يعيش الشارع التونسي حالة من الغليان والاحتقان، وتشهد السوق نفادا لأغلب المنتوجات الغذائية الأساسية، لا سيما السكر والزيت النباتي.
وتسبب الغلاء في الأسعار والزيادات في الضرائب والمحروقات، مع تأخر في صرف الرواتب، الوضع تأزما، ما جعل المتابعين يحذرون من انفجار اجتماعي وشيك ربما يكون عنيفا، في وقت حذر فيه رئيس الجمهورية، قيس سعيد، من ضرب السلم الأهلي، وهدد المحتكرين للمواد الغذائية بعقوبات.
وبحسب المختصين، فإن الوضع الداخلي السياسي المتأزم والضبابي، وغياب رؤية واضحة لإدارة الأزمة، إضافة لمخلفات أزمة كورونا، باتت كلها عوامل خطيرة على الوضع الاجتماعي.
وضع مربك وأزمة معقدة
وقالت الباحثة والمختصة في علم الاجتماع صابرين الجلاصي، في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، بخصوص الوضع الاجتماعي بتونس وحالة الاحتقان المتزايدة، إنه "لا بد من ربط الأحداث، فالوضع السياسي المتردي مرتبط أساسا بالوضع الاقتصادي والاجتماعي، فانعدام الرؤية السياسية جعل الوضع الاجتماعي والاقتصادي في هشاشة".
وأكدت الجلاصي أن "أي مجتمع يمكن أن يتغاضى على عدة أشياء، لكنه لا يتغاضى عن الأمن الغذائي والاجتماعي، وهنا نرى أن الشعب التونسي في حالة احتقان ".
وبينت الباحثة أن حالة الاحتقان تعود أيضا إلى فقدان المواد الغذائية، مع غلاء الأسعار بشكل كبير، لا يتماشى وقدرة المواطن ودخله".
اقرأ أيضا: تحذيرات من انهيار الدولة بتونس بسبب احتكار سعيّد للسلطة
وتعرف تونس منذ قرابة عامين أزمة سياسية خانقة، تعمقت وباتت أكثر حدة منذ 8 أشهر؛ بسبب الإجراءات الاستثنائية التي أعلنها سعيد، التي تعتبرها أغلب الأحزاب السياسة الكبرى انقلابا على الدستور.
من جهته، يقول المختص والباحث في علم الاجتماع محمد الجويلي، في تصريح خاص لـ"عربي21"، إن "الوضع الاجتماعي في تونس مربك؛ بسبب الغلاء والتحديات الاقتصادية الكبرى، والبطالة، والغموض في ما يتعلق بمستقبل البلاد".
وأشار الباحث إلى تداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا، التي تسببت في ارتفاع أسعار المواد، والتأثير الكبير على ميزانية الدولة التي ستجبر الحكومة اضطرارا إلى رفع الأسعار".
يشار إلى ميزانية الدولة التونسية قدرت سعر البرميل بـ75 دولارا، إلا أن الأسعار ارتفعت إلى أكبر من ذلك بكثير مع الأزمة في أوكرانيا.
انفجار وشيك
وعن حدوث انفجار اجتماعي قريب، يقول المختص في علم الاجتماع سامي نصر، في تصريح خاص لـ"عربي21": "في حال تواصلت نفس وتيرة إدارة الأزمة الحالية، فإن الانفجار سيقع".
وفسر الباحث قائلا: "للأسف، هناك تغييب كلي للمختصين في إدارة الاتصال عند وقوع الأزمات، وهو أمر خطير، وآليا يفتح الأبواب لحصول جميع الاحتمالات السيئة".
وشدد الباحث قائلا: "غياب ما يسمى اتصال الأزمات، الذي يؤثر سلبا على ضحايا الأزمة، فيحولهم إلى جزء مكمل لها ومدمر للبلاد، خصوصا مع التهافت غير المسبوق على المواد الغذائية، أمر قد يوصل إلى التمرد والانفلات".
من جهتها، قالت الباحثة صابرين الجلاصي إنه "بتوفر مختلف العوامل من حراك سياسي يطالب بإسقاط النظام القائم، وبالنظر إلى الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي جدا، فإن الانفجار سيحصل".
وهو ما يؤكده الباحث محمد الجويلي بقوله: "بطول الوقت، وخلال الأشهر القادمة، ستحصل احتجاجات اجتماعية ".
وتابع قائلا: "الاحتقان موجود، ولكن عندما يصبح حركة احتجاجية في الشارع وإضرابات، سنصل إلى تداعيات اجتماعية ".
ما مصداقية استشارة سعيّد في ظل عزوف التونسيين عنها؟
تونس تطلب دعما سعوديا لتمويل مشروع طاقة متجددة ضخم
الغنوشي: تونس في "بلاء" والبرلمان عائد لا محالة