اختار النظام السوري الصمت المطبق إزاء المقاطع المصورة
التي نشرتها صحيفة "الغارديان" البريطانية، والتي كشفت عن جريمة حرب
"وحشية ومروعة" ارتكبها ضابط من النظام السوري يدعى أمجد يوسف، في حي
التضامن أحد ضواحي العاصمة السورية دمشق، في نيسان/أبريل 2013.
وأظهرت المقاطع المصورة والمسربة الضابط في قوات النظام
السوري وهو يقوم بتصفية 41 مدنيا، بينهم نساء بدم بارد ومن ثم يقوم بإحراق الجثث
بعد رميهم في حفرة أُعدت لهذا الغرض، ما يضيف دليلا جديدا على حجم جرائم الحرب
التي نفذتها قوات النظام السوري النظامية والمليشيات بحق السوريين، منذ اندلاع
الثورة السورية في العام 2011.
ورأى مختصون في العلوم الجنائية، أن المقاطع توثق جريمة
ترقى لأن تكون "جريمة إبادة جماعية"، وتقدم دليلا يفوق بأهميته الصور
التي سربها "قيصر" من حيث عرض الفعل الجرمي.
ومع انتشار المقاطع المصورة، والضجة التي أثارتها، لم
تستبعد مصادر سورية أن يقوم النظام بتغييب مرتكب المجزرة أمجد يوسف، وذلك لتجنب
المساءلة، ومنهم فراس طلاس نجل وزير الدفاع السوري الراحل مصطفى طلاس، الذي كتب
على صفحته الشخصية "فيسبوك": "من خبرتي العميقة بالنظام، سيقوم
بتصفية المجرم أمجد يوسف بسرعة قنصا أو بتفجير سيارته".
لكن عضو "هيئة القانونين السوريين" المحامي
عبد الناصر حوشان، استبعد في حديثه لـ"عربي21"، أن يقوم النظام بتصفية
يوسف؛ لأنه إن فعل ذلك ستتوجه إليه أصابع الاتهام بمحاولة طمس الجريمة.
ورجح أن يقوم النظام باستغلال الحادثة لتحسين صورته،
مضيفا: "قد يُقدم النظام على محاكمة يوسف شكليا، بعد القول إن الجريمة وقعت
بشكل فردي، دون علم قيادة الجيش".
وحسب حوشان، لو قام النظام بتصفية كل المسؤولين عن
الجرائم التي تم الكشف عنها، لكان انتهى الحال بغالبية عناصر جيش النظام إلى
الموت.
اقرأ أيضا: كاشفا مجزرة التضامن: مرتكبوها فخورون بجرائمهم.. تفاصيل
بدوره، شدد الباحث في مركز "عمران للدراسات
الاستراتيجية"، محمد منير الفقير، على أن النظام اعتاد على نفي كل الجرائم
التي ارتكبتها قواته.
وبين في حديثه لـ"عربي21"، أن المقاطع تقدم
أدلة غير قابلة للدحض والتشكيك، خصوصا أنه جرى تدقيقها والتحقق منها من جامعات
ومراكز أبحاث أوروبية عريقة، ما يعني أنه من الوارد أن يقوم النظام بالتحقيق في
هذه المجزرة، ووضعها تحت إطار "الأخطاء الفردية"، خصوصا أنه أقر في
أواخر آذار/مارس الماضي قانون تجريم التعذيب.
وأشار إلى أن قانون تجريم التعذيب قد يُجبر النظام على
التعاطي شكليا مع المسؤولين عن تنفيذ المجزرة، لا سيما أن هناك محاولات لإعادة
تعويم النظام، وهي المحاولات التي تتطلب إجراءات شكلية في مجال حقوق الإنسان.
النظام يأمن العقاب
في المقابل، لم يغلق المحامي عبد الناصر حوشان الباب على
احتمالية إنكار النظام للمجزرة، كما أنكر الأسد الصور التي سربها "قيصر"
في ظهور إعلامي له سابقا، مضيفا: "عودنا النظام على الكذب وإنكار الجرائم،
وعندما تتم مواجهته بأدلة ثابتة يدعي أنها أخطاء وتجاوزات فردية"
والاحتمال الأكبر، وفق حوشان، أن ينكر النظام هذه
المجزرة، ويعتبر ذلك كافيا لدفع التهمة عنه في غياب أي مساع حقيقية لمحاسبته،
منهيا بقوله: "ما زال النظام يأمن العقاب، لذلك يسرف في القتل".
وفي السياق ذاته، يشير الباحث محمد منير الفقير إلى قيام
النظام بتصفية أكثر من مسؤول لديه، بسبب الأعباء التي يسببها بقاء هذا الشخص على
قيد الحياة.
النظام مسؤول عن المجزرة
أما المحامي والناشط في مجال حقوق الإنسان، وعضو
"لجنة الدفاع عن معتقلي الرأي والضمير"، ميشال شماس، اعتبر أنه من الصعب
التكهن بخطوات النظام اللاحقة بعد كشف جريمة التضامن المروعة.
ورأى أنه "ليس مهما كيف سيتعامل معها، وسواء قام
بتغييب منفذي المجزرة أم لا، فلن يغير شيئا من بشاعة هذه الجريمة ومسؤولية نظام
الأسد عنها".
ونبه إلى أن هذه المجزرة وحدها تكفي لسوق بشار الأسد إلى محكمة الجنايات الدولية، منهيا حديثه لـ"عربي21" بدعوة كل النشطاء
السوريين للقيام بحملة واسعة "لإظهار وحشية هذه المجزرة ووحشية
مرتكبها".
"مجزرة التضامن" تتصدر "تويتر".. وغياب للتفاعل الدولي
الائتلاف ينفي اختراقه من النظام السوري.. ومطالبات بالتحقيق
الدراما السورية تعود للشاشات السعودية بعد سنوات من القطيعة
لليوم الثاني على التوالي.. الاحتلال يستهدف مسشتفى كمال عدوان شمال غزة
"الحوثي" تعلن ضرب قاعدة "نيفاتيم" الإسرائيلية بصاروخ باليستي فرط صوتي
وثائق مسربة.. السيسي أمر بإنشاء تفريعة السويس رغم خطورتها على أمن مصر