حطمت أسعار المشتقات النفطية في الأردن
لشهر حزيران/ يونيو الرقم القياسي لأعلى سعر بتاريخ المملكة، إذ وصل سعر تنكة البنزين (95) إلى ما يقارب الـ34 دولارا بينما بلغ سعر تنكة البنزين (90) 26 دولارا، في عبء
جديد يضاف على كاهل المواطن.
وتكبل الحكومة الأردنية المحروقات
بضريبة مقطوعة طبقتها في 2019 تصل إلى أكثر من 53% على القيمة الأساسية للمحروقات
لجميع الأصناف، ما يفاقم المشكلة لدى الأردنيين الذين تآكلت دخولهم عقب تضخم ضرب
الاقتصاد، ويتوقع خبراء ومسؤولون أردنيون سابقون أن يرتفع حتى نهاية العام الحالي
إلى 3.5%.
ويقول الخبير والباحث في مجال الطاقة، عامر
الشوبكي، لـ"عربي21": "الارتفاع الحالي مرتبط بالارتفاع عالميا، وبإصرار الحكومة على عكس تدريجي لكامل الضريبة الخاصة المقطوعة على السعر
المحلي والبالغة 37 قرشا (52 سنتا) على اللتر أو 7.4 دينار (10.41 دولار) على تنكة البنزين (90)، و 57.5 قرشا (80 سنتا) أو 11.5 دينار (16.19 دولار) على
التنكة من البنزين (95).
ومن المتوقع حسب الشوبكي أن تلهب المحروقات
أسعار سلع وخدمات مرتبطة بها بسبب ارتفاع أجور النقل والشحن، إذ تدرس الحكومة
الأردنية رفع تعرفة النقل العام.
ويتفق معه مدير مركز الفينيق للدراسات
الاقتصادية والاجتماعية، أحمد عوض، الذي يقول لـ"عربي21" إن أحد أهم أسباب
ارتفاع أسعار المحروقات هو الضريبة المقطوعة على المحروقات وكان يجب على الحكومة
النظر في سياسات التسعير والضرائب وسعر الفائدة لأنها ستؤدي إلى تباطؤ النمو
الاقتصادي ومن ثم ارتفاع معدلات البطالة".
اقرأ أيضا: ارتفاع أسعار سلع أساسية
بالأردن.. والحكومة تلوّح بعقوبات
تآكل الدخل
وتراجعت القدرة الشرائية للمواطن
الأردني في ظل تآكل المداخيل أمام التضخم في الأسعار، وبحسب إحصائيات البنك
الدولي فقد ارتفع معدل الفقر في الأردن إلى 24%
في 2021، بسبب تداعيات جائحة كورونا ما يعني أن ربع السكان هم تحت خط الفقر، بعد
أن كان هذا المعدل من 10% في عام 2010.
ويبين الخبير الاقتصادي مازن مرجي، أن
"40% من دخل المواطن يذهب للغذاء"، معتبرا في حديث
لـ"عربي21" أن "الشعب الأردني يعيش حاليا ضمن الدرجات الدنيا من هرم أولويات ماسلو (...) المواطن أصبح يعيد ترتيب أولوياته بحسب الأهمية على حساب الاحتياجات مثل الصحة أو البحث عن بدائل طعام أقل تكلفة على حساب
الجودة".
ويعتبر الأردن من البلدان متوسطة الدخل
حسب مستوى الدخل للعام المالي 2021-2022، التي يتراوح نصيب دخل الفرد فيها من
الناتج القومي الإجمالي بين 4,096 و12,695 دولارا سنويا.
ووفقاً لبيانات البنك، فقد كان نصيب
الفرد من الناتج القومي الإجمالي في الأردن 4,310 دولارات للعام 2020، مقارنة مع
4,410 دولارات للعام 2019.
اقرأ أيضا: التضخم يضرب اقتصاد
الأردن.. ما خيارات الحكومة والمواطنين؟
المقاطعة لا تجدي مع المحروقات
وهذا الارتفاع على أسعار المحروقات
سبقه سلسلة كبيرة من ارتفاع أسعار سلع أساسية كان آخرها أسعار الدواجن التي انخفضت
تحت وطأة مقاطعة شعبية امتدت لعشرة أيام أجبرت بائعي الدواجن على تخفيض أسعارهم، إلا أن
الحال مع المحروقات مختلف إذ لم تفلح دعوات المقاطعة عبر شبكات التواصل بإقناع
الأردنيين بالتخلي عن مركباتهم الخاصة.
إلا أن أحزابا أردنية و"الحراك
الأردني الموحد" قرروا التخلي عن الصمت وتنفيذ سلسلة فعاليات احتجاجية تحت عنوان "إسقاط سياسات
رفع الأسعار والكف عن العبث بقوت المواطنين".
