أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد، مساء الاثنين، أن "المجلس الأعلى للقضاء قد تم حله"، وأن المرسوم بخصوص ذلك أصبح "شبه جاهز".
وقال إن "قرار الحل جاء لوقف المهازل ضد من اعتبر القضاء طريقا لتحقيق مكاسبه الشخصية"، مؤكدا أن "المجلس الأعلى للقضاء انتهى ولا بد من وضع مرسوم لحله في أقرب الآجال".
وأضاف الرئيس التونسي: "أريد أن أطمئن الجميع أنني لن أتدخل في القضاء".
النهضة ترفض
حركة النهضة أصدرت بيانا تعليقا على قرار حل المجلس الأعلى للقضاء، عبرت فيه عن "رفضها القاطع لهذا القرار اللادستوري والرامي إلى استحواذ رئيس الجمهورية على مرفق العدالة والتحكم في مفاصله من أجل استخدامه كأداة لتصفية الخصوم السياسيين، وإغلاق الفضاء العمومي، وتركيز منظومة للحكم الفردي المطلق".
وأكدت في البيان الي وصل "عربي21" نسخة منه "أن القضاء سلطة مستقلة ويسهر المجلس الأعلى للقضاء على توفير ضمانات حيادها وتمثل بذلك أحد أهم أعمدة البناء الديمقراطي، وأن القانون الأساسي لهذه المؤسسة الدستورية حظي بتوافق عريض حتى من بعض الأحزاب التي كانت ممثلة بالبرلمان السابق والتي تقف اليوم مساندة لقرار حله وإلغائه في سلوك انتهازي داعم لمسار تركيز الدكتاتورية الناشئة وخيانة العقد الدستوري ومخالفة صريحة للمواثيق والأعراف الدولية".
وقالت إنها "عازمة على خوض كافة أشكال النضال المدني السلمي إلى جانب كل الأطراف الحزبية والمدنية وعموم أحرار الشعب التونسي من أجل إسقاط هذا القرار الجائر، ودعوتها إلى الكف عن التجييش والتحريض ضدّ القضاة، خاصة بعد وصول تهديد بالتصفية لرئيس المجلس الأعلى للقضاء،كما تطالب القوات الأمنية بتوفير الحماية اللازمة له ولكل القضاة، وتحمّل الرئيس مسؤولية أي مساس بكرامة القضاة وحقوقهم وسلامتهم الجسدية".
وأكدت "أن الفصل بين السلطات واستقلالية السلطة القضائية مكسب دستوري لا رجوع عنه البتة، وأن ما قام به رئيس الجمهورية يمثل خروجا تاما عن الدستور وضربا لما تبقى من شرعيته المهترئة، في ظل العجز التام عن إدارة دواليب الدولة وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين وحفظ كرامتهم".
قلق أمريكي وأممي
في حين أعربت الولايات المتحدة، الاثنين، عن "قلقها العميق" إزاء حل الرئيس التونسي قيس سعيد المجلس الأعلى للقضاء.
وجاء ذلك على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس.
وأوضح برايس للصحفيين أن "القضاء المستقل يعد عنصرا جوهريا لأي ديمقراطية فعالة وشفافة".
وقال إنه "ينبغي أن تفي الحكومة التونسية بالتزاماتها باحترام استقلال القضاء، وفق الدستور".
كذلك، أعربت الأمم المتحدة، عن قلقها لـ"عدم احترام السلطات القضائية بتونس"، وذلك على خلفية إعلان الرئيس، قيس سعيد، اعتزامه حل المجلس الأعلى للقضاء.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده فرحان حق، نائب المتحدث باسم أمين عام الأمم المتحدة، بالمقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك.
وقال المسؤول الأممي: "نراقب ما سيحدث على الأرض في تونس، ومن الواضح أن الأمر سيكون مصدر قلق إذا لم يتم احترام السلطات القضائية من القوى السياسية الأخرى (دون تسميتها)".
وتابع: "بالطبع، هناك شيء واحد سنكون واضحين للغاية بشأنه وهو الحاجة إلى معاملة السلطات القضائية والنظام القضائي في البلاد معاملة عادلة ومحترمة، ونحن نريد من كل القوى السياسية هناك أن تلتزم بذلك".
سعيد يهاجم القضاة
وخلال لقائه رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان، نفى سعيد أن يكون راغبا في تجميع السلطات بين يديه، وقال: "لن أتدخل في أي قضية ولا في أي تعيين لكن الواجب اقتضى أن يتم وضع حد لهذه المهازل التي تحصل ونستمع إليها".
