لم يكن اليمن بعيدا عن تداعيات الحرب الروسية
الأوكرانية، حيث فاقمت من تدهور الأوضاع الاقتصادية، وأشعلت أزمة أسعار منتجات
وسلع رئيسية، في بلد يغرق في حرب دامية منذ سبع سنوات.
وسجلت أسعار الغذاء ارتفاعا إلى أعلى مستوياتها منذ
سنوات في الأسواق المحلية، لاسيما، القمح، الذي ارتفعت أسعاره بنسبة تتجاوز الـ30
بالمئة.
وشكا مواطنون يمنيون لـ"عربي21"، من ارتفاع
أسعار المواد الغذائية، في وقت يكافحون فيه من أجل تأمين قوتهم اليومي والحد الأدنى من
احتياجاتهم الأساسية على وقع تدهور اقتصادي، وحرب مستمرة منذ عام 2014.
ومع اقتراب شهر رمضان المبارك، ارتفعت أسعار الحبوب
وزيوت دوار الشمس، على وقع ارتفاع مماثل في أسعار النفط والغاز بشكل غير
مسبوق.
وقالت أم عبدالله (55 عاما) المقيمة في صنعاء إن
اليمنيين اعتادوا على ارتفاع الأسعار قبل رمضان، "لكن هذا العام ارتفعت بشكل
لم نعهده، في وقت فقدنا فيه القدرة على التحمل".
وأضافت: الوضع مأساوي جدا، مع اقتراب شهر رمضان، بينما
بات معظم الناس في اليمن فقراء لا يجدون قوت يومهم".
اقرأ أيضا: هكذا تؤثر الأزمة الأوكرانية على اليمن.. مزيد من الجوع
ودق مركز يمني للدراسات الاقتصادية ناقوس الخطر، محذرا
من تبعات النزاع في أوكرانيا على أسعار القمح والزيوت في البلاد الذي يستورد 30 في
المئة من احتياجاته من القمح من روسيا وأوكرانيا.
"أزمة مستقبلية"
وقال مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في تقرير أصدره
قبل أيام، إن هناك شحا في المعروض العالمي من القمح، الأمر الذي سيؤدي إلى أزمة
مستقبلية في اليمن ناهيك عن ارتفاع أسعاره إلى مستويات قياسية.
وأشار التقرير إلى أن تداعيات الحرب سوف تعمق الأزمة
الإنسانية في بلد يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العصر الحديث كاليمن، مؤكدا أن
أسعار القمح في اليمن بدأت بالتصاعد حيث ارتفعت بنسبة وصلت إلى 35 في المئة منذ
بداية الحرب الروسية الأوكرانية رغم أن الحرب مازالت في بداياتها.
وبحسب تقرير مركز الدراسات الاقتصادي فإن الحرب ما تزال في
بدايتها وأن تداعيات الأزمة الراهنة في مراحلها الأولى لاسيما وأن اليمن وفقا
لتأكيدات رسمية يمتلك احتياطيات من القمح قد تغطي أربعة أشهر فقط.
وأضاف: "وهو الأمر الذي سيجعل مستوردي القمح يبحثون
عن خيارات بديلة أكثر كلفة وفي ظل شحة في المعروض العالمي من القمح".
وأوضح أن أزمة القمح والزيوت تطل برأسها في ظل وضع يمني
متأزم حيث تعاني اليمن من فقر شديد في الغذاء.
وأشار التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إلى أن 31 ألف شخص يواجهون خطر الجوع الشديد (المرحلة الخامسة في وضع كارثي)، وسط توقعات أن
ترتفع 161 ألف شخص بحلول يونيو المقبل.
ولفت التقرير
إلى أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بأكثر من الضعف في معظم أنحاء اليمن خلال
العام الماضي، ما جعل 17.4 مليون شخص بحاجة مساعدة فورية، مضيفا: "سيتصاعد
الرقم إلى 19 مليون شخص منذ بداية يونيو وحتى نهاية العام وفقا لأحدث
التوقعات".
ونوه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي إلى أن الاحتياج
الفعلي لليمن من مادة القمح والدقيق 3.8 مليون طن سنويا يتم استيراد 95 بالمئة منه
من خارج اليمن، وتستورد اليمن ما نسبته 34 بالمئة تقريبا من احتياجها من القمح من
روسيا.
وتنتج أوكرانيا نحو ثلث إمدادات القمح إلى اليمن، ما
يثير خشية من اتساع هوة الجوع في بلد ارتفعت فيه أسعار المواد الغذائية أكثر من
الضعف منذ العام الماضي، وفق الأمم المتحدة، وبات غالبية السكان، بطريقة أو بأخرى،
غير قادرين على إعالة أنفسهم.
وباتت تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية واضحة في اليمن،
منذ أسابيع، الأمر دفع الحكومة اليمنية المعترف بها، استباق بدء شهر رمضان بحظر
تصدير بعض المنتجات الزراعية إلى الخارج.
ومنتصف مارس الجاري، أقرت وزارة التجارة والصناعة، حظر
تصدير الخضروات والفواكه واللحوم إلى الخارج، في مبادرة مؤقتة لإيقاف جنون الأسعار
خلال الشهر المبارك.
اقرأ أيضا: تقرير: الأمم المتحدة تلقت 18 مليارا لمساعدة اليمن
"تضخم مستورد"
من جانبه، أفاد وحيد الفودعي، الخبير اليمني الاقتصادي
والمصرفي بأن الارتفاعات في الأسعار شمالا وجنوبا، تعود إلى أسباب عدة، منها
النزاع في أوكرانيا.
وقال الفودعي في تصريح لـ"عربي21"، إن حجم
الاستيراد لمادة القمح من أوكرانيا لا يعادل 9 بالمئة، متوقعا أن يجد المستوردون
من هذا البلد بدائل أخرى متاحة.
وأضاف الخبير الاقتصادي: "الأمر لا يتعلق بالقمح،
بل هناك ارتفاع في أغلب السلع لعدة أسباب منها تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية".
وتابع: "هناك أيضا، ارتفاع عالمي في المستوى العام
للأسعار، بمعنى أن التضخم مستورد".
وأشار إلى أن بعض السياسات المالية المتخذة في البلاد
والمتمثلة برفع السعر الجمركي، واحدة من الأسباب التي انعكست على كثير من السلع.
وقال إن عملية النقل تلعب دورا في تكلفة السلع، إضافة
إلى المشتقات النفطية التي ارتفعت بشكل كبير، وهي عنصر أساسي في تكاليف السلع سواء
عند إنتاجها في المصانع أو نقلها.
وكانت شركة النفط الحكومية، قد أقرت منتصف مارس الجاري،
رفع أسعار الوقود مجددا للمرة الثالثة خلال أقل من شهر، بزيادة وصلت إلى 1800 ريال
للجالون 20 لترا.
وبموجب القرار فإن سعر جالون البنزين سعة 20 لترا ارتفع
إلى 22200 ريال (18 دولارا)، أي بواقع 1110 ريالات للتر الواحد، من 20400 ريال،
بزيادة 1800 ريال للجالون، وفق ما نقلته وكالة رويترز عن مسؤول في الشركة
وبررت الشركة رفع سعر البنزين للمرة الثالثة، خلال أقل
من شهر، بعدم تمكنها من "تحمل مزيد من الخسائر في عملية البيع، إضافة إلى
ضرورة مواكبتها لاستراتيجية تسعير مرنة ترتبط بأسعار الوقود عالميا، والتي ارتفعت
بشكل كبير بفعل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وأسعار صرف العملة المحلية
مقابل الدولار صعودا وهبوطا".
وتشتري شركة النفط الحكومية الوقود بمختلف أنواعه من
التجار والمستوردين، على أن تبيعه بعد ذلك للمحطات الخاصة في عدن ومحافظات أبين
ولحج والضالع، والمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
واليمن منتج صغير للنفط، وتراجع إنتاجه حاليا إلى 60 ألف
برميل يوميا بعد أن كان قبل الحرب ما بين 150 و200 ألف برميل يوميا، في حين كان
يزيد على الـ450 ألفا عام 2007، وفقا للبيانات الرسمية.
خبراء يحذرون من تداعيات طباعة عملة جديدة في سوريا
هل يخفف تزايد الطلب على الغاز بالجزائر من الأزمة الاقتصادية؟
كيف انعكست الحرب الروسية الأوكرانية اقتصاديا على العراق؟