تتزايد
التقارير الإسرائيلية بصورة يومية تقريبا عن قرب تطبيع العلاقات الكاملة مع
السعودية، في ضوء ما تمر به من تغيرات اجتماعية وثقافية عميقة في السنوات الأخيرة،
رغم أن مسألة العلاقات مع دولة الاحتلال تتعلق باستقرار المملكة ومكانتها في
المنطقة، وفق التقدير الإسرائيلي.
وأثارت زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن المخططة للشرق الأوسط،
واحتمالية وصوله إلى السعودية، مستقبل وجدوى التطبيع المحتمل بين تل أبيب والرياض، ما قد يشير من جانب الأخيرة إلى استعدادها لتقديم تنازلات في هذا الشأن.
ويتخذ ولي العهد والحاكم الفعلي للسعودية، محمد بن سلمان، موقفًا
عمليًا نسبيًا في ما يتعلق بإسرائيل أكثر من باقي أعضاء الأسرة المالكة، بل إنه
أعرب في المحادثات المغلقة عن استعداده لإعطاء المزيد من الترويج لهذه العلاقة.
يوآل غوزنسكي الباحث الأول بمعهد دراسات الأمن القومي، والمحاضر
بجامعة تل أبيب، والعضو الأسابق في مجلس الأمن القومي في مكتب رئيس الوزراء، ذكر في
مقال على موقع القناة 12، ترجمته "عربي21" أن "ابن سلمان كشف في
مقابلة مع مجلة أتلانتيك في مارس 2022 أنه "لا ينظر لإسرائيل على أنها عدو،
بل كحليف محتمل"، رغم أنه أبدى لاحقاً بعض التحفظات، أهمها أنه قبل أن يصبح
تطبيع العلاقات بينهما ممكناً، فإن على إسرائيل أن تحل المشاكل مع الفلسطينيين".
وأضاف: "السعودية قطعت شوطاً طويلاً في دعم الاتفاقات التطبيعية،
وتعمل على تهيئة الرأي العام في المملكة، وتقوم بإيماءات بطيئة، ولكن تدريجية،
استعدادًا لعملية ستسمح في النهاية بمزيد من الانفتاح على إسرائيل".
ورأى أن "هذا نوع من التطبيع الزاحف، ولكن من أجل الإعلان عن العلاقات
القائمة بالفعل بين تل أبيب والرياض، خاصة على الصعيد الأمني، فإنه سيتعين على المملكة
التغلب على الحساسيات الداخلية والخارجية المتعلقة بطبيعة تأثيرها ومكانتها، وحتى
استقرارها".
وتنطلق القراءة الإسرائيلية لمستقبل العلاقات مع المملكة من أنها تحمل
تأثيرا على إعادة الدفء للعلاقات مع الولايات المتحدة، وهي مسألة لها أهمية قصوى
للسعودية، ولها تأثير أيضًا على مكانة ابن سلمان في الداخل، خاصة أن السنوات
الأخيرة شهدت تشكيكا في استعداد النخبة السعودية للوقوف بجانبه عندما تتضرر
المصالح الحيوية للمملكة، التي لها مصلحة في أن تكون واشنطن منخرطة بعمق في الشرق
الأوسط، وأن يكون لها التزام وحساسية أكبر تجاه مصالح السعودية، لا سيما في ما
يتعلق بإيران.
اقرأ أيضا: WSJ: السعودية تتجه نحو علاقات نهائية مع الاحتلال
وفي الوقت ذاته، تعتبر الرياض أن الاتفاق مع تل أبيب وسيلة لتعزيز هذه
العلاقات مع واشنطن، ومن المحتمل أن يكون السعوديون يحتفظون بتسويات محتملة مع
إسرائيل مقابل تغيير موقف واشنطن تجاههم، بما في ذلك توفير الأمن أمام إيران، وفتح
صفحة جديدة مع ابن سلمان، فضلا عن ربط التطبيع مع إسرائيل بامتثالها لمبادرة
السلام العربية.
الاستنتاج الإسرائيلي أنه طالما بقي الملك سلمان على قيد الحياة،
فسيصعب تشجيع التطبيع مع إسرائيل، ولعل هذا الأمر مثار اختلاف في تبادل الرسائل
بين الملك وابنه، الذي يعبر عن رغبة في الاحتفاظ بمساحة للمناورة في هذه القضية
بالذات.
ومن المحتمل أن تكون تصريحاته موجهة للرأي العام في الولايات المتحدة،
ما يؤكد أن احتمالية التطبيع مع إسرائيل ستزداد بعد وفاة الملك، وبالتأكيد إذا تم
تعيين ابنه محمد ملكًا، رغم أن علاقاته بإسرائيل قد تعرض مكانته وصورته للخطر.
هذا يعني، وفق التقدير الإسرائيلي، أن التطبيع السعودي-الإسرائيلي
سيتأثر بفهم ابن سلمان لمدى تأثير هذه الخطوة على تعيينه ملكاً، لأنه لا يزال
بحاجة للشرعية الداخلية، رغم أن استطلاعات الرأي العام في المملكة تشير إلى أن الشارع
السعودي يعارض التطبيع إلى حد كبير، وتنطلق هذه الصعوبة من وضعية المملكة في
العالم الإسلامي، وهذا الأمر له أهمية قصوى بالنسبة لها، وقد تتضرر من تزايد
انتقاداتها، بسبب ما ستواجهه من اتهامات بالسعي لاحتواء القضية الفلسطينية.
يشير هذا التردد السعودي إلى أن طبيعة المملكة المحافظة، والحساسيات
الخاصة بها، تجعلها ذات نموذج مختلف قليلاً للعلاقات مع إسرائيل كما هو الحال مع
الإمارات العربية المتحدة والبحرين، ما يعني، وفق التقييم الإسرائيلي، أن التطبيع
الكامل مع السعودية على نمط الاتفاقات الإبراهيمية، ما زال خطوة بعيدة جدًا، دون
أن ينفي وجود استعدادات لذلك.
الخلاصة الإسرائيلية أنه إذا قدرت القيادة السعودية أن التقارب مع
إسرائيل سيساعدها في تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة، خاصة تحسين مكانة ووضع
ابن سلمان هناك، فقد تكون المملكة على استعداد لاتخاذ خطوة أخرى تجاه إسرائيل.
بعد استقالة "زعبي".. 3 سيناريوهات أمام حكومة الاحتلال
ضباط إسرائيليون: هكذا تحولت جنين إلى معقل للهجمات ضدنا
جنرال إسرائيلي: الخيار الغامض.. "لا اتفاق ولا أزمة" مع إيران