فلسطينيو الداخل.. إبداع وتمسك بالهوية والوطن رغم الألم

رغم مرور نحو أربعة وسبعين عاماً على نكبة الفلسطينيين الكبرى وإنشاء إسرائيل؛ لم تستطع سياساتها طمس هوية فلسطينيي الداخل وانتمائهم لهويتهم الوطنية الفلسطينية الواحدة الموحدة؛ وقد تمّ ترسيخها خلال هبة الأقصى في أيار / مايو من العام المنصرم 2021؛ خلال مشاركة كافة الشرائح الاجتماعية في الداخل الفلسطيني بشكل جلي بفعالياتها؛ هذا جنباً إلى جنب مع إبداع الكثير من فلسطينيي الداخل رغم مرارة الاحتلال وسياساته العنصرية؛ فمن الفن والأدب والمسرح والغناء والفن التشكيلي مروراً بالطب والعلوم المختلفة، وليس أخيراً بالفكر والمعرفة والبحث لمقارعة المحتل والتمسك بالهوية الوطنية الضاربة في عمق التاريخ.

وفي هذا السياق نستحضر سيرة أربع قامات ونتاجاتهم في مجالات السياسة والفكر والأدب والتاريخ الشفوي؛ حسب الترتيب الهجائي؛ وهم أسعد غانم؛ داود كتاب؛ مرزوق الحلبي؛ وديع عواودة.

أسعد غانم

ولد أسعد غانم عام 1965 ويسكن في شعب (الجليل الغربي) في بيت جده الذي شيد عام 1937، وعادت العائلة إلى بيتها بعد تهجير أهالي شعب أثناء النكبة، وأدارت صراعا مريرا مع السلطة بقيادة محامي الأرض حنا نقارة، حتى عام 1988، حيث أقرت المحكمة حق العائلة في البيت إلا أنها صادرت حوالي 150 دونما من أراضي العائلة حول البيت. 

درس غانم اللقب الأول والثاني والثالث في كلية العلوم السياسية في جامعة حيفا ودرس لما بعد الدكتوراه (بوست دكتوراه) في جامعة لندن. يعمل كمحاضر منذ عام 1998 في جامعة حيفا في قسم العلوم السياسية ورأس قسم السياسة المقارنة والفكر السياسي في الجامعة لمدة ثلاث سنوات، ورأس لجنة دراسات اللقب الثالث (الدكتوراه) في القسم حتى عام 2018، كما وكان محاضرا وباحثا ضيفا في جامعة ميرلاند في واشنطن خلال عامي 2008 و2009.

                                 البروفيسور أسعد غانم

يعتبر البروفيسور أسعد غانم من أهم الباحثين الفلسطينيين والعرب في مجالات تخصصه ويدعى سنويا إلى عدة مؤتمرات دولية لتقديم محاضرات في مجالات تخصصه. يختص البروفيسور غانم في السياسة المقارنة في سياسات الهويات والمجتمعات المنقسمة، كما في دراسة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ويبحث في مجال التحول الديمقراطي في العالم العربي. له 16 كتابا منشورا في دور نشر عالمية ومحلية بالإضافة إلى عشرات المقالات العلمية في المجلات العالمية الرائدة في العلوم السياسية. وله دور فاعل في دعم قضايا الطلاب العرب في الجامعات سياسيا وأكاديميا. وتخرج عنده الكثير من الباحثين العرب الشباب.

ويكتسب البروفيسور غانم شهرة مميزة بين الأكاديميين العرب في الداخل الفلسطيني؛ بسبب نشاطه الثقافي العام والسياسي، وهو ناشط في المجتمع المدني الفلسطيني عموما. كان من المبادرين والمنفذين الرئيسيين لمشروع التصور المستقبلي لفلسطينيي الداخل (2006)، كمشروع عمل وتطلعات جماعية للفلسطينيين في إسرائيل الصادر عن لجنة المتابعة العليا. كما قام بالمبادرة ـ مع مجموعة كبيرة من النشطاء العرب ـ إلى مشروع "هوية وانتماء" (2003) كمشروع تعليم شعبي يسعى إلى تعميق المعرفة بالرواية الفلسطينية ويتحدى الرواية الصهيونية والرسمية في إسرائيل، وبادر إلى بناء تصور لترتيب هيئة قيادية لقيادة الفلسطينيين في إسرائيل، ومؤخرا ترأس اللجنة المهنية لوضع "مخطط استراتيجي لمكافحة العنف والجريمة في المجتمع الفلسطيني في الداخل" من قبل لجنة المتابعة العليا للفلسطينيين في إسرائيل وقاد مشروع "تنظيم القدرات البشرية" بها.