وفي تسجيل مصور بثته صفحة الرئاسة التونسية، أضاف سعيد: "لا أريد أن أتحدث عن عدد من الأسماء، لكن من اعتبر القضاء أداة لتحقيق مآربه الشخصية أو السياسية، فليعلم منذ الآن أنه لن يتمكن من التسلسل إلى قصور العدالة". دون أن يحدد أيا من تلك الأسماء.
وأضاف أنه يريد أن يكون هناك دستور، "ولكنه نابع من الإرادة الشعبية وليس دستورا كاللباس أو كالحذاء على مقاس من وضعوه"، وفق تعبيره.
وتحدث سعيد عن مجموعة من المراسيم التي ستعرض الخميس المقبل، على مجلس الوزراء، بينها مرسوم "جاهز" يتعلق بالصلح الجزائي، وتحدث عن ضرورة تشريع يتعلق بالتدقيق المالي في القروض التي حصلت عليها تونس، وأشار إلى أن من حق التونسيين أن يعرفوا مصير تلك الأموال والذين استفادوا منها.
اقرأ أيضا: "القضاة الشبان" بتونس: سندعو القضاة إلى إضراب عام مفتوح
وكان سعيد قرر الأحد، حلَّ المجلس الأعلى للقضاء، قائلا إنه "أصبح من الماضي" وأشار إلى أنه يعمل على وضع مرسوم مؤقت يتعلق بالمجلس.
وأصدر المجلس بيانا عبر فيه عن رفضه قرار حله "في ظل غياب كل آلية دستورية وقانونية تجيز ذلك".
وأعرب المجلس عن رفضه "المساس بالبناء الدستوري للسلطة القضائية والإهدار المفاجئ والمسقط لكافة ضمانات استقلالية القضاء في تقويض واضح للدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية المصادق عليها".
وصباح الاثنين، أغلقت قوات الأمن مقر المجلس ومنعت الموظفين والإداريين من دخوله.
اقرأ أيضا: تونس: إقفال مقر المجلس الأعلى للقضاء بالسلاسل
أكد رئيس المجلس الأعلى للقضاء بتونس يوسف بوزاخر، في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن قوات الأمن أغلقت مقر المجلس بسلاسل حديدية أمام أعضائه وموظفيه.
وقال بوزاخر إنه تم منع أي شخص من الدخول مع تمركز وحدات أمنية، ما منع أعضاء المجلس الأعلى للقضاء وموظفيه من أداء مهامهم.
وكشف بوزاخر أنه سيتم إجراء معاينة قانونية توثق المنع، وإثر ذلك سيكون الرد المناسب بعد التشاور.
وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد أعلن فجر الأحد من مقر وزارة الداخلية عن حل المجلس الأعلى للقضاء وأنه "بات من الماضي".
بدوره، قال رئيس الجمعية التونسية للقضاة الشبان مراد المسعودي، في تصريح لـ"عربي21": "اليوم أغلق المجلس، غدا تغلق المحاكم".
وأضاف: "قمنا بالتنسيق مع الهياكل وسيتم إيقاف العمل"، مؤكدا أنه "سيتم إصدر بلاغ يدعو إلى إضراب عام مفتوح للقضاة وعقد جلسة عامة استثنائية للقضاة".
بدورها، أعلنت مؤسسات وأحزاب رفضها لتوجه الرئيس قيس سعيد بحل المجلس الأعلى للقضاء، معربة عن تخوفاتها من سعي الأخير تكريس الحكم الفردي في البلاد، ودعت شخصيات تونسية للاصطفاف والوقوف في وجه القرارات الرئاسية والنزول الأحد القادم للمطالبة بعزله من رئاسة البلاد.
واستنكرت رئاسة مجلس النواب التونسي الأحد، في بيان ما اعتبرته "الإساءة المتواصلة منذ أشهر من قبل الرئيس قيس سعيد في حق المجلس الأعلى للقضاء، وما صحب ذلك من تحريض متواتر على السيدات والسادة القضاة".
والمجلس الأعلى للقضاء هو هيئة دستورية مستقلة من مهامها ضمان استقلالية القضاء ومحاسبة القضاة ومنحهم الترقيات المهنية.
اتحاد الشغل بتونس يرفض حوارا وطنيا دون سعيّد أو النهضة
قضاة لـ"عربي21": لن نسكت عن قرار سعيد بشأن الأعلى للقضاء
بيان متداول لـ"مجلس القضاء" بتونس يرفض المساس به