يتواصل السجال السياسي في ليبيا بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة ورئيس الحكومة المعينة من البرلمان فتحي باشاغا، حول أحقية وشرعية كل منهما بصلاحيات السلطة التنفيذية في البلاد، لكنهما فضلا الابتعاد قدر الإمكان عن الخيار العسكري، فيما فرضت بعض التطورات على الساحة السياسية خيارات أخرى.
وتزامنا مع المشاورات التي تحتضنها العاصمة المصرية القاهرة، بين لجنتين عن مجلسي النواب والدولة حول التوافق على قاعدة دستورية ستفضي لإجراء الانتخابات التي فشلت الأطراف في إجرائها في 24 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، تداولت وسائل إعلام ليبية و تونسية نبأ محاولة باشاغا دخول العاصمة طرابلس إنطلاقا من الأراضي التونسية.
محاولة باشاغا
وقال المحلل السياسي و الكاتب الصحفي الليبي عبد الله الكبير، في تصريح خاص لـ"عربي21"، إن "باشاغا حاول التواصل مع بعض التشكيلات المسلحة، على غرار قوى الجبل الغربي التي سعت لتأمين دخوله عبر معبر وازن ذهيبة الحدودي مع تونس، لكن القوى العسكرية والمدنية الرئيسية لمدينة نالوت المتاخمة للحدود التونسية رفضت تحمل مسؤولية دخول حكومة باشاغا لتتفادى التورط في اندلاع أي صراع مسلح محتمل في العاصمة، لاحقا".
وأفادت إذاعة "موزاييك" التونسية أن السلطات الليبية رفضت، السبت الماضي، عودة رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا عبر معبر "ذهيبة-وازن" لصعوبة تأمينه، بعد أن قضى أياما في تونس.
بينما أكدت قناة "فبراير" المقربة من حكومة الدبيبة، النبأ، حيث نقلت عن عميد بلدية نالوت، عبدالوهاب الحجام، قوله إن قوات المدينة تصدت، فجر السبت، لمحاولة قوة تابعة لرئيس المخابرات الليبية أسامة الجويلي تأمين دخول باشاغا من تونس إلى ليبيا عبر معبر "وازن-ذهيبة" الحدودي.
إلى ذلك، سارع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، مساء السبت، إلى لقاء السفير التونسي المعتمد لدى ليبيا، ورئيس لواء مكافحة الارهاب اللواء محمد الزين، وكذلك عميد بلدية نالوت عبدالوهاب الحجام.
اقرأ أيضا: باشاغا يرفض تحويل مؤسسة النفط الإيرادات لحكومة الدبيبة
فشل متوقع
وأوضح الكاتب الصحفي الليبي عبد الله الكبير، في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن محاولة باشاغا الدخول إلى طرابلس عبر تونس، كان متوقعا لها الفشل، وذلك لأن المدن الحدودية الليبية لا تريد تحمل مسؤولية دخول باشاغا، الذي قد ينتج عنه اندلاع أي صراع مسلح بالعاصمة طرابلس، بحسب تعبيره.
وأضاف الكاتب الصحفي: "لا يمكن تشكيل أو تمكين حكومة بدون توافق بين أغلب الأطراف السياسية في البلاد".
وتابع: "الحالة الأخرى التي يمكن أن تقبل بها الحكومة هي فرض نفسها عبر قوة السلاح على كل القوى السياسية ومنها القبول بها محليا ودوليا".
مطالب القوى العسكرية
وفي السياق ذاته، قالت القوة الثامنة التي تعرف بالنواصي، في بيان لها السبت، إن "الصراع السياسي بين الحكومتين كاد أن يتحول إلى صدام مسلح".
وحذرت القوة الأمنية باشاغا والدبيبة من "تحويل الصراع السياسي إلى صراع مسلح يأكل الأخضر واليابس في العاصمة".
إلى ذلك، طالب القائدان العسكريان بمدينة مصراتة "مختار الجحاوي" و"محمد الحصان" في بيان مصور، الدبيبة وباشاغا بإبقاء الصراع سياسيا، محملان إياهما مسؤولية "إراقة أي دم من أبناء البلاد"، إضافة لتحميل البعثة الأممية "مسؤولية ما قد يحدث من صدام".
وأكد القائدان العسكريان البارزان تواصلهما مع بعض القادة العسكريين لفتح قنوات اتصال بين الأطراف قصد تجنيب البلاد الصراع والوصول إلى حل يبدد زعزعة الأمن والاستقرار.
فشل احتواء القوى العسكرية
وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي الليبي، بدر شنيبة، في تصريح خاص لـ "عربي21" إن "رئيس الحكومة المعينة من البرلمان فتحي باشاغا لم يستطع كسب تأييد القوى العسكرية الرئيسية في المنطقة الغربية التي ترفض تحالفه مع حفتر في تشكيلته الحكومية كونها هي التي واجهت هجوم حفتر على العاصمة طرابلس عام 2019".
وأوضح شنيبة أن تلك القوى العسكرية ترى أن "تمكين اللواء المتقاعد خليفة حفتر من مناصب سيادية في الحكومة لا يخدم مصالحها ولا يتناسب مع تضحياتها التي قامت بها لإفشال خططه بالسيطرة على مفاصل الدولة"، بحسب تعبيره.
واستطرد المحلل السياسي الليبي بالقول إن "موقف بعض التشكيلات المسلحة قد يتغير إذا ما تم تقديم ضمانات لها بالحفاظ على دورها العسكري وعدم لعب حفتر وأعوانه دورا مؤثرا في قرارات الحكومة".
وتابع: "بعض هذه التشكيلات تبحث عمن يحافظ على مصالحها ونفوذها وبالتالي فإنها إذا تحصلت على وعود من باشاغا بذلك فقد تغير ولاءاتها".
اقرأ أيضا: الدبيبة يدعو لجنة "5+5" للابتعاد عن المناكفات السياسية
ضغط على مشاورات القاهرة
من جهته اعتبر الكاتب الصحفي عبد الله الكبير في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن "محاولة باشاغا في هذا التوقيت لها علاقة مباشرة بالمشاورات التي تجرى في العاصمة المصرية القاهرة بين مجلسي النواب والدولة برعاية من المخابرات المصرية التي ترى بأن الموقف القوي لحكومة باشاغا في هذه المفاوضات يرتبط بحصوله على موطئ قدم في العاصمة طرابلس".
ومساء السبت، علقت اللجنة الدستورية المشتركة بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، أعمالها إلى ما بعد عيد الفطر، بعد أربعة أيام من انطلاق أعمالها في العاصمة المصرية القاهرة، برعاية أممية.
وتعاني ليبيا من حالة انقسام سياسي على خلفية تنصيب مجلس النواب بطبرق، مطلع آذار/ مارس الماضي، فتحي باشاغا رئيسا لحكومة جديدة.
وفي 10 شباط/ فبراير الماضي، أعلن البرلمان التصويت لصالح مقترح لتعديل الإعلان الدستوري.
وفي 4 آذار/ مارس، أعلنت البعثة الأممية في ليبيا، مبادرة لتشكيل لجنة مشتركة من مجلس النواب بطبرق والمجلس الأعلى للدولة لوضع قاعدة دستورية تقود البلاد إلى الانتخابات.
خبير يتحدث لـ"عربي21" عن مخاطر غرق ناقلة نفط ببحر تونس
ما مصير اللجنة العسكرية الليبية عقب تعليق حفتر عمل ممثليه؟
حوار سعيد.. مناورة شكلية أم خطوة جدية أملتها مصلحة البلاد؟