 مؤخرا ساهم مع آخرين في إقامة "ملتقى فلسطين" كمنتدى فكري فلسطيني عام يلتزم بوحدة القضية الفلسطينية والأرض الفلسطينية والشعب الفلسطيني في بوتقة مشتركة وفي التطلع لمستقبل فلسطيني مشترك. البروفيسور غانم من رواد فكرة الدولة الواحدة كبديل لحل الدولتين. وشارك في وضع التصورات والدراسات في هذه المسألة، وشارك في مؤتمر شيكاغو وبوسطن ولندن وحيفا ورام الله لأجل بناء تصور واضح باتجاه حل الدولة المشتركة للفلسطينيين وللإسرائيليين. 

يؤمن البروفيسور غانم بالديمقراطية وتصالح الأصالة مع المعاصرة، وبناء الدولة المواطنية في العالم العربي، وكتب ضد الاستبداد ويعتبر من أهم النقاد السياسيين في المجال العام. 

ومن أهم إصداراته في العربية؛ أسعد غانم ومهند مصطفى. 2009. الفلسطينيون في إسرائيل ـ سياسات الأقلية الأصلية في الدولة الإثنية. رام الله: مدار؛ أسعد غانم (محرر). 2005. الهامشيون في إسرائيل ـ تحدي الهيمنة الأشكنازية. رام الله: مدار؛ أسعد غانم. 2021. القضية الفلسطينية بعد أوسلو. بيروت وعمان: المؤسسة العربية للنشر. كما أصدر كتباً وبحوثا بالانكليزية حول القضية الفلسطينية.

داوود كتاب

داوود كتّاب؛ هو صحفي فلسطيني. ولد في بيت لحم في الأول من نيسان / أبريل 1955 ونشأ في القدس. حصل على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من (Messiah College Grantham). من أبرز أعماله، تأسيس وإدارة معهد الإعلام الحديث في جامعة القدس في رام الله في العام 1996. وفي المعهد أنشأ تلفزيون القدس التعليمي. كما أنه مؤسس ومدير أول إذاعة إنترنت في العالم العربي (عمان نت AmmanNet) منذ العام 1999. 

                              داوود كتّاب.. صحفي فلسطيني

في العام 1995 أطلق "شبكة الإنترنت للإعلام العربي" (AMIN)، والتي تعتبر مشروعاً رائداً من نوعه يسعى لتوفير إعلام بديل باللغة العربية. وهو مؤسس ورئيس معهد فيلم القدس في الفترة 1990 ـ 1995. عمل ككاتب عمود في جريدة القدس اليومية في الفترة 1987 ـ 1993، وقد أجرى العديد من المقابلات مع عدد من الشخصيات مثل ياسر عرفات وإسحق رابين. كما أنه كان مدير تحرير في جريدة الفجر الأسبوعية الناطقة بالإنجليزية خلال الفترة 1982 ـ 1987. وقد عمل مراسلاً لدورية الصنارة التي تصدر من الناصرة في الفترة 1987 ـ 1992. ولديه مقالات منشورة في النيويورك تايمز، والواشنطن بوست، واللوس أنجلس تايمز والفورين بوليسي (Foreign Policy) وGlobe and Mail الكندية وفي ذي إيج (The Age) الأسترالية وهاآرتس الإسرائيلية ويوموري اليومية  (Yomuri Daily)، في الرأي، وفي صحيفة دراسات فلسطين، والسبيل، والحدث. كما عمل كمدير تنفيذي للأفلام التالية: يوميات فلسطينية (Palestinian Diaries): عام 1989 لصالح قنوات في بريطانيا وهولندا؛ نحن شعب الرب (We Are God's People): عام 1990 لصالح قنوات في بريطانيا وهولندا؛ القدس تحت الحصار (Jerusalem Under Siege): عام 1991، من إنتاج تلفزيون القدس؛ ماردا، قصة أرض (Marda, a story of a land): 1992؛ على حافة السلام (On the Edge of Peace): عام 1994، لصالح قنوات في بريطانيا وإسرائيل وأمريكا، وجهاً لوجه، حوار بين شباب من عمّان وسان فرانسيسكو.

مرزوق الحلبي
 
شاعر وكاتب وناقد فلسطيني ذو ثقافة موسوعية، ولد في دالية الكرمل في الداخل الفلسطيني عام 1959، ويعيش فيها. يعمل متنقلاً بين حيفا والناصرة والقدس المحتلة. يعمل حالياً على رواية، وعلى أطروحتيْن أكاديميتيْن في "مسألة اللغة ووظائفها السياسية ـ الاجتماعية" و"التوتّر بين الدولة القومية والعولمة". 

                                   مرزوق الحلبي

هو مثقّف نقديّ يأتي من مجالات الحقوق والعلوم السياسيّة والاستشراف. شاعر وناقد ثقافي. يدرّس العلوم السياسية والأدب. وله إسهامات في مقاربة موضوعات العولمة والهويّة واللغة والأخلاق وما بعد الحداثة.

كان الحلبي ملاحقا في مرحلة شبابه الأولى، وكان مُلاحَقاً لرفضه الخدمة العسكرية وفي السجن العسكري، تعرّف بشكل معمّق على سميح القاسم وتوقّف طويلاً عند محمود درويش وأحبه من أول قراءة. وعندما خرج من السجن اقتنى كل ديوان شعر وقعت عليه عيناه ولا تزال مزدحمة على رفوف مكتبته؛ ويعتبر كتاب "مديح الوقت" من أهم أعماله الشعرية. وأكد في غير مقابلة صحفية أنه يكتب قصيدته ثم يختار لها بعد ذلك عنوانا دالا على الفحوى.

وديع عواودة

كاتب وإعلامي من الداخل الفلسطيني، ولد عام 1962 في قرية كفر كنا في منطقة الجليل، ترعرع عواودة وأنهى دراسته الابتدائية والثانوية في مسقط رأسه. حصل على شهادة الماجستير في العلاقات الدولية من الجامعة العبرية في القدس عام 1988، كما درس الصحافة في جامعة حيفا عام 1990. عمل محررا في صحيفة كل العرب من العام المذكور وحتى عام 2006، كما شغل محررا لصحيفة حديث الناس في الناصرة خلال الفترة (2007 ـ 2014)، وبالتزامن عمل مراسلاً للجزيرة نت خلال الفترة (2005-2016)، ساهم في مقالات في مجلة المجلة اللندنية وصحيفة الخليج الإماراتية، إضافة لذلك عمل مراسلا لراديو مونتكارلو خلال الفترة (2010 ـ 2016)، في حين يعمل منذ 2014 في صحيفة القدس العربي ويقدم برنامجاً إذاعياً في راديو الناس الذي يبث من الناصرة. 

                                      وديع عواودة

وقد نشر مئات مقالات الرأي، وصدر له ثلاثة كتب هي؛ ذاكرة لا تموت عن فلسطين قبل عام 1948؛ وقصص إنسانية من النكبة وصدر عام 1998، وعنقاء الرماد من جنين (توثيق اجتياح السوار الواقي 2002)، أسرى بلا حرب وهو كتاب مشترك مع مصطفى كبها وصدر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت عام 2013. والكاتب والإعلامي وديع عواودة مختص بتوثيق الرواية الشفوية التاريخية للشعب الفلسطيني. وهو من عائلة شطرتها النكبة إلى شطرين، فجده مهجر في الأردن وجدته بقيت في الوطن والأبناء بين هنا وهناك.

*كاتب فلسطيني مقيم في هولندا