فجرت وفاة الباحث الاقتصادي المصري، أيمن هدهود، في ظروف وصفت بالغامضة، بعد شهرين من اختفائه قسريا، ملفي الإخفاء القسري والتصفية خارج إطار القانون.
ومنذ الخامس من شباط/ فبراير الماضي، اختفى هدهود أو ما بات يعرف بريجيني المصري نسبة إلى الباحث والطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي يُتهم ضباط مصريون بقتله.
وتساءل الكاتب والحقوقي بهاء الدين حسن، في تغريدة على "تويتر"، عن ظروف وفاة الباحث المصري أيمن هدهود، مقارنا إياها بظروف مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجني.
وقال حسن في تغريدة على "تويتر": "هل هو تكرار لسيناريو جريمة خطف وإخفاء وقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني مع الباحث المصري أيمن هدهود؟".
https://t.co/XyZlKyQpR6
تناقضات الشرطة المصرية
وحملت بيانات الشرطة تناقضات واضحة تؤكد بحسب حقوقيين كذب ادعاءاتها، حيث نفت أقسام الشرطة وجوده لديها، وبعد إعلان وفاته في 10 نيسان/ أبريل الجاري أصدرت بيانا تؤكد فيه إلقاء القبض عليه في 6 آذار/مارس الماضي بعد الإبلاغ عنه بسبب مزاعم "إتيانه بتصرفات" غير مسؤولة ومن ثم إيداعه بإحدى مستشفيات الأمراض النفسية بناء على قرار النيابة العامة رغم نفيها القبض عليه حينها.
ودحض ذوو هدهود وحقوقيون ومحامون تلك الرواية؛ وقالوا إنهم لم يعلموا بمكانه بعد أن اختفى قسريا، ولم يبلغوا بحالته، ولم يسمح لهم بزيارته، وقال شقيق المتوفى لموقع "مدى مصر"، إن "العائلة تلقت السبت مكالمة من أحد أفراد قسم مدينة نصر في العاصمة القاهرة يبلغهم بوفاته، ويطالبهم بالحضور لاستلام جثمانه صباح الأحد من مستشفى العباسية للأمراض النفسية".
شبهة التعذيب والقتل
وأوضح المحامي عمر هدهود أن شقيقه أيمن تعرّض للإخفاء القسري منذ مساء الثالث من شباط/ فبراير الماضي، وأنه احتجز بعد أيام من اختطافه في قسم خاص بمستشفى العباسية للصحة النفسية، على خلفية إصابته بحالة من الاضطراب النفسي عقب احتجازه في أحد مقار الشرطة وتعرضه للتعذيب.
وكشف هدهود أن لدى أسرته شكوكا قوية في تعرض شقيقه للقتل مشيرا إلى أن الأسرة تبينت عقب السماح لها برؤية الجثمان أن الوفاة وقعت منذ أكثر من شهر، وهو ما ينفي صحة ادعاءات الشرطة المصرية.
وتخرج أيمن هدهود من الجامعة الأمريكية، ودرس إدارة الأعمال وحصل على ماجستير إدارة الأعمال، وعمل مراقباً مالياً في الجامعة لفترة، وكذلك في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة في محاربة الفساد والرشوة.
ومن المفارقات المذهلة، بحسب نشطاء وحقوقيين، أن هدهود كان عضواً في الهيئة العليا لحزب "الإصلاح والتنمية"، الذي يترأسه البرلماني السابق محمد أنور السادات، عضو "المجلس القومي لحقوق الإنسان" حالياً، والمقرب من السلطات الأمنية، والذي ساهم في الإفراج عن عدد من السياسيين المحبوسين خلال الفترات الماضية.
ليس ريجيني واحدا
في سياق تعليقه، يقول الناشط السياسي والحقوقي والإعلامي هيثم أبو خليل إن "كل من قتلوا في السجون المصرية أو في مراكز التعذيب أو المعتقلات أو تمت تصفيتهم بدم بارد خارج إطار القانون ودون محاسبة أو مساءلة هم ريجيني، سواء كانوا من التيار الإسلامي أو المدني أو تيار آخر، ويأتي في سياق التصفية لمجرد شهوة السلطة في القتل وضمن فلسفة القمع والترهيب والاعتقال لمجرد الاعتقال".
واستبعد في تصريحات لـ"عربي21" أن "تتحرك النيابة العامة في مصر للتحقيق في القضية رغم ملابساتها الغامضة المثيرة للشكوك"، قائلا: "يبدو أن الجهاز الأمني أخذ قراره بإغلاقها من خلال بيان مقتضب لا يرقى للمسؤولية ولا لدور الجهاز الذي يفترض فيه حماية المواطنين لا تتبعهم وخطفهم وقتلهم وإنكار ذلك نهاية المطاف".
وأكد أبو خليل أن "الشرطة المصرية لها السلطة المطلقة في فعل ما تريد ما دام الهدف هو حماية النظام، ولن تفتح تحقيقا في الأمر وتفتح عليها أبواب جهنم وتدين نفسها، وليس هناك من يضغط عليها لفعل ذلك لا منظمات ولا أحزاب ولا مجلس حقوق إنسان"، مشيرا إلى أن "محمد أنور السادات – الوسيط السياسي- رجل ضعيف لم يستطع فعل شيء لمساعدة مستشاره الاقتصادي".
— khaledelbalshy (@khaledelbalshy) April 11, 2022
من يصنع الفوضى؟
وطالب الحزب المصري الديمقراطي بالإعلان بشفافية عن تفاصيل وفاة أيمن هدهود، مشيرا إلى أن بيان الداخلية المقتضب والذي جاء على لسان مصدر أمني يثير تساؤلات حول الاختفاء أكثر مما يوفر إجابات، وأثنى الحزب على هدهود الذي كان مثالًا رائعًا للباحث والخبير الاقتصادي صاحب عقل راجح مستنير ورزين وكان يعرفه الكثيرون داخل العمل الحزبي والسياسي.
واعتبر أن بيان وزارة الداخلية لا يتناسب مع ما تم نشره عن هذه الواقعة حيث صرحت أسرته بوجود رواية أخرى تفيد باحتجازه وانقطاع الأخبار عنه حتى إبلاغهم بوفاته بعد حدوثها بأسابيع، وأكد الحزب أن التحقيق الجاد والشفاف والخروج ببيانات رسمية يقطع الطريق أمام اختفاء الحقائق وانتشار الشائعات.
إثارة القضية خارجيا.. والقادم أسوأ
بدورها؛ قالت المدير التنفيذي للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات هبة حسن، "للأسف الشديد فإن حالة وفاة الخبير الاقتصادي هدهود تثير مشاعر الغضب والذعر في نفس الوقت لما وصلت له الأجهزة الأمنية المصرية من استهانة بالقانون والأرواح".
مضيفة لـ"عربي21": "رغم أن هدهود - في مفهوم النظام ومؤيديه – ليس من المعارضين أو ما يسمونه جماعات إرهابية وعلى العكس هو جزء من حزب مساند للنظام فلم يكن ذلك حماية له أو مبررا لاحترام القانون وإجراءات الاعتقال الطبيعية - في حال كانت هناك تهمة - ودخل تحت مقصلة الإخفاء القسري ثم الإيداع في مستشفى الأمراض العقلية ليتم تسليم جثمانه لأهله بعد شهر من وفاته دون إبداء أسباب".
ورأت أن الفرق بين ريجيني الإيطالي وهدهود أن "الأخير ليس لديه دولة تحميه بل هي من قتلته لأنه مصري، وكما قالت والدة ريجيني قتلوه كما لو كان مصريا، وكمنظمات حقوقية ونشطاء لن نسكت ولن نقبل تمرير ما حدث فهو مؤشر لأسوأ قادم ولكن لا ننتظر من النظام إنصافا خاصة بعد بيان الداخلية المثير للغضب والذي يتهم باحثا حقوقيا محترما وله قدره بتحوله لمقتحم شقق غير متزن".
هل خالفت تسريبات "الاختيار3" القانون والدستور المصريَّين؟
الاختيار 3.. هل حاول السيسي البحث عن البطولة في الدراما؟
أولى حلقات "الاختيار 3" تثير السخرية من أداء شخصية السيسي