نظمت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بالتعاون مع منظمة "فنانون من أجل فلسطين" بالمملكة المتحدة، حفل تأبين للصحفية الراحلة شيرين أبو عاقلة، تبعته احتفالية كبرى داخل مؤسسة سانت برايد، تكريماً لمسيرتها المهنية المليئة بالكفاح والمواقف الشجاعة، وتخليداً لذكراها ولذكرى كل صحفي وصحفية قُتلوا برصاص الاحتلال الإسرائيلي أثناء نقلهم للحقيقة وتغطيتهم للأحداث على أرض فلسطين.
وبدأت الاحتفالية، التي أجريت أول من أمس الثلاثاء 28 حزيران (يونيو) الجاري في العاصمة البريطانية لندن، بقداس داخل كنيسة سانت برايد في العاصمة البريطانية لندن، حيث حضر نشطاء وحقوقيون من جنسيات مختلفة، وحضر الكثيرون من محبي شيرين حول العالم عرفاناً منهم بجميلها تجاه قضية وطنها العادلة، وسعيها الذي لم يتوقف لآخر لحظة في حياتها في نقل صوت الضحايا وفضح جرائم الاحتلال.
القسيسة د. أليسون جويس ـ عميدة كنيسة سانت برايد ـ بدأت الحديث بتوجيه التحية إلى العاملين في المجال الإعلامي، معبرة عن غضبها من مقتل شيرين أبو عاقلة بهذه الطريقة، حيث قالت: "إلى جميع العاملين في هذا المجال، نحملكم في قلوبنا، نشعر بآلامكم، نشارككم مشاعركم الغاضبة من مقتل الصحفية البريئة برصاصة غادرة".
ولفتت القسيسة جويس إلى أنه قد "مر أكثر من شهر على مقتل شيرين، ولا يزال الحزن والصدمة بسبب فقدانها يخيمان على الموقف"، وقالت: "نحن هنا اليوم من أجلها، من أجل تكريمها وتخليد ذكراها وذكرى كل صحفي قُتل أثناء تغطيته ما يحدث في فلسطين".
وانضمت ـ عبر الإنترنت ـ إلى حفل التأبين الفلسطينية لينا أبو عاقلة، ابنة شقيق الصحفية المغدورة شيرين أبو عاقلة، وتحدثت عن شيرين الإنسانة قبل أن تكون شيرين الصحفية المتميزة.
وقالت لينا أبو عاقلة: "قبل أن تكون صحفية، كانت شيرين إنسانة رائعة.. كانت معطاءة لأبعد مدى، كانت واحدة من الناس، من وإلى الشعب"، مضيفة أن "شيرين قضت حياتها في كل زاوية وفي كل قرية في فلسطين، كانت تسعى لتغطية كل جوانب النضال الفلسطيني".
ولفتت لينا إلى الاعتداءات الوحشية التي تعرضت إليها جنازة تشييع شيرين أبو عاقلة، قائلة إن "شيرين واصلت دورها الصحفي في فضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي حتى خلال جنازتها التي هاجمها جنود الاحتلال".
وتابعت: "الشعب الفلسطيني حمل شيرين أبو عاقلة على أكتافهم بنفس الطريقة التي حملت بها أصواتهم إلى العالم أجمع على مدار الـ 25 سنة الماضية".
وأكدت لينا أن العائلة ستواصل المطالبة بحق شيرين، وتعريض جميع الجناة المسؤولين عن هذا الحادث البشع للمساءلة القانونية.
الإعلامي علي السمودي، المنتج بقناة الجزيرة، وزميل شيرين الذي كان معها وقت الحادث وأصيب برصاصة في ظهره، شارك في الحفل بكلمة عبر الإنترنت، حيث تحدث عن رحلة عمله مع شيرين أبو عاقلة، والتي جاوزت العشرين عاماً، حيث قال عنها: "عرفت شيرين أبو عاقلة عن قرب كزميلة صحفية وكأخت رائعة وكفلسطينية ملتزمة"، مضيفاً أن "شيرين أبو عاقلة تمتلك كيمياء فلسطينية وكيمياء إنسانية، كانت تتمتع بروح العطاء والتضحية والشجاعة والبطولة بكل معنى الكلمة".
وتحدث السمودي عن شيرين كمواطنة فلسطينية تحب شعبها وتغتنم أي فرصة للعمل الخيري وتقديم المساعدات النفسية والمادية للمحتاجين، حيث قال: "لطالما كانت شيرين تبادر لتقديم الخير والوقوف إلى جانب المهمشين والفقراء ونصرتهم ورفع كاهل الأذى عنهم".
وتابع: "لم تتوقف شيرين أبداً عن عمل الخير وتقديم العون لكل المحتاجين والتقرب إلى الله... لم تفارقها مسبحتها أبداً، كانت دائمة التسبيح".
واختتم السمودي كلمته قائلاً: "شيرين رحلت، لكن بذرة الخير التي زرعتها في فلسطين وفي العاصمة القدس ما زالت تنمو وتكبر وستستمر".
ومن على قمة أحد تلال القدس، وقفت الصحفية ومنتجة الأخبار بالجزيرة نجوان السمري، متحدثة عن شيرين أبو عاقلة، زميلتها ورفيقة دربها، من أكثر الأماكن حباً لقلب شيرين.
عبرت نجوان عن حالة الحزن المستمرة التي تعيشها بسبب فقدان شيرين، وهو الأمر التي لم تستوعبه بعد بسبب الفراغ الهائل الذي تركه رحيل شيرين برصاص قوات الاحتلال، خاصة أن شيرين لم تكن مجرد صديقة بالنسبة لها، بل إنها كانت أكثر من ذلك، على حد وصفها.
وتابعت نجوان بصوت باك وبعيون تحتبس بداخلها الدموع: "لم يقتل الاحتلال مجرد شخص واحد، قتل الأم والأخت والصديقة والناصح... لقد كانت شيرين كل هذا بالنسبة لي"، وقالت: "بدأت عملي في الجزيرة في عام 2003، حيث بدأت معرفتي الشخصية بشيرين أبو عاقلة التي بدأت تتوطد بقوة وبعمق... شيرين كانت الشخص الأقرب إلى روحي في هذه الحياة.. عملياً الاحتلال عندما قتل شيرين، قتل أكثر من شخص أحبه".
واختتمت نجوان كلمتها قائلة: "أطلب العدالة لشيرين، بالرغم من أن العدالة الحقيقية كانت ألا تُقتل شيرين من الأساس.. العدالة هي أن نخرج من بيوتنا دون خوف من أن نُقتل أو يُقتل شخص عزيز علينا".
الفنانة الفلسطينية ريم كيلاني كانت ضمن المشاركين في حفل التأبين، والتي قامت بترجمة كلمة نجوان للحضور إلى الإنجليزية، ثم قامت بغناء "هكذا يكبر الشجر" للشاعر الفلسطيني محمود درويش، بأداء ملحمي مؤثر عبر عن حجم الألم الذي سببه موت شيرين.
وتخلل الحفل تكريم عائلة الصحفية الراحلة شيرين أبو عاقلة بدرع شرفي حمل كلمتها الشهيرة "ليس سهلاً ربما أن أغير الواقع، لكنني على الأقل كنت قادرة على إيصال ذلك الصوت إلى العالم"، وتم تقديم الدرع لعميدة كنيسة سانت برايد د. أليسون جويس.
حضر الفعالية أيضاً عدد من السياسيