كشفت تصريحات صندوق النقد الدولي بشأن الوضع الاقتصادي المصري بأن الأزمة أعمق وأكبر من أن تستطيع الدولة معالجتها وحدها وتحمل عواقبها دون المساس بأغلبية المصريين الذين يعانون من ظروف معيشية صعبة.
وأكدت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، الأربعاء، أن أوضاع الاقتصاد المصري في تدهور، وتزداد سوءا، رغم تجربة الصندوق مع مصر التي وصفتها بالـ"ناجحة".
وأرجعت غورغييفا السبب في ذلك إلى مُعاناة مصر بسبب ارتفاع أسعار الوقود والغذاء، بسبب اعتمادها على واردات الغذاء من روسيا وأوكرانيا، وشددت على حاجة مصر إلى الاستقرار المالي والاستمرار في الإصلاحات إلى جانب الحاجة لبرنامج تابع لصندوق النقد الدولي يحمي الفئات الضعيفة.
وأكدت مديرة صندوق النقد على التزام الصندوق ببناء برنامج شديد الحساسية واضعا في الاعتبار أن عددا كبيرا من الناس في مصر معرضون للخطر، مضيفة: "علينا التأكد من استمرار توفير الحماية الاجتماعية الحيوية في مصر للوصول إلى هؤلاء الأشخاص الأكثر احتياجا للدعم".
وللمرة الرابعة في غضون 6 سنوات أي منذ عام 2016، تجري مصر محادثات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج دعم يمكن أن يندرج تحت "خط احترازي" وقد يصل إلى 3.5 مليارات دولار.
كانت المرة الأولى عام 2016، بقرض يبلغ 12 مليار دولار، تلاه قرض آخر ضمن آلية التمويل السريع لمواجهة جائحة كورونا في 2020 بمقدار 2.77 مليار دولار، ثم قرض ثالث بمقدار 5.2 مليارات دولار، ليصبح إجمالي القروض 20 مليار دولار، إضافة إلى 2.8 مليار دولار حقوق سحب خاصة.
اقرأ ايضا: هجوم نيابي نادر على الحكومة المصرية ومطالب بإقالتها
رهن الاقتصاد المصري
بشأن دلالة تصريحات صندوق النقد، قال رجل الأعمال المصري وأستاذ الاقتصاد بجامعة نيويورك سابقا، محمود وهبة، إن "حديث صندوق النقد عن تدهور وتردي الاقتصاد المصري يؤكد أنه كذلك بالفعل، وأنه بحاجة إلى تدخل عاجل"، مشيرا إلى أن "حديث مديرة الصندوق مبني على نقص السيولة وعجز الميزان التجاري وعجز الميزانية وحجم الدين".
وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن "الاقتصاد المصري بات مرهونا بتقريرات وتقديرات ومساعدات صندوق النقد الدولي، ومستقبل النظام بأكمله بيد قرارات الصندوق خاصة أنه معرض للتوقف عن سداد أقساط القروض في حال قرر عدم مساعدته ماديا ومعنويا بما يسمح بتدفق المزيد من القروض والأموال الساخنة".
وبشأن تناقض توصيف الأزمة الاقتصادية في مصر من قبل صندوق النقد مع تصريحات المسؤولين المصريين عن تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي، قال وهبة إن "الحكومة لا تهتم بمعدل النمو أو الفقر أو الصحة.. الخ فليس هذا من مهام الصندوق ومتروك للحكومة، والحكومة تزور هذه الأرقام وتعطيها للصندوق لينشرها كأنها حقيقية".
اقرأ أيضا: بلومبيرغ: عقبات أمام الاستثمارات الإماراتية في مصر
أكبر مقترض من صندوق النقد
من جهته؛ قال الخبير الاقتصادي محمد رزق، إن "مصر تملك حقوق سحب (قروض) من صندوق النقد كونها مساهمة في رأس مال الصندوق وأظن أن مصر حالياً مدينة للصندوق بأكثر من 12.5 مليار دولار مما يفوق حقوق السحب المصرية ومن ثم يصبح الحصول على قروض إضافية من الصندوق مسألة صعبة".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "المفاوضات الجديدة عسيرة وشاقة، وأي موافقة على قرض رابع تحتاج موافقة مجلس أمناء الصندوق؛ لذا فربما تعكس تصريحات مديرة الصندوق رغبة الصندوق في تلبية طلب مصر من القروض لتصبح بذلك أكبر مقترض من الصندوق".
