حاول الرئيس التونسي قيس سعيّد، نفي تهمة الديكتاتور عنه، مستشهدا بعمره الذي وصل إلى 63 عاما، معتبرا أنه "ليس في هذا العمر أبدأ مسيرة الديكتاتور"، وفق اقتباس مشهور للرئيس الفرنسي السابق شارل ديغول.
ووصف سعيد نفسه بأنه "رجل حوار ومفاوضات"، رغم أنه يرفض أي حوار مع البرلمان والأحزاب والقوى السياسية في البلاد.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها للصحفيين أمام مقر اجتماع القمة الأفريقية-الأوروبية بالعاصمة البلجيكية، بروكسل.
وقال سعيد ردا على اتهامه بأنه ديكتاتور: "مثلما قال الجنرال ديغول، ليس في هذا العمر أبدأ مسيرة ديكتاتور".
اقرأ أيضا: قضاة تونس الإداريون يتحدون قرار سعيّد وينفذون إضرابا
وأضاف سعيّد: "ستكون هناك مخارج ومحادثات ومفاوضات، وأنا أستاذ قانون دستوري، ولا يمكن أن أكون إلا ضمن سياق دولة القانون والمؤسسات".
وحول ما سيطرحه في القمة التي يشارك بها، قال سعيد: "أنا أحضر هذه القمة؛ لأتحدث عن الأسباب التي أدت بنا لهذه الأوضاع، ولنتحدث عن وسائل جديدة يمكن أن نتجاوز بها هذه الأمور".
وتشهد تونس أزمة سياسية حادة منذ 25 تموز/ يوليو الماضي، حين بدأ سعيد بفرض ما أسماها إجراءات استثنائية منها: تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة، وتعيين أخرى جديدة، ما وصفته القوى السياسية والأحزاب بأنه انقلاب على الدستور وديمقراطية البلاد، من خلال احتكاره للسلطات.
وأضاف سعيد: "أكثر من 70 سنة والأوضاع تسوء، حصلنا على استقلالنا، ولكن لا بد أن يكون هناك تعاون على قدم المساواة مع الجميع بين جميع الأطراف".
السيسي يدعم سعيد
من جهته، أعلن رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، الخميس، دعمه لإجراءات وجهود سعيد في تونس، "لتجاوز التحديات وتحقيق الاستقرار في بلاده"، وفق قوله.
جاء ذلك خلال لقائهما، على هامش انعقاد قمة أوروبية إفريقية، في العاصمة البلجيكية بروكسل، وفق بيانين منفصلين للرئاسة المصرية والتونسية.
وأكد السيسي حرص بلاده على "الدفع قدما بأطر التعاون الثنائي مع تونس، والدعم المستمر للإجراءات وللجهود المبذولة من قبل الرئيس قيس سعيد، لتجاوز كافة التحديات وتحقيق الاستقرار والامن في البلاد".
وتطرق اللقاء إلى "التباحث حول سبل تعزيز أطر التعاون الثنائي بين البلدين، وتبادل الرؤى بشأن عدد من الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، بحسب بيان الرئاسة المصرية.
فيما أوضح بيان الرئاسة التونسية أن "سعيد والسيسي أكدا حرصهما على مواصلة متانة الروابط التاريخية، وعزمهما على ترسيخ الحوار والتشاور لدفع أقوى للعلاقات بين البلدين".
كما تناولت المباحثات "الملفات الثنائية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، والمحاور المطروحة في الدورة الحالية لقمة الاتحادين الأوروبي والأفريقي في بروكسل"، بحسب البيان ذاته.
اقرأ أيضا: تحذيرات لهيئة الانتخابات.. و"النقابات" الدولي: سعيد حاكم بأمره
انتقاد سياسة أوروبا
من جانب آخر، دعا الرئيس سعيّد، الخميس، على هامش انعقاد قمة أوروبية إفريقية، بالعاصمة البلجيكية بروكسل، إلى معالجة أسباب تردي الأوضاع في إفريقيا، وإعادة الثّروات والأموال المنهوبة من دول القارة.
وقال سعيد للصحفيين، وفق مقطع مصور نشرته الرئاسة التونسية على فيسبوك إن "إعادة الثّروات والأموال المنهوبة من دول إفريقيا إلى شعوبها، أمر ضروري في الوقت الذي تعيش فيه هذه الشعوب أوضاعًا متردية على مختلف المستويات".
وأوضح الرئيس التونسي أنه "سيكون نهجنا بناء علاقات جديدة بين دول الاتحادين الإفريقي والأوروبي عمادها النديّة والمصارحة.. لا يعقل أن يتواصل التعامل مع الدول الإفريقية بذات الطريقة".
