أصبحت قضية الأجانب واللاجئين السوريين في تركيا، "مادة سامة" تثيرها بعض أحزاب المعارضة التركية ضمن حساباتها السياسية وحملتها للانتخابات في حزيران/ يونيو 2023.
وغذت بعض أحزاب المعارضة التركية العداء والكراهية تجاه اللاجئين السوريين في البلاد، خلال الفترة الماضية، ولعل حديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن مشروع عودة مليون لاجئ سوري طواعية إلى بلادهم تأتي في إطار تخفيف التوتر الداخلي.
وبدأت النظرة السلبية تجاه اللاجئين لا سيما السوريين تتزايد مع وعود أطلقها زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو بإرسال السوريين إلى بلادهم في ظرف عامين في حال وصول المعارضة إلى السلطة في الانتخابات المقبلة.
ويتصدر المشهد تجاه معاداة السوريين في الفترة الماضية زعيم حزب النصر العنصري أوميت أوزداغ المعروف بعدائه للاجئين، والذي كان في السابق عضوا في حزب الحركة القومية وبعد ذلك عضوا في حزب الجيد ليطرد منه ويؤسس حزبه الجديد.
ورغم تصدر مشكلة "الاقتصاد" في البلاد لدى مراكز استطلاعات الرأي فإن معضلة اللاجئين السوريين تأخذ مكانها أيضا، وسط نظرة سلبية تم تغذيتها من خلال بث إشاعات تتعلق بالسوريين لدى المواطن التركي من وسائل إعلام تركية معارضة.
استطلاع أوبتيمار عن السوريين
في استطلاع أجرته شركة "أوبتيمار" ما بين 23- 28 نيسان/ أبريل الماضي، وُجه سؤال للمستطلعين "ما شعورك عندما تقابل أحد السوريين؟"، ليجيب 21.3 بالمئة بـ"الكراهية"، و17.3 بالمئة بـ"الإيذاء"، و11.2 بالمئة بـ"الغضب"، و6.6 بالمئة بـ"القسوة"، و4.4 بالمئة بـ"التعاطف"، ولكن نسبة أولئك الذين لم يبدوا تعليقا كانت 33 بالمئة.
وعن سبب الكراهية، قال 38.2 بالمئة من المستطلعين، "إنهم يغتصبون حقوقي"، فيما ذكر 29.2 بالمئة أنهم "يسلبون العمل مني"، فيما رأى 18.8 بالمئة أن "بقاءهم في تركيا" يخيفهم، و13.6 بالمئة علقوا بالقول "نحن خائفون".
اقرأ أيضا: تركيا ترد على "الغزو الصامت" وتكشف عدد اللاجئين السوريين
وعن سبب التعاطف، تظهر الحساسية الإنسانية والدينية في المقدمة لدى المستطلعين، ففي حين رأى 35.8 بالمئة كون أن السوريين "مسلمون"، يرى 19.8 بالمئة أنهم "ضحايا حرب"، و18.5 بالمئة أنهم "بشر"، ونسبة من قالوا "إنهم يحتاجون للمساعدة" هي 17.3 بالمئة، فيما قال 8.6 بالمئة حول سبب تعاطفهم "كل ما سبق".
كما طرحت "أوبتيمار" تساؤلا: "هل يسلب السوريون فرصة عملك؟"، ليجيب 69.2 بالمئة من المستطلعين أن السوريين قللوا فرص عملهم، لكن 38.2 بالمئة لا يعتقدون ذلك.
مخطط مشابه لـ"غيزي بارك"
صحيفة "Türkiye Gazetesi" تحدثت عن مخطط جديد مشابه لأحداث "غيزي بارك" (2013) لإثارة الفوضى في تركيا عبر قضية اللاجئين السوريين.
وتابعت بأنه بدعم من بعض الجمعيات غير الحكومية المدعومة خارجيا تستعد لأحداث مشابهة لـ"غيزي بارك" للضغط على الحكومة التركية، حيث تم تخصيص أكثر من 60 مليون دولار لإثارة الاستفزازات والتحريض على اللاجئين السوريين بحسب مصادر أمنية تركية.
وأشارت المصادر الأمنية إلى أن الاستعدادات لذلك بدأت منذ أكثر من عامين، وأن المحاولة التي تم التخطيط لها العام الماضي تأجلت إلى الصيف الجاري.