ويقول منظمو الفعاليات في بيانهم: "ما زال الشعب الأردني يواجه أسوأ نتائج النهج المنحرف في إدارة شؤونه كلها،
وما زالت جيوب المواطنين الفارغة هي الحل الوحيد عند كل مسؤول".
"أين النواب والملك"؟
ويتساءل إسماعيل اليازوري الذي يعمل
سائق سيارة أجرة في عمان ويحصل على دخل قدره 30 دولارا يوميا: "لماذا لا يكون
هنالك قرار ملكي بوقف هذه الارتفاعات في ظل غياب جهة رقابية على الحكومة كمجلس
النواب؟".
يرد النائب ينال فريحات عضو كتلة
الإصلاح بأن "المشكلة أن الحكومة تنفرد باتخاذ القرارات ولا يوجد رقابة تردع
الحكومة سوى الحراك الشعبي إذ لم ترفع الحكومة الأسعار تحسبا لتحركات شعبية في
ذكرى 24 آذار، كما في وقت الربيع العربي 2011، وهذا يعني أن الرادع ليس مجلس
النواب بل شعور الحكومة بغليان
الشارع".
وحول مزاج الشارع الأردني، يضيف النائب
لـ"عربي21": "الشارع يغلي لكن هنالك أسباب لعدم نزول الناس إلى
الشارع للضغط على الحكومة، أبرزها جائحة كورونا وأوامر الدفاع التي استغلتها
الحكومة لمنع أي احتجاج (...) الحكومة مرتاحة والشارع الأردني يشعر بالخوف خصوصا بعد
تجارب دول محيطة تم استخدامها كفزاعة".
الحكومة تبرر
الحكومة بدورها ردت على انتقادات رفع أسعار
المحروقات من خلال بيان للجنة تسعير الطاقة قالت فيه إن "مقدار الرفع على سعر
مادة (البنزين 95) لشهر حزيران الحالي شكل ما نسبته 22% من فرق الكلفة الفعلية، و14%
لمادة (البنزين 90) و 11% لمادتي الديزل والكاز".
وأبقت اللجنة على سعر أسطوانة الغاز عند سعر 7 دنانير للأسطوانة، في
حين بلغت كلفتها 11 دينارا و85 قرشاً. علما بأن معدل سعر خام برنت ارتفع إلى 112.7
دولار للبرميل في شهر أيار الحالي مقابل 104.4 دولار للبرميل المسجل في شهر نيسان
الماضي.
التشخيص والحل
ويعاني الاقتصاد الأردني من أزمات
اقتصادية أبرزها ارتفاع نسب البطالة وارتفاع الدين العام الذي بلغ 41 مليار دولار.
وزير المالية الأسبق محمد أبو حمور يشخص الوضع
الاقتصادي في المملكة بعدة نقاط قائلا: "هنالك مؤشرات سلبية تعمقت في الأردن
مع كورونا على رأسها الفقر، لذا لجأت الحكومة لشبكة الأمان الاجتماعي من خلال
صندوق المعونة التي تغطي 200 ألف أسرة وهذا غير كافِ، كما أن البطالة وصلت إلى نسبة غير
مسبوقة، 52% بين الشباب، بحسب البنك الدولي. أما النسبة العامة للبطالة فهي
24%. هذا رقم غير مسبوق، ناهيك أيضا عن ارتفاع عجز الموازنة والمديونية. صادراتنا تغطي
ثلث مستورداتنا ومتوسط نصيب الفرد من الدخل منخفض والبنية التحتية متهالكة".
ويضيف: "معيشة الشعب الأردني
تراجعت كون معدل النمو الاقتصادي مساويا للنمو السكاني وأحيانا كان أقل كما هو
الحال في كورونا، ورافق هذا التراجع دخول الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع
الأسعار، ومن المتوقع أن يصل التضخم إلى 3.5% كأحد أدنى وهذا يؤدي إلى تآكل دخول
المواطنين".
ويعتقد أبو حمور في حديث
لـ"عربي21" أنه "يجب أن يلمس المواطن الأردني تحسنا في مستوى
معيشته، وتحسين الخدمات المقدمة من المؤسسات الحكومية، هذه المعالجة تأتي بالشراكة
مع القطاع الخاص وجلب الاستثمارات".
وينتظر الأردنيون إطلاق رؤية التحديث
الاقتصادي، المنبثقة عن مخرجات ورشة العمل الاقتصادية الوطنية التي عقدت في
الديوان الملكي، ويرعى الملك عبد الله إطلاق نتائج هذه الرؤية وخريطة الطريق
المقبلة للإصلاح الإداري والاقتصادي.
إسلاميو الأردن يطلقون خطة لإنقاذ اقتصاد المملكة.. ما جدواها؟
لماذا يستنجد السيسي بـ"شعب أبي طالب" أمام المصريين؟
لماذا تثير حرب روسيا بأوكرانيا مخاوف أردنية من جنوب سوريا؟