أثار تصويت مصر في "الأمم المتحدة" الأربعاء، بإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، التكهنات بشأن مستقبل العلاقة بين القاهرة وموسكو.
كما أثار قرار إدانة موسكو، الذي أيدته القاهرة، المخاوف على مصير المشروعات العملاقة بين القاهرة وموسكو مثل "الضبعة النووي" ويعطل العمل بالمنطقة الصناعية الروسية.
كما تتزايد المخاوف من توقف واردات القمح المصرية من روسيا المصدر الأكبر للأقماح بالعالم، وخاصة مع ارتفاع أسعار القمح العالمية التي وصلت حتى الأربعاء نحو 416 دولارا للطن، ما يتزامن مع سحب مصر مناقصتين عالميتين قبل أيام، لتوريد القمح لارتفاع الأسعار وقلة عدد الشركات المتقدمة.
وإلى جانب 140 دولة صوتت مصر بالجلسة الطارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة، مطالبة روسيا بإنهاء عملياتها العسكرية في أوكرانيا وسحب قواتها، برغم العلاقات القوية التقليدية التي تربطها بروسيا، ما يؤثر أيضا على السياحة الروسية التي عادت لمصر الصيف الماضي بعد انقطاع 6 سنوات.
وأعلنت الخارجية المصرية عن 6 أسباب دفعت القاهرة إلى التصويت بالإدانة في تبرير لتوجهها، الذي يأتي بعد يوم من بيان سفراء الدول السبع بالقاهرة، والذي طالب مصر بضرورة الاصطفاف مع أوكرانيا وإدانة العملية العسكرية الروسية.
اقرأ أيضا: G7 تدعو مصر لإدانة الغزو الروسي وتتعهد بفرض المزيد من العقوبات
وأوضحت الخارجية أن "تصويتها جاء انطلاقا من إيمانها الراسخ بقواعد القانون الدولي ومبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة"، لافتة لضرورة "الحل السياسي" لإنهاء الأزمة، داعية لبحث "جذور ومسببات الأزمة".
وأعربت كذلك عن رفضها "توظيف العقوبات الاقتصادية خارج إطار آليات النظام الدولي"، محذرة "من مغبة الآثار الاقتصادية والاجتماعية للأزمة الراهنة على الاقتصاد العالمي".
"مشروع الضبعة"
وفي إجابته على تساؤل "عربي21": "هل وجه السيسي صفعة لحليفه بوتين بإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا؟"، قال السياسي المصري مجدي حمدان موسى: "لا أراها صفعة، ولكن الموقف هنا يأتي وفق مصالح يراها رئيس الدولة، والسيسي رأى أن مصلحة مصر في دعم التوجه الغربي والإجماع العالمي".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "عندما يكون هناك 141 دولة تدين روسيا فوجود مصر كمحايد أو معارض يبعث على التساؤل، ويصنع تناقضات شديدة في سياسات الدولة الخارجية، وبالتالي طبيعي أن تتجه مع الأغلبية ووفق مصلحتك".
وحول تأثير التصويت المصري بإدانة روسيا، على مشروع الضبعة النووي، يرى موسى، أنه "يؤثر بلا شك على مشروع الضبعة الذي لم تتم فيه الخطوات الجدية بعد"، مشيرا إلى احتمال "ألا تكمل روسيا المشروع وتوقفه، أو ربما دخول دولة بديلة محلها".
وعن تأثر واردات القمح الروسية بعد الإدانة المصرية لروسيا، أوضح أن "إنتاجنا المحلي يخرج في نيسان/ أبريل المقبل، برصيد 30 بالمئة من الاستهلاك ما يكفي حتى تموز/ يوليو المقبل".
ولفت السياسي المصري إلى أن "ظروف ما قبل الحرب تختلف عما بعدها، والعلاقات الدولية تختلف بالطبع"، داعيا إلى "ألا تقف مصر عند قطب واحد في توريداتها الغذائية".
ويعتقد أنه "سيكون لدى أوروبا فائض ستسعى لبيعه بسعر مناسب ولن تلقيه في البحر؛ وبالتالي علاقة مصر مع روسيا وأوكرانيا بشأن القمح قابلة للتغيير بعد انتهاء الحرب".
اقرأ أيضا: لماذا التزمت مصر الحياد في أزمة الغزو الروسي لأوكرانيا؟
وعن احتمالات تلقي مصر تعويضا غربيا عما يلحق بها من أضرار جراء موقفها بإدانة الغزو الروسي، يرى موسى، أن "الأمر لن يكون في شكل تعويض، ولكن مساندة على الأقل في أزمة سد النهضة، الذي اتسم فيه الموقف الروسي بالتواؤم مع إثيوبيا، بعكس الغرب الذي يرى أنه يضر بمصر".
"لن تتضرر"
الباحث السياسي محمد حامد، قال إن "العلاقات المصرية الروسية متينة وقوية في مجال التسليح والمحاصيل الزراعية والسياحة والطاقة النووية ببناء محطة الضبعة"، معتقدا أنه ولذلك فالقاهرة حريصة على عدم خسارة موسكو.
وأكد في حديثه لـ"عربي21"، أن "القرار المصري بإدانة الغزو الروسي لحقه بيان شارح، يوضح أسباب مصر"، مضيفا: "إذا تعمقنا بقراءة البيان نجد مصر رفضت فرض عقوبات دولية على روسيا من الحكومات الغربية وليس عن طريق آليات دولية تخضع لتصويت الدول".
مدير "منتدى شرق المتوسط للدراسات"، أشار إلى احتمال "وجود تنسيق مصري روسي في هذا الموقف، لأن مصر اتخذت موقف الحياد منذ البداية وأعتقد أنها مستمرة عليه رغم إدانتها للغزو داخل الأمم المتحدة".
لا يتوقع حامد، حدوث ضرر في العلاقات المصرية الروسية، مؤكدا أن "مصر حريصة على علاقاتها مع روسيا وأوكرانيا معا، وقدمت لذلك حلا سياسيا داعية للحوار عبر طرق دبلوماسية ووقف الحرب، وطالبت الاتحاد الأوروبي وأمريكا ببذل جهد أكبر لإنهاء الأزمة".
"يؤثر على القمح"
من جانبه، أكد رئيس "حزب الجيل" ومنسق الائتلاف الوطني للأحزاب المصرية ناجي الشهابي، أن "مصر ستتأثر بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وسيكون التأثير الأكبر عليها في رفع أسعار الحبوب والسلع الغذائية التي تستوردها من روسيا وأوكرانيا".
وقال لـ"عربي21"، إن "المذكرة الإيضاحية التي أصدرتها الخارجية المصرية، أقرب لحيثيات رفض إدانة روسيا أو الامتناع عن التصويت على الأقل، وليس الموافقة على إدانة روسيا".
ويرى الشهابي، أن "تصويت مصر بإدانة روسيا؛ تجاهل تاريخ موسكو الطويل مع القاهرة، منذ ثورة 23 يوليو 1952، ووقوفها ضد العدوان الثلاثي، ومشاركتها بناء السد العالي، وتسليح الجيش المصري عقب هزيمة يونيو 1967".
اجتماع طارئ للجامعة العربية "حول أوكرانيا".. ناشطون يسخرون
خلافات داخلية في لبنان بسبب بيان إدانة غزو روسيا لأوكرانيا
مواقف الدول العربية من الحرب بين روسيا وأوكرانيا (إنفوغراف)