وذكرت المصادر الأمنية للصحيفة أنه تم تشكيل فرق وهياكل خاصة في كافة أنحاء البلاد، وحددت المناطق غازي عنتاب وكيليس وهاتاي وشانلي أوروفا، ومرسين وأضنة كمقاطعات تجريبية للتحريض، كما تم إنشاء بنية تحتية في المجالات الإدارية واللوجستية والاقتصادية، لا سيما في وسائل الإعلام بما في ذلك "التواصل الاجتماعي".
ونوهت الصحيفة إلى أن الهدف الرئيسي لموجة أعمال الشغب التي سيتم إطلاقها على اللاجئين هو إجبار الحكومة على الاستقالة أو بدء حرب أهلية.
أما الركيزة الثانية للإجراءات التحريضية بحسب الصحيفة، هي شن حملة ضد تركيا في العديد من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وخاصة جرابلس وأعزاز وعفرين، من خلال الوحدات الكردية لإجبار الناس على الخروج ضد الوجود التركي.
ولفتت إلى أنه وفقا للخطة، فإن هذه الهجمات والمحاولات التخريبية التي تستهدف القواعد العسكرية والمؤسسات والمنظمات التركية العاملة في المنطقة ستزيد من موجة العنصرية في تركيا، وتعمل على تضخيم الفوضى على الجانبين.
اقرأ أيضا: ما تفاصيل مشروع أردوغان لإعادة مليون لاجئ إلى سوريا؟
صويلو: جهات تعمل على تشويه صورة تركيا.. وسبب ما يجري انتخابات 2023
وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، وعلى قناة تلفزيونية، أشار إلى أن هناك جهات تعمل على تشويه صورة تركيا من خلال تلفيق الأكاذيب تجاه مسألة اللاجئين.
وتابع قائلا: "هناك جهود تبذل من الخارج، ومن الداخل، ولدينا انتخابات 2023.. ودون تقديم مبادرات إيجابية يقولون "دعونا نرسل السوريين وليموتوا هناك" بهدف إحراج تحالف الجمهور وحزب العدالة والتنمية".
وحول مزاعم بعض أطياف المعارضة أن "السوريين سيستولون على تركيا" رد صويلو بالقول: "لقد جئنا إلى هنا من مكان ما، من أين أتينا؟ جئنا كأتراك من سهول منغوليا، يقولون إن السوريين سيستولون على البلاد.. من الذي سيستولي؟ نحن لم نسمح لحزب العمال الكردستاني بذلك، وحاولت "قسد" ذلك ولم تنجح، وحاول أصدقاء كليتشدار أوغلو ذلك أيضا".
وحول تصويت كمال كليتشدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري قال صويلو: "كليتشدار أوغلو يريد منها الانسحاب من عفرين، دعنا نخرج من هناك ولنشاهد ماذا سيحدث في جبال الأمانوس في ولاية هاتاي".
وأكد أن هناك الكثير من المعلومات المضللة عن اللاجئين، مؤكدا أنه في إسطنبول يوجد 500 ألف لاجئ سوري مسجل لديهم، ويوجد في كل تركيا 3 ملايين و760 ألف سوري.
صويلو يعلق على "الغزو الصامت" ويهاجم أوميت أوزداغ
وفيما يتعلق بنشر إحدى قنوات منصة يوتيوب لفيلم "الغزو الصامت" المناهض للمهاجرين وخاصة السوريين وحديث زعيم حزب النصر أوميت أوزداغ بتمويله، قال صويلو: "هذا الفيلم يظهر بأن السوريين والأجانب في تركيا سيقومون بالاستيلاء على تركيا، وسنصل إلى مرحلة لن نتمكن من العيش في بلادنا، يحاولون إيصال هذه الفكرة.. يحاولون تحريض من؟ بالتأكيد الشعب والمواطنين في الشارع بهدف ترهيبهم وتخويفهم، إنهم يتلاعبون بعقول الناس بشكل تكتيكي هؤلاء ليس لهم أي صلة بالإنسانية".
وهاجم صويلو زعيم حزب النصر أوميت أوزداغ، ووصفه بأنه من "أسفل السافلين.. وأنه لا يضعه بموضع البشر" على حد وصفه.
وأكد أن 41.54 بالمئة من الحسابات التي هاجمت الحكومة بعد الفيلم هي حسابات روبوتية، و58.46 بالمئة منها حسابات وهمية.
وأضاف أن صورا التقطت في لبنان روجتها تلك الحسابات على أنها بتركيا، وصورا أخرى بأن مجموعة من السوريين يدخنون داخل "المترو" موضحا أنه تم اعتقالهم وتبين أن هؤلاء مواطنون أتراك.