وانتقد سعيد "تدخل دول،في إشارة للدول الأوروبية، في شؤون أخرى إفريقية، قائلا: "يتحدثون عن استقلال القضاء فيما يقومون بالتستر عن الجرائم ونهب ثروات الشعوب".
كما طالب الرئيس التونسي بـ"معالجة الأسباب الحقيقية للأوضاع المتردية اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا في قارة إفريقيا".
وتختتم القمة الأوروبية- الأفريقية التي انطلقت الخميس، أعمالها الجمعة، بحضور قادة وكبار مسؤولي حكومات أكثر مِن 50 دولة بالعالم، بهدف تعميق الشراكة بين الاتحادين الأوروبي والأفريقي، وإطلاق حزمة استثمارات إفريقية أوروبية.
"جبهة خلاص وطني"
في المقابل، دعا رئيس الهيئة السياسية لحزب "الأمل" التونسي، أحمد نجيب الشابي، الخميس، إلى تأسيس "جبهة للخلاص الوطني" تجمع التونسيين لإخراج البلاد من أزمتها السياسية.
جاء ذلك خلال تجمع لشخصيات سياسية وبرلمانية نظمته حملة "مواطنون ضد الانقلاب- المبادرة الديمقراطية"، مساء الخميس، في العاصمة تونس، تضامناً مع وزير العدل الأسبق القيادي في حركة "النهضة"، نور الدين البحيري، المعتقل حالياً ويعاني متاعب صحية، وفق هيئة الدفاع عنه.
وحضر اللقاء التضامني رئيس البرلمان التونسي المجمد رئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي، ونائبة رئيس مجلس النواب القيادية في حزب "قلب تونس" سميرة الشواشي، والأمين العام لـ"الحزب الجمهوري" عصام الشابي، وسيف الدين مخلوف الناطق باسم "ائتلاف الكرامة"، والأمينة العامة لحزب "حراك تونس الإرادة" لمياء الخميري، والمرشح الرئاسي السابق صافي سعيد، وعدد من النواب في البرلمان.
وبحسب بث مباشر للفعالية عبر حساب "مواطنون ضد الانقلاب" على "فيسبوك"، قال الشابي، إنه "جاء الوقت في المدى القريب أن تقوم جبهة للخلاص الوطني تجمع كل تونسي مهما كان رأيه واتجاهه، فكل شيء مؤجل إلى أن يتحقق خلاص تونس من أزمتها السياسية وتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية".
وأضاف الشابي أن "هذه الجبهة يجب أن يتهيأ لها بالكثير من الأعمال".
وشدد على أن "جمع القوى المتحالفة الآن خطوة مهمة نحو بناء هذه الجبهة".
وفي سياق التعبير عن التضامن مع البحيري، قال الشابي: "نحمّل المسؤولية الجزائية لوضع نور الدين البحيري لرئيس الجمهورية (قيس سعيد) ولوزير الداخلية (توفيق شرف الدين)".
وأضاف: "لا يمكن لشخصية وطنية ونائب منتخب له الشرعية ذاتها مثل قيس سعيد من الناحية القانونية والسياسية أن تهدد حياته ونبقى صامتين".
وفي 31 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أعلنت "النهضة" اختطاف البحيري من جانب رجال أمن بزي مدني، قبل أن يتم نقله إلى مستشفى في 3 كانون الثاني/ يناير الماضي إثر تدهور صحته جراء إضرابه عن الطعام رفضا لاعتقاله.
وفي اليوم التالي، قالت السلطات إن البحيري الذي كان وزيرا للعدل بين 2011 و2013، قيد الإقامة الجبرية لوجود "شبهة إرهاب" تتعلق بإصدار وثائق هوية وسفر تونسية لسوريين بالمخالفة للقانون.
ونفت "النهضة" وفريق الدفاع عن البحيري صحة هذا الاتهام، معتبرين أنه يحمل دوافع سياسية.
وسبق أن وجه الاتحاد الدولي لنقابات العمال، انتقادا حادا لسعيد، بالقول؛ إن "العالم يعيش صدمة" جراء ما سماه بـ"التخلي عن التفاؤل الديمقراطي" في تونس.
وقالت شاران بورو، الأمينة العامة للاتحاد (مقره بروكسل) في كلمة مصورة بثت خلال افتتاح المؤتمر الـ25 للاتحاد العام التونسي للشغل، بمدينة صفاقس: "سعيد عدل عن المنهج الديمقراطي ونصب نفسه الحاكم بأمره، وصاحب القرار الوحيد في تونس (..) هذا صادم بالنسبة لنا بشكل خاص".
لقاءات تجمع السيسي وابن زايد مع أمير قطر في بكين (شاهد)
السيسي يخصص 37 جزيرة للجيش المصري.. ما أهميتها؟
دعوات التبرع للدولة بتونس.. هل يسير سعيد على خطى السيسي؟