يواجه المرسوم الرئاسي المتعلق بهيئة الانتخابات الذي أصدره الرئيس التونسي قيس سعيد، الجمعة، انتقادات واسعة حيث يقول المختصون في القانون إن المرسوم مبني على ثغرات قانونية ومخالف لكل الصيغ القانونية.
كما اعتبر طيف واسع حقوقي وسياسي معارض للرئيس سعيد المرسوم الرئاسي بأنه مواصلة في التمرد والانقلاب على القانون والهيمنة على السلطات، وهو ما من شأنه أن يضرب كامل العملية الديمقراطية وأساسا الانتخابات خاصة أن الاقتراع في تشريعية مبكرة منتظرٌ نهاية السنة الحالية.
مخالفات قانونية
واعتبر باحث الدكتوراه في القانون عدنان الكرايني في قراءة قانونية خاصة لـ"عربي21" أن مرسوم الرئيس سعيد المتعلق بهيئة الانتخابات "ليس مرسوما لأنه لم يصدر بناء على شروط الفصل 70 من الدستور، وجاء بعدما أوقف سعيد أعمال البرلمان بمفعول القوة المسلحة، وهو ما يضرب السلامة الإجرائية ويصيّرها معيبة بالإبطال الذي لا أثر بعده لأي عمل تقوم به السلطة القائمة".
وقال المختص في القانون إن "المرسوم المتعلق بهيئة الانتخابات لا يمكن اعتباره من ضمن التدابير الاستثنائية لخروجه عن ضوابط هذه الإجراءات التي يجب أن تهدف إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة على معنى الفصل 80 من الدستور".
وشدد الكرايني على أنه "لا يمكن تصنيف هذا المرسوم إلا في خانة نصوص الأمر الواقع، ذلك أن هذا النص مخالف للدستور شكلا في نقطتين".
وتابع: "المخالفة الأولى كونها متعلقة بالفصل 70 المنظم للمراسيم الرئاسية الذي يقصي بصفة صريحة وواضحة النظام الانتخابي من مجال المراسيم..".
وأوضح: "المخالفة الثانية متعلقة بالفصل 65 من الدستور الذي يحدد المجالات التي يوجب تنظيمها وجود نص قانوني صادر عن البرلمان وليس مرسوما أو عملا انفراديا من السلطة التنفيذية".
ولفت الباحث التونسي إلى أن "الممارسات الفضلى الواردة في توصيات لجنة البندقية في قوانين الانتخابات، تشير إلى أنه يستحسن أن لا يدخل أي تعديل للقانون في بحر السنة التي تسبق الانتخابات، ضمانا لنزاهة الاقتراع وسلامة المنظومة القانونية له، بينما كان الرئيس قد أعلن أنه سينظم انتخابات نيابية في نهاية السنة الحالية وهو الآن يغير أحد قوانينها".
وختم الكرايني بالقول: "في المحصلة نجد أن رئيس الجمهورية هو الخصم والحكم وواضع النص والمسير للعملية الانتخابية".
اقرأ أيضا: الرئيس التونسي يعين بمرسوم أعضاء في الهيئة العليا للانتخابات
مصداقية الانتخابات عرض الحائط
يتيح المرسوم الرئاسي الخاص بهيئة الانتخابات للرئيس سعيد تعيين أعضاء الهيئة ورئيسها وهو ما يرى فيه المراقبون ضربا واضحا لاستقلالية الهيئة وللعملية الانتخابية ليكون بذلك خصما وحكما ومتسلطا على كل المؤسسات والسلطات.
وقال حزب العمال، في بيان له، السبت، إن الهدف من المرسوم وضع اليد على أية عملية انتخابية وطنية أو محلية بما يكشف طبيعة توجهات سعيد التي تريد إعادة إنتاج الدكتاتورية والحكم الفردي المطلق وتزوير الإرادة الشعبية.
كما أكد الحزب أن "هيئة الانتخابات بهذا المرسوم لن تكون نزيهة ولا شفافة بل مطعون فيها بالكامل إعدادا ومسارا ونتائج".
من جانبه، قال الباحث ورئيس "منتدى آفاق جديدة" عبد الحميد الجلاصي، لـ"عربي21"، إن "سعيد يثبت مرة أخرى أنه يعيش حقيقته الخاصة في عالمه المغلق وأنه لا يأبه ليس فقط بما يقوله معارضوه وإنما أيضا بتحفظات مسانديه".
وأوضح رئيس "منتدى آفاق جديدة" أن "مشروع سعيد هو سلطة محضة، يدمر كل المكاسب ويبشر بشيء هلامي.. يريد أن يكون رئيس كل شيء يستحق الرئاسة".
وتابع الباحث: "لا أتوقع أن يغير استيلاء سعيد على هيئة الانتخابات المشهد الحالي تغييرا محسوسا في الساحة السياسية، أما الجمهور الواسع الذي تتفاقم معاناته وإحساسه بالخذلان فمركز اهتماماته في المعيشة ولا تعنيه هذه المعارك وهو العامل الوحيد القادر على إيقاف العبث".
وأردف: "سينظم سعيد استفتاءه على شاكلة استشارته وسيزكي دستوره دون مشاركة أحد من القوى الفاعلة وسيمضي باتجاه الخطوات الموالية لبناء جمهوريته الشعبية، الطرف الدولي سيواصل المراقبة والاحتجاج اللطيف".
ولفت الجلاصي إلى أهمية ما تقوم به المعارضة والمطلوب استمراره مع عامل حاسم وهو الشارع الاجتماعي الذي توقع تحركه قريبا وخروجه عن الصمت.
وحول مصداقية العملية الانتخابية القادمة، قال الباحث التونسي: "بهذا المعنى لن يكون هناك لا استفتاء ولا انتخابات بمعنى التنافس والتنوع. سيكون عرض الرجل الواحد "وان مان شو"".
وختم بالقول: "يجب أن ندرك أن الانقلاب يعيدنا إلى وضع أسوأ من ديموقراطية واجهة بن علي، سيعيدنا إلى وضع أسوأ مما حصل في البلاد منذ بداية ستينات القرن الماضي".
ماذا لو فشلت تونس في الاتفاق مع صندوق النقد الدولي؟
سعيّد يبدأ مشاوراته.. وانتقادات للحوار المشروط في تونس؟
نواب تونسيون يواجهون تهما عقوبتها الإعدام.. وتأجيل التحقيقات