كشفت شبكة "بي بي سي"، تفاصيل حول أزمة الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك، مع بريطانيا، حول إيواء الأخيرة لشخصيات تصنفها القاهرة على قوائم "التطرف".
وقالت الشبكة، إن الوثائق التي أفرجت عنها رئاسة الوزراء البريطانية حديثا، تشير إلى أن القاهرة إبان حكم مبارك، وتحديدا في عام 1998، اعترضت علنا على إيواء بريطانيا لـ"متطرفين إسلاميين".
ولفتت إلى أن مصر تحركت بشكل علني بعد حادثة مذبحة الأقصر في 1997 والتي قتل فيها 58 شخصا بينهم 6 بريطانيين.
وحينها، نشرت الصحف المصرية قائمة تضم 14 "إرهابيا" مطلوبا بتهمة الضلوع في المذبحة، كان ثلاثة منهم حينها يعيشون في بريطانيا، وهم ياسر السري وعادل عبد الباري وأحمد إبراهيم النجار.
وبحسب الوثائق، فإن بريطانيا فحصت ملف الأشخاص الثلاثة، وتوصلت إلى التالي: "السري قدم طلبا رسميا للحصول على اللجوء السياسي (الذي حصل عليه فقط عام 2021 إثر معركة قضائية ماراثونية، أي بعد 24 عاما من وصوله إلى بريطانيا). أما عبد الباري، فلديه حق الإقامة الدائمة في بريطانيا. وفي ما يتعلق بالنجار، فإنه يُعتقد بأنه ليس في بريطانيا".
وأضافت "بي بي سي": "لم تشر الوثائق صراحة إلى ما إن كانت الحكومة البريطانية أبلغت السلطات المصرية بهذه النتائج أم لا".
وتابعت أنه بعد ذلك قرر رئيس الوزراء توني بلير استرضاء حسني مبارك بسبب دور مصر المهم سياسيا، وأنها تريد إبلاغه بخطر المتطرفين فعليا، مبررة وجودهم بعبارة "نحن جادون في الوفاء بالتزاماتنا وفق القانون الدولي، خاصة معاهدة الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951، والتشريع المحلي المنبثق منها".
وينص مبدأ المعاهدة الأساسي على عدم الإعادة القسرية، الذي يلزم الدول الموقعة بعدم إعادة اللاجئ إلى بلد يواجه فيه تهديدات خطيرة على حياته أو حريته.
وحاولت طمأنة مبارك قائلة: "نحن نراقب بحرص هؤلاء الذين ربما يكون لهم صلات بالإرهابيين في الخارج. وجهازنا الأمني مشارك بفعالية في ذلك".
اللافت بحسب "بي بي سي"، أنه بعد مشاورات داخلية مكثفة، تقرر ألا ترسل الرسالة لأنها "لا تتضمن شيئا مرحبا به في مصر، وسوف تثير غضبا ومزيدا من الانتقادات" هناك.
وبعد مشاورات ومباحثات، أرسلت بريطانيا رسالة إلى مصر جاء فيها: "أنا على دراية تامة بقلقكم من أنشطة المتطرفين المصريين في المملكة المتحدة، نحن نقدم أقصى تعاون على مستوى الأجهزة المعنية. أعتقد أن أجهزتكم تقدر هذا التعاون".
إلا أن الرسالة لم تتضمن أي تعهد باتخاذ الإجراءات التي أصرت مصر على أن تتخذها بريطانيا.
المفاجأة التي أعقبت جميع هذه الرسائل بحسب "بي بي سي"، هي حين زار بلير مصر في نيسان/ أبريل 1998، إذ كان يتوقع أن يكون مبارك غاضبا، لكن "تبين أن الضجة التي أثارها لم تكن بالجدية التي أقلقت البريطانيين".
ونقلت "بي بي سي" عن سكرتير لبلير قوله: "كان مبارك ودودا للغاية طوال اللقاء، ولم يتابع إشارته العابرة إلى المتطرفين الإسلاميين في لندن، وقال بصراحة، ردا على سؤال في مؤتمر صحفي لاحق، إن تلك ليست قضية مهمة".
"تعاسة وانتحار".. تقارير دولية توثق تزايد الاكتئاب في مصر
غلاء الأسعار يكوي المصريين.. وحلول الدولة عاجزة (شاهد)