وفي رده على أن "الحرب انتهت ولم تبق أي مشكلة بسوريا"، رد صويلو: "أين لا توجد مشكلة؟.. أين توجد منظمة العمال الكردستاني و"قسد"، ألا تقول أمريكا بأن داعش ما زالت موجودة في المنطقة، ألم يقم النظام السوري بقصف إدلب منذ ثلاثة أشهر، ألا يستشهد حتى الآن من أولادنا (الجنود الأتراك) هناك، أين سنرسل السوريين".
وتابع: "لماذا يعيش الناس في خيمة، لماذا هؤلاء الناس بحاجة إلى قدر بسيط من الخبز، لماذا هم بحاجة إلى سلة غذائية.. أنا أحزن على ما يلبسون وما يأكلون.. هناك أطفال يتامى جلسنا معهم في إدلب ليس لديهم آباء وهناك من ليس لديهم أمهات، هؤلاء يعيشون داخل خيام والوحل والطين".
اقرأ أيضا: جماعة عنصرية تدعو لقتل اللاجئين في تركيا
كاتب تركي: ما يجري يؤثر سلبا على المعارضة والحكومة التركية
الكاتب التركي برهان الدين دوران في تقرير على صحيفة "ًصباح"، أكد أن إثارة قضية اللاجئين تتحول بشكل متزايد إلى وسيلة تؤثر على الديمقراطية والقيم التركية، وتؤثر سلبا على الجميع بما في ذلك المعارضة والحكومة.
وأضاف أن قضية اللاجئين تظل على جدول الأعمال باستمرار بسبب الحرب السورية التي لا تنتهي، والإقامة المؤقتة التي طال أمدها، والصعوبات في سياسات الاندماج، والمشاكل الاقتصادية الأخيرة، وشعبوية المعارضة التي بلغت ذروتها في العنصرية، وتحريض الذين يريدون خلق الفوضى للضغط على الحكومة قبل الانتخابات.
وتابع بأن التعامل مع قضية اللاجئين بلغة غير منضبطة وغير مسؤولة في سياق حسابات الانتخابات تشكل خطرا جسيما.
وأضاف أن كل سياسي عاقل يدرك بأنه لا يمكن إرسال طالبي اللجوء فجأة وبالقوة، ولا تسمح بذلك المسؤولية التي تقع على عاتق الدولة ولا القانون الدولي ولا القيم الإنسانية.
وشدد على أن إدارة عودة اللاجئين هي قضية يجب على كل من الحكومة والمعارضة تحمل مسؤوليتها معا، ويجب إبعاد مسألة عودة اللاجئين من مجال الشعبوية قبل الانتخابات، لأن الخطاب المناهض لطالبي اللجوء من بعض الأحزاب الهامشية اليوم يعمل على التأثير على الناس من كافة مناحي الحياة باتخاذ شكل عنصري، وإذا لم يتم اتخاذ تدابير، فقد يأتي الخطاب المناهض لطالبي اللجوء إلى نقطة ستشمل كافة الأطراف السياسية بالبلاد.
وأضاف دوران، أنه من الحق الديمقراطي للمعارضة أن تنتقد سياسة اللاجئين التي تنتهجها الحكومة في تركيا، ويجب ممارسة هذا الحق بطريقة لا تتنافى مع الثقافة الديمقراطية.
وتابع بأن أولئك الذين ينشرون خطاب" الغزو" يدمرون الأرضية المشتركة للعقلانية من أجل معارضة أردوغان، وللأسف فإن حزبي "الشعب الجمهوري" و"الجيد" قد مهدا الطريق لخطاب "الاستيلاء"، وللأسف فإن أحزاب "المستقبل" و"ديفا" و"السعادة" لا تخرج أصواتها، وهناك أصوات ضعيفة تخرج من بعض القوى اليسارية الليبرالية لكنها ليست بلغة فعالة.
وشدد على ضرورة السيطرة على هذه "المعركة الأيديولوجية" من أجل منع كل من يخطط للفوضى التي ستستهدف الديمقراطية وتثير مشاعر الكراهية للأجانب.
تركيا ترد على "الغزو الصامت" وتكشف عدد اللاجئين السوريين
أنقرة تعلن إيقاف "إجازة العيد" الممنوحة للاجئين السوريين
انفجار عبوة ناسفة أمام مبنى مؤسسة شبابية بإسطنبول