قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن لجان المقاومة هي الوسيلة السلمية البارزة ضد حكم العسكر في السودان، حيث تشكل شبكة كبيرة واسعة في مختلف مدن ومناطق البلاد، وتقود الاحتجاجات.
ولفتت الصحيفة، في تقرير ترجمته "عربي21"، إلى أن هناك مئات اللجان التي تنظم احتجاجات سلمية وتعقد اجتماعات في عدة مناطق بين سكان البلد، البالغ عدده 43 مليون نسمة. وتنظم الاجتماعات بشكل منظم؛ للاتفاق على الاحتجاجات، وكتابة الشعارات السياسية، ومناقشة موضوعات السياسة الاقتصادية، وحتى جمع النفايات.
ويلتزم أعضاء اللجان بالسلمية رغم أنهم دفعوا ثمنا باهظا، ففي حي كافوري في الخرطوم، علقت صورة امرأة و15 رجلا "شهداء" الانتفاضة من الحي، وهم من بين 79 شخصا قتلوا منذ سيطرة الجيش على السلطة نهاية العام الماضي.
ونقلت الصحيفة عن ريم سنيدة، المحاضرة في علوم البيطرة بجامعة الخرطوم قولها، إن "الناس هنا قتلوا وجرحوا وسجنوا؛ لمنعنا من التنظيم والاحتجاج، لكننا لن نتوقف".
ويقود لجان المقاومة شباب في أكثر الأحيان، ويلتقون في العلن، بالمحلات والمقاهي أو تحت الأشجار، ويرفضون لقاءات الغرف المغلقة أو القيادة من فوق إلى أسفل، ولهذا لا يوجد للجان قائد واحد، فهي لا مركزية، وتنظم احتجاجاتها بشكل مستقل، وتعلن عن مطالبها من خلال منصات التواصل، وعبر المنشورات والكتابات واللوحات الجدارية.
اقرأ أيضا: الأمن السوداني يقمع مظاهرة مطالبة بالحكم المدني (شاهد)
وبدت المواجهة بين الشعب والجنرالات في الشوارع، حيث نظمت اللجان 16 تظاهرة كبيرة منذ استيلاء الجيش على السلطة، وتخطط تلك اللجان لأربع تظاهرات في شهر شباط/ فبراير الجاري.
وفي واحدة من الأمسيات، تدفق المحتجون نحو محطات الباص والمتنزهات والساحات، وانطلقوا نحو القصر الجمهوري وهم يهتفون "ثورتنا سلمية". وواجهت قوات الأمن المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع؛ لمنعهم من الوصول إلى شارع القصر. ومع بدء تراجعهم، صرخ أحدهم: "الانسحاب مستحيل". وبحسب نقابة الأطباء السودانيين، فقد جرح أكثر من 2.000 شخص في هذه الاحتجاجات.
وقالت الصحيفة، إن من قتل منهم فقد أطلق الرصاص على رؤوسهم وصدورهم ورقابهم. وداهمت قوات الأمن المستشفيات، وأرعبت العاملين الصحيين، واعتقلت مرضى، حسب مقابلات مع الأطباء وشهود العيان. ولم يرد المجلس السيادي الذي يقوده الجنرال عبد الفتاح البرهان على مكالمات الصحيفة المتكررة لأخذ تعليق.
ولم يمنع القمع محتجين مثل أكرم الواثق، 29 عاما، الذي يقود التظاهرات بهتافاته وأشعاره الجذابة. وقال: "الديمقراطية هي حياة"، و"في الوقت الحالي، نحن مثل الموتى، وعلينا الخروج إلى الشوارع لاستعادة حياتنا".
وناشد والدته في أغنية احتجاج ألا تقلق عليه: "أريد دموعك أن تتحول إلى صلاة"، و"أرفض حكم العسكر، وأرفض حكم الجاهل". وعاش السودان موجة احتجاجات قبل 3 أعوام، عندما قاد المتظاهرون انتفاضة أنهت حكم عمر البشير. وأدى اتفاق بين الجيش والقوى المدنية إلى مرحلة انتقالية تقود في النهاية إلى حكم مدني، لكن أحلام الديمقراطية توقفت فجأة بانقلاب العسكر العام الماضي، وسجن رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك.
وعندما اتفق الأخير على صفقة مع الانقلابيين رفضها المتظاهرون، وهو ما دفعه للاستقالة الشهر الماضي. وردت الولايات المتحدة والمنظمات المالية الدولية على انقلاب البرهان بتعليق المساعدات المالية، بشكل بدد الآمال من خروج هذا البلد من عزلته الطويلة والعقوبات الأمريكية.
وقال بعض المشاركين في الاحتجاجات إن مشاركتهم منحتهم ضوء أمل في زمن قاتم. وقالت سنيدة، المحاضرة الجامعية، إنها شعرت بالكآبة بعد الانقلاب، وظلت في سريرها مدة أربعة أيام. إلا أن اللقاءات منحتها فرصة وهدفا نادرا.
وتقول الصحيفة إن اللجان تحولت إلى شبكة واسعة غير مترابطة، وتجاوزت العمر والطبقة والعرق، وانتشرت من المدن إلى الأرياف.
وبالإضافة إلى تنظيم الاحتجاجات، توفر اللجان خدمات للأحياء، تتراوح من جمع النفايات، وتوفير الفحوص الطبية، إلى مساعدة الطلاب في دروسهم. وعلا صوتها بشكل واضح، وطالبت بتحقيق العدالة لمن قتلوا أثناء الاحتجاجات المضادة للبشير.
ويرى مراقبون أن اللجان تواجه مع زيادة أعدادها وتأثيرها الكثير من التحديات. وقد تحاول الأحزاب السياسية أو قوى الأمن دمجها، إلا أن توزعها يزيد من صعوبة توحيدها.
بوليتيكو: موافقة أمريكية على نقل "البلطيق" أسلحة لأوكرانيا