار الأسد، باعتباره "فخا قد يوصلهم إلى حبل المشنقة أو القتل رميا بالرصاص، ويحمل في طياته رسالة للمنشقين أن العودة لحضنه خير من المحاكمات في أوروبا".
وقال عضو الهئية المحامي عبد الناصر
حوشان، إن "هذا العفو ليس الأول ولن يكون الأخير فقد سبقه حوالي عشرة قوانين عفو
عن ذات الجرائم خلال السنوات العشر الماضية، وكان للأسف هناك من صدّق هذا النظام
المجرم، وفي كل مرة يتورط عدد من الشباب ممن يعيش ذووهم في مناطق النظام بتسليم
أنفسهم وخصوصا القادمون من لبنان وتركيا".
وأضاف في تصريحات لـ"عربي21"
أنهم في الهيئة وثقوا "حالات اعتقال لكثير من المنشقين أو الهاربين من
الخدمة الإلزامية، من قبل مخابرات النظام وقد لقي البعض حتفهم تحت التعذيب وبعضهم
ما زال مفقودا"، مشيرا إلى أنه من نجا منهم تم إطلاق سراحه مقابل مبالغ مالية
طائلة، ومن ثم سوقهم إلى الخدمة العسكرية للقتال في الصفوف الأمامية ضد المعارضة
المسلحة.
وقال حوشان في معرض رده عند سؤالهم عن
أسباب إصدار البيانات التحذيرية من وعود النظام السوري، إنه "من واجبنا تبيان
مخاطر الوعود الكاذبة، وتحذير الشباب من الوقوع في مصيدة النظام"، مشددا على
أن مخاطر العفو الأخير تكمن في أن جرم الفرار في القانون العسكري السوري لا ينحصر
فقط بالمادتين 100 و101 واللتين تتعلقان
بجرم الفرار الداخلي والفرار الخارجي. وإنما
هناك أنواع أخرى من الفرار لم يتم توضحيها من قبل النظام السوري.
من جانبه يرى المحامي موسى الهايس، رئيس
المنظمة العربية الأوربية لحقوق الإنسان والتي تتخذ من فرنسا مقرا لها، أن قرار
العفو الأخير يوضح مدى "ضعف منظومة نظام الأسد وإفلاسها في الحسم
العسكري".
وقال الهايس لـ"عربي21" إن
"النظام الفاقد للشرعية كعادته يصدر المراسيم لخطب ود حاضنته المهزومة التي
بدأت تترهل وتشكك بمقدرته على حسم المعركة،
ولإظهار نفسه أنه ما زال يمتلك الشرعية".
وأضاف: "المتابع لمراسيم النظام كلها
يرى أنها تكاد تركز على خدمة العلم أي الجندية الإجبارية، وهذا المرسوم جاء خاصا
للفارين منها، ما يدل على إفلاس النظام في إقناع حاضنته بالانخراط بحربه ضد شعبه وتطلعه
لحشد الآخرين ممن هم خارج حاضنته، وهذا دليل على حاجته للمزيد من الجنود في حربه
ضد السوريين".
يتفق المحامي عمار عزالدين مدير رابطة المحاميين السوريين الأحرار في هاتاي على أن "هدف النظام السوري من مرسوم العفو هو سوق أعداد إضافية من الشبان لأداء الخدمة العسكرية ولزجهم في أما المعارك التي يخطط لخوضها لإكمال مسلسل قتله و إجرامه بحق الشعب السوري أو للحفاظ على المناطق التي تم السيطرة عليها مسبقا من قبل جيشه والمليشيات الداعمة له حيث شمل المرسوم المتخلفين عنالخدمة الإلزامية والاحتياطية، ويأتي هذا في ظل نقص في الخزان البشري خاصة أن الخزان البشري الذي كان يعتمد عليه النظام من المليشيات الداعمة له أصبحت تشكل عبء اقتصادي كبير عليه".
وأضاف عزالدين
لـ"عربي21" أن سبب نقص المقاتلين في قوات النظام يعود إلى "هجرة الشباب القابعين في مناطق سيطرته أو حتى المؤيدون لنظامه خارج سوريا ويأتي
ذلك نتيجة للانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد وتفشي
البطالة وتردي الخدمات الحيوية التي تقدمها حكومة النظام من
كهرباء وانترنت مما ينعكس سلبا على مستوى معيشتهم
وتعليمهم".
وتابع:
"أيضا هدف المرسوم هو الترويج السياسي والإعلامي للمصالحة و
العفو أمام المجتمع الدولي والدول التي تحتضن اللاجئين وهنا تكمن الخطورة فيسعى نظام
الأسد منذ وقف العمليات العسكرية أو إنشاءمناطق خفض التصعد وفقا للتفاهمات الدولية"، مشددا
على أن "هنالك عشرات التقارير الدولية مع كل الترويج
الذي يقوم به النظام السوري بموضوع المصالحات ومراسي مالعفو إلا أن هنالك تقارير دولية لمنظمات حقوقية توثق اعتقالات النظام للمهجرين العائدين لسورية وإخفائهم قسرا وتعرض قسم
منهم للقتل، والاغتصاب والتعذيب الجسدي والنفسي".