صحافة دولية

إيطاليا تقلل من اعتمادها على الغاز الروسي بمساعدة الجزائر

تحاول دول الاتحاد الأوروبي التقليل من الاعتماد على الغاز الروسي في ظل حرب أوكرانيا - الأناضول

نشرت صحيفة "نيزافيسيمايا" الروسية تقريرًا حول اعتزام إيطاليا، ثاني أكبر مستورد للغاز الروسي في الاتحاد الأوروبي بعد ألمانيا، زيادة وارداتها من الوقود الأزرق من الدول العربية، ولهذه الغاية، توجه وفد حكومي إيطالي إلى كل من الجزائر وقطر.


وقالت الصحيفة - في تقرير لها ترجمته "عربي21" - إنه تم إبرام اتفاق مع الحكومة الجزائرية وسيتم التوقيع بداية الأسبوع؛ حيث تعتبر هذه خطوة مهمة نحو تحقيق الهدف المعلن للحكومة الإيطالية وهو التخلص نهائيا من إمدادات الغاز الروسي في غضون السنوات القليلة القادمة.


وأوضحت الصحيفة أن رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون سيوقعان اتفاقية تعاون في مجال الطاقة، والتي ستجعل الجزائريين يزيدون صادراتهم من الغاز الطبيعي بنحو 50 بالمئة بنهاية العام، أي بمقدار 9 إلى 10 مليارات متر مكعب، حيث تقول وسائل إعلامية بأن الغاز الجزائري يمكن أن يعوض كامل الغاز الروسي الذي يذهب لإيطاليا بنهاية العام، رغم أنه لا يبدو كذلك.


وتبين الصحيفة أن إيطاليا تعتبر أهم مشتر للغاز الروسي في أوروبا، ففي كانون ثاني/ يناير، أشار أليكسي ميلر، رئيس مجلس إدارة غازبروم، إلى ذلك في تلخيص نتائج عام 2021 التي كانت ناجحة للشركة، حيث أشار إلى 15 دولة زادت مشترياتها من الغاز الروسي عبر الأنابيب، وجاءت الزيادة من قبل أكبر المستهلكين، وهم ألمانيا (+10.5 بالمئة) وتركيا (+63 بالمئة) وإيطاليا (+ 20.3 بالمئة).


وتشير الصحيفة إلى أنه في المجموع، تمثل روسيا 40 بالمئة من إجمالي الغاز المستورد في إيطاليا، أي حوالي 29 مليار متر مكعب سنويا، وذلك حسب وزير التحديث والتحول البيئي في إيطاليا، روبرتو سنغولاني.


وبحسب الصحيفة، فإن معظم الخبراء يتفقون على أنه لولا العملية العسكرية الخاصة الروسية في أوكرانيا، لكان النمو في استهلاك الغاز الروسي في الاتحاد الأوروبي سيستمر بالتأكيد. وبالإضافة إلى ذلك، انخفض إنتاج أوروبا من الغاز لأسباب بيئية ولم تعط الطاقة المتجددة بعد الآمال المعلقة عليها بشكل كامل، والآن اتخذ الاتحاد الأوروبي مسارا لتقليل الاعتماد على روسيا.


وأفادت الصحيفة أن سنغولاني وعد على الهواء في التلفزيون الإيطالي بأن البلاد ستتخلى عن الغاز الروسي في غضون سنتين ونصف، مؤكدا أنه في المستقبل القريب سيكون من الممكن استبدال ما بين 15 و16 مليار متر مكعب من الغاز الروسي.


وكان سنغولاني ضمن الوفد المسافر إلى الجزائر، بالإضافة إلى وزير الخارجية، لويجي دي مايو، والرئيس التنفيذي لشركة النفط والغاز "إيني"، كلاوديو ديسكالزي، واللذين سيتوجهان بعد ذلك إلى قطر، بينما سيذهب دراغي وسنغولاني إلى بروكسيل؛ حيث سيكون أحد موضوعات محادثاتهما مع رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فاندير لاين، على وجه التحديد موضوع تنويع إمدادات الطاقة للاتحاد الأوروبي.


وتلفت الصحيفة إلى أنه من غير المرجح أن تكون الجزائر وحدها قادرة على استبدال الغاز الروسي؛ حيث تم الاعتراف بذلك في نيسان/ أبريل من قبل المدير العام لشركة النفط والغاز الجزائرية "سوناطراك"؛ توفيق حكار، فيما يعتقد ألغيريا تسيلونوف، صاحب قناة بـ"تيلغرام" مختصة بشؤون أفريقيا؛ أن الجزائر قد يكون لديها موارد أقل مما تعتقد لزيادة صادراتها من الغاز؛ حيث يلاحظ أن الجزائر تزود 11 بالمئة من الغاز الأوروبي، لكن الإنتاج راكد منذ 2018 والاحتياطيات تنضب والاستثمارات غير كافية، وهناك مشاكل في الإدارة، على الرغم من وجود علامات إيجابية في الآونة الأخيرة، فقد كانت سنة 2021 ناجحة بالنسبة لـ"سوناطراك"، إما بسبب القرارات الجديدة أو بسبب نهاية الوباء.


وذكرت الصحيفة أنه في الآونة الأخيرة؛ أعلنت شركة "إيني" الإيطالية بالإشتراك مع "سوناطراك"؛ عن اكتشاف حقل جديد، لكن بشكل عام تدرك روما أنه من الضروري زيادة استيراد الهيدروكربونات من البلدان الأخرى أيضا، فإيطاليا لا تعتمد على الجزائر فقط، حيث أشار دي مايو، أنه زار قطر والكونغو وأنغولا وموزمبيق وأذربيجان في غضون شهر ونصف، وقد وافقت كل هذه الدول حسب الوزير، على زيادة الإمدادات لإيطاليا، حيث عبر دي مايو عن جعل البلاد "أكثر استقلالية عن ابتزاز الطاقة".


ونوهت الصحيفة إلى أن السياسة الغربية المتمثلة في تقليل الاعتماد على روسيا تكثف المنافسة بين موردي الطاقة، مما يجبر الدول على تقديم تنازلات بدت لهم بالأمس، غير واردة أو من الصعب تحقيقها، وخير مثال هو المفاوضات مع إيران حول استعادة "اتفاقها النووي"، وفي شمال أفريقيا، ربما تأثر قرار الجزائر بزيادة إمداد إيطاليا بدلا من إسبانيا بموقف مدريد بشأن الصحراء الغربية؛ حيث دعمت الحكومة الإسبانية المغرب في النزاع على هذه المنطقة، وهو الأمر الذي أدى إلى سحب السفير الجزائري من مدريد.


وبحسب الصحيفة؛ لا يتوقع الخبراء مشاكل بين دول شمال أفريقيا وروسيا؛ فالجزائر هي المورد التقليدي للغاز إلى أوروبا منذ عقود ومن غير المرجح أن تلقي زيادة الإمدادات إلى إيطاليا بظلالها على العلاقات الدولية بين الدولة الأفريقية وروسيا الآن، وعلاوة على ذلك - في الواقع الحالي - يرفض الاتحاد الأوروبي ببساطة الغاز الروسي، وعليه لا يمكن الحديث عن منافسة مباشرة، فإيطاليا لديها طلب متزايد على الغاز؛ حيث قال نائب مدير معهد الدراسات الأفريقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ليونيد فيتوني: "من المرجح أن تقبل روسيا ما يحدث على أنه شيء طبيعي، ومن غير المرجح أن يؤثر الاتفاق مع إيطاليا على مجالات أخرى بين البلدين"، مضيفًا أن "موسكو لو أرادت معاقبة الجزائر، فمن غير المرجح أن تكون قادرة على فعل ذلك".

 

اقرأ أيضا: WI: حرب أوكرانيا تمثل فرصة أمام الجزائر في مجال الطاقة

وتابعت الصحيفة تصريحات فيتوني، حيث قال إن روسيا هي مورد رئيسي للأسلحة في الجزائر لكنها ليست الوحيدة، حيث تعيد الجزائر تسليح نفسها بمساعدة الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا، بالإضافة إلى أن الجزائر لا تعتمد أساسا على إمدادات الحبوب الروسية.

وتوضح الصحيفة أنه مع ذلك، تبقى دول العالم العربي - التي وصفها المحللون الروس بالحلفاء تقريبا - لا تسعى، إذا لم يكن ذلك مفيدًا لهم، إلى اتخاذ موقف محايد لصالح روسيا في صراعها مع الغرب، وعلاوةً على ذلك، لا يمكن استبعادها من الانضمام إلى العقوبات ضد روسيا، وفي هذا السياق، يمكن ذكر تعليق الإمارات استثماراتها في روسيا من قبل صندوق الثروة السيادية الإماراتي في آذار/مارس، حيث كانت أبوظبي سياسيا قريبة من موسكو.