تخوض هي ورفيقاتها معركة أمة في غفلة وفي حالة ضعف غير مسبوقة، وسط عالم منافق لا يرى في الإساءة للرسول الكريم والتوحش الرسمي الهندي ما يستحق حتى بيان إدانة خجولا ومقتضبا.
صرخن حتى بحت أصواتهن "وامعتصماه" فما من أحد رد على النداء، وما من خالد أو طارق حتى يستل سيفه من غمده للذود عن الدين والعرض والمقدسات.
صرخاتهن، ورجال الشرطة الهندية وهم يجرونهن في الشوارع، لم تحرك نخوة أكثر من 70 سفارة عربية وإسلامية تنتصب في نيودلهي، كأن على رؤوسها الطير، لم يسحب سفير واحد ولم تهدد دولة واحدة بقطع العلاقات أو بطرد العمالة الهندية.
حكومة حزب "بهاراتيا جاناتا" الهندوسية المتطرفة برئاسة ناريندرا مودي تستنسخ نفس الأساليب والإجراءات التي تطبقها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، في مقدمتها التوحش إلى أقصى حد ممكن من الدم، وهدم منازل كل من يعارض السياسات الرسمية العنصرية.
فاطمة عفرين، الناشطة الهندية المسلمة، واجهت نفس المصير الذي تواجهه أية فتاة فلسطينية على أرض فلسطين، فقد قمعت وضربت واعتقلت، ثم أكملت السلطات الهندية المشهد الإسرائيلي بهدم منزلها في ولاية أوتار براديش، بعد أن أصبحت إجراءات هدم المنازل السياسة الجديدة المعتمدة من قبل السلطات الهندية لمعاقبة النشطاء الذين يدافعون عن النبي محمد ﷺ وعن الأقليات المسلمة في البلاد والانتقام منهم.
بعد التخويف والاعتقال والضرب لجأت السلطة لاستخدام "الجرافات" و"البلدوزر" لهدم البيوت أمام أعين مالكيها المسلمين الذين تتمزق قلوبهم حسرة وألما على بيتهم التي أفنوا عمرهم في بنائه، البيت الذي يحمل عشرات الذكريات في كل زاوية من زواياه.
حملة كراهية غير مسبوقة في تاريخ الهند يقوم بها المتطرفون الهندوس، الذين لا تقف كراهيتهم عند حدود الكلام، وإنما امتدت إلى القتل وتدمير الممتلكات والضرب بوحشية والإساءة.
اقرأ أيضا: سلطات الهند تهدم منازل محتجين ضد الإساءة للنبي ﷺ (شاهد)
الهند على بركان ساخن بعد التصريحات العنصرية الوقحة المسيئة للنبي الكريم التي أدلت بها نوبور شارما المتحدثة باسم حزب "بهاراتيا جاناتا"، ورئيس الوحدة الإعلامية بالحزب في نيودلهي نافين كومار جيندال.
فاطمة هي ابنة جاويد محمد السياسي المحلي الذي بنى بيت العائلة، وكانت السلطات اعتقلت جاويد وابنه محمد على خلفية اتهامه بالتخطيط لخروج مسلمين في مظاهرات احتجاج على الإساءة للرسول الكريم، وكان جاويد بين أكثر من 300 شخص تم اعتقالهم في ولاية أوتر براديش على خلفية هذه المظاهرات.
فاطمة ناشطة مسلمة بارزة شاركت سابقا في مظاهرات ضد قانون حول المواطنة وحظر ارتداء الحجاب على الفتيات في المدارس الهندية.
وتزعم الشرطة الهندية أن فاطمة ووالدها والعائلة كانت "منخرطة في أنشطة مشبوهة".
وإلى جانب بيت عائلة فاطمة في ولاية أوتر براديش، ثمة بيتان آخران لعائلتين مسلمتين تم هدمهما خلال الأيام الماضية. ويأتي هدم هذه المنازل بين سلسلة من عمليات مشابهة تعرضت لها منازل مسلمين بأيدي السلطات في أوتر براديش وولايات هندية أخرى في أعقاب مشاهد عنف ضد المسلمين باتت مألوفة في ظل حكم الحزب الهندوسي القومي المتطرف.
ويقول قانونيون إن هدم أي منزل هو إجراء وحشي ذلك أن البيت هو رمز للأمان وبناء بيت قد يستغرق عمرا من العمل. ويقول جوفيند ماثور الرئيس السابق للمحكمة العليا في إحدى الولايات الهندية، إن قرارات السلطات كانت "جائرة".
وأوضح ماثور لـ"بي بي سي": "حتى لو كان هناك بعض الأخطاء في عملية البناء، كان يمكن للسلطات أن تقضي بالغرامة بموجب قوانين الولاية، على الأقل كان ذلك كفيلا بأن يعطي فرصة للعائلة لتدارك الموقف".
ويقول الأبناء إنهم لم يكونوا يتوقعون أن ينزل بهم مثل هذا العقاب بسبب شجاعة أبيهم وأختهم في إبداء آرائهما، ويرون أنها رسالة لكل المجتمع المسلم في الولاية وباقي الهند بالكف عن المطالبة بالحقوق المدنية والسياسية.
ودعا نشطاء هنود المحكمة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه هذه القضية، ورفع قضية ضد الحكومة مع تعويضات، بعد أن وصلت الحكومة إلى درجة عالية من الديكتاتورية وتدمير الدستور وخلق جو من الخوف والترهيب في ولاية أوتر براديش.
اقرأ أيضا: TIME: الغضب المؤقت من الهند لن يحمي المسلمين هناك
وفيما يبكي العالم ويصرخ لما يحدث في أوكرانيا ويقدم كل الدعم السياسي والعسكري والمالي والإعلامي لها ضد روسيا، يلتزم الصمت ويخبئ رأسه بالرمل أمام التوحش الذي يمارس ضد المسلمين في الهند.
وكان قتل مدثر خان (25 عاما) برصاصة في الرأس من الشرطة الهندية أثناء احتجاجه على الإساءة للرسول الكريم قد أكمل مشهد التوحش الهندي بأبشع صوره.
وكان مشهد والدة مدثر بعد تلقيها نبأ مقتل ولدها، وهي تبكي بحرقة وتقول: "ولدي كالأسد قتل فداء رسول الله وأنا فخورة به.. لا أحد يستطيع أن يوقف الإسلام"، كافيا لإشعال حرب لو كان مدثر وأمه أوروبيين وعيونهما زرقاء.