أثارت عملية اقتحام مقر حزب المؤتمر الشعبي
العام في مدينة التواهي بالعاصمة اليمنية المؤقتة عدن، جنوبا، والسيطرة عليه،
الثلاثاء، من قبل مليشيات انفصالية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم
إماراتيا، أسئلة عدة حول توقيت ودلالات هذه الخطوة.
وجاء الاقتحام بعد يومين من إعلان طارق صالح،
نجل شقيق الرئيس الراحل، علي صالح، افتتاح مقر لمكتبه السياسي التابع للمقاومة
الوطنية التي يقودها، في محافظة شبوة (شرق) كأول مقر له خارج منطقة الساحل
الغربي، إضافة إلى الترتيبات الجارية لإعادة حزب المؤتمر إلى الواجهة، والتي
ترعاها السعودية ودولة الإمارات.
وقد قوبلت الخطوة من قبل المجلس الانتقالي
المنادي بانفصال الجنوب عن شمال البلاد، بإدانات من قوى ومكونات سياسية جنوبية.
"عمل بربري"
وقال بيان صادر عن وزير الداخلية السابق، أحمد
الميسري، الذي يرأس اللجنة التحضيرية لحزب المؤتمر الشعبي العام جنوبي البلاد، إن
ما أقدمت عليه عناصر مسلحة مما يسمى "الحزام الأمني"، باقتحام مقر
المؤتمر الشعبي العام في مديرية التواهي محافظة عدن، جاءت بأوامر مباشرة من محافظ
عدن، والأمين العام لما يسمى المجلس الانتقالي، أحمد لملس.
وأدان الميسري العملية التي وصفها بـ"العمل
البربري الجبان"، محملا المسؤولية الكاملة لمحافظ عدن، فيما جرى من اقتحام
وتعد وكل ما يترتب عليه.
وأضاف البيان أن هذا "السلوك المشين هو
امتداد للاستهداف الممنهج للحياة السياسية والمدنية في العاصمة المؤقتة عدن والتي
تنتظر من قيادة المحافظة أن تضمد جراحها وتهتم بما يتوجب تقديمه من عمل ملموس تجاه
المحافظة وأبنائها وهذا ما يفترض بأن اتفاق الرياض أتى لأجله".
"تصعيد جديد"
وفي هذا السياق، قال الكاتب والصحفي اليمني،
كمال السلامي إن الانتقالي بات من الواضح أنه يخشى من محاولات إحلال المؤتمر
بجناحه الموالي لأسرة صالح، محل المجلس في محافظات الجنوب.
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21" أن
عملية اقتحام مقر حزب المؤتمر بعدن، تعني أن دوره قد انتهى، وهذه هي الشرارة
الأولى للمواجهة بينهما.
وأشار الكاتب اليمني إلى أن اقتحام مقر المؤتمر
في عدن، هو رد على نشاط مكتب طارق صالح الذي يقوم على كوادر وقيادات وقواعد
المؤتمر في شبوة، لافتا في الوقت نفسه، إلى أن الأمر بدأ ينحو منحى آخر، مع
تدشين المكتب السياسي لطارق صالح، نشاطه في شبوة، وقبلها الفعالية النسائية التي
أقامها قطاع المرأة أواخر يناير الماضي، ثم تدشين فرع المكتب السياسي للمقاومة
الوطنية في شبوة مطلع الأسبوع الجاري.
وبحسب السلامي فإنه مع توسع طارق صالح السياسي
إلى محافظات الجنوب، بدأ الانتقالي يتحسس رأسه، سيما أن هناك أنباء عن تقليص
الإمارات من دعمها المالي والعسكري واللوجستي للمجلس.
ويعتقد المتحدث ذاته، أن المرحلة المقبلة ستشهد
تصعيدا من الانتقالي، في مقابل سياسة نفس طويل سيتبعها أنصار المؤتمر وقياداته في
عدن وغيرها من محافظات الجنوب، حتى لا يصل الأمر حد الصدام.
فيما
لم يستبعد أن تتدخل الإمارات لممارسة ضغوطات كبيرة لوقف تصعيد الأمر بين حلفائها
في الانتقالي وطارق صالح.
ويرى الصحفي السلامي أن دولة الإمارات لم تكن
تعد الانتقالي ليكون حاكما مستداما للجنوب، بل تعاملت معه كوكالة أمنية لتنفيذ
أجندة محددة ضد الأطراف المناوئة لدورها في اليمن.
لكن حينما يتعلق الأمر بالسياسة والحكم
والسيطرة على المدى البعيد، يؤكد السلامي، فالإمارات تتجه لإعادة تأهيل عائلة
صالح، وقطاع واسع من المؤتمر، تحت مسمى "المكتب السياسي للمقاومة
الوطنية" كلافتة مبدئية، لتجاوز تعقيدات الخلافات والتباينات داخل أجنحة
الحزب.
"عودة الحق لأصحابه"
من جانبه، دافع رئيس مركز مسارات للاستراتيجيات والإعلام، باسم الشعبي، عن عملية اقتحام المجلس الانتقالي لمقر حزب المؤتمر في
عدن، وقال: "إن هذا المقر الذي تم السيطرة عليه هو أحد المقرات التابعة
للحكومة الجنوبية السابقة وقد تم الاستيلاء عليه من قبل حزب المؤتمر الشعبي العام
بعد حرب 94 الظالمة".
وتابع حديثه لـ"عربي21": وحاليا تمت
استعادته من قبل القوات الأمنية الجنوبية وبتوجيهات من محافظ العاصمة عدن.
وبحسب رئيس مركز مسارات للاستراتيجيات فإن
المقر الآن أصبح بحوزة المجلس الانتقالي الجنوبي.
وأضاف: "يمكن القول إن الحق عاد
لأصحابه"، مشيرا إلى أن هناك العديد من المباني والمؤسسات المصادرة والمنهوبة
سيتم استعادتها في قادم الأيام بإذن الله.
"تطور لافت"
فيما اعتبر سياسي وباحث يمني موال لحزب
المؤتمر، أنه تطور لافت، ربما له علاقة بافتتاح فرع المكتب السياسي للمقاومة
الوطنية في مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة، وسط تفسيرات تذهب إلى أن المجلس
الانتقالي يشعر أن المؤتمر عاد للمزاحمة من جديد في الجنوب.
وقال في تصريح لـ"عربي21" طالبا عدم
ذكر اسمه: "اللافت في الأمر أن العديدين تفاجأوا أن مقر حزب المؤتمر كان
لا يزال موجودا رغم كل التطورات السابقة التي اجتاحت العاصمة المؤقتة عدن منذ ٢٠١٥
وحتى الآن".
كما لفت إلى أن هذا الاقتحام لمقر حزب المؤتمر، سبقه اقتحام وإحراق مقر حزب
الإصلاح بعدن مرتين في ظل سيطرة الانتقالي.
وتابع: هذا الأمر من شأنه أن يعكس انطباعا
سلبيا تجاه القوة السياسية المسيطرة على عدن وضيقها بالعمل السياسي.
وأوضح السياسي والباحث اليمني أن هناك قطاعا من
قادة الانتقالي ليسوا راضين عن هكذا تصرفات.
وخلال السنوات الماضية، تعرضت مقرات حزب
الإصلاح في عدن، ومؤسسات تابعة له، لعمليات اقتحام وإحراق من قبل المجلس الانتقالي
الانفصالي، فضلا عن استهداف قياداته بالاغتيال والاعتقال.
وفي سياق ردود الأفعال المنددة بعملية
الاقتحام، أدان الفرع المحلي لحزب المؤتمر في محافظة لحج، شمالي عدن، العملية
واعتبرها عملاً غير مسؤول ويتعارض مع كل المبادئ والقيم والأخلاق والأعراف
السياسية والديمقراطية.
وقال في بيان له، أمس الأربعاء: "إن قيام عناصر مسلحة ترافقها مدرعات
عسكرية باقتحام مقر حزب رسمي بقوة السلاح واعتقال حراسته، عمل استفزازي".
معارك متواصلة بتعز.. والجيش اليمني يستعيد مناطق عدة