ووصف رزق البيانات التي تصدرها الحكومة المصرية فيما يتعلق بالاقتصاد الكلي المصري بأنها "غير دقيقة"، مؤكدا في الوقت ذاته أن "تقديرات صندوق النقد الدولي هي بناء على المعلومات الاقتصادية التي تصله من مصر وهذه المعلومات مشكوك فيها بشكل كبير".
خطة خراب البلاد
في تحذير شديد اللهجة، حذر الناشط السياسي والمهندس المصري ممدوح حمزة من أن ما أسماها بخطة الخراب في بلاده أصبحت واضحة للجميع، في ظل الصعوبات التي تعاني منها مصر، لا سيما الاقتصادية منها، في ظل حكم عبد الفتاح السيسي.
واستعرض الناشط، في تغريدة له على "تويتر"، جملة من المشاكل التي تعاني منها مصر كاتبا: "سد الخراب يرتفع لمنع مياه عن مصر، والإسرائيليون يتدفقون على سيناء والمصريون ممنوعون، ونظام مصر ينصب على المصريين بصور نهر صناعي، والجنيه ينهار، والبورصة تنهار، والديون تتفاقم".
غضب نيابي.. دولة تعيش على الدين
على الصعيد البرلماني، انتقد النائب ضياء الدين داود استمرار العجز في الموازنة والتوسع في الاقتراض، وقال إن "مصر أمام أزمة تمويلية ضخمة"، مشيرا إلى أن "أرقام الدين العام تزيد بنسبة 16.8 في المئة سنويا، وهو ما يعني أن المصريين يعيشون في الدين حاليا".
وأفاد خلال كلمة له في مجلس النواب المصري، أثناء مناقشة الحساب الختامي لموازنة 2020-2021 أن "هناك أقساطا تأكل 51 في المئة من إنفاق الموازنة، وهو ما يعني أن مصر أمام كارثة لا مهرب منها".
وأضاف: "مقدار الزيادة في الدين بلغ نحو 796.3 مليار جنيه بنسبة زيادة نحو 16.8% وبلغت أعباء الدين الحكومي الداخلي والخارجي نحو 1092 مليار جنيه، مقابل 1016 مليارا في الحساب الختامي السابق".
في غضون ذلك، حذر تقرير للمعهد المصري للدراسات من أن النظام المصري قد يضطر لبيع الأصول بأبخس الأسعار لتجنب إفلاس الدولة، مشيرا إلى أن إجمالي الديون العامة سيتصاعد فيما لا يزيد عن عامين لتبلغ نصف التريليون دولار، بما يعني أنها من المؤكد تجاوزها للناتج المحلي الإجمالي، الذي يبلغ 7.9 تريليونات جنيه أي حوالي 503 مليارات دولار بسعر صرف 17.7 جنيها كما تشير الموازنة العامة.
وأشار إلى أن مصر اقترضت 33.6 مليار دولار عام 2017 مقارنة بحوالي 73 مليارا متوقعة للعام الحالي بزيادة بلغت ما يقارب الـ40 مليار دولار، ومع استمرار تداعيات الأزمات العالمية المتنامية وعجز الاقتصاد المحلي وسوء إدارته، فليس من المستبعد استنتاج حدوث زيادة 40 مليار دولار أخرى خلال العامين القادمين، بما يعني أن مصر ربما تحتاج إلى 110 مليارات دولار على الأقل من الديون السيادية في عام 2024 وربما 2025.
مديرة صندوق النقد الدولي: اقتصاد مصر في تدهور
هل ينفذ الجيش المصري أوامر صندوق النقد؟.. "جولة تلاعب"
مسؤولة بصحيفة حكومية: هذا مصير من ينتقد الاقتصاد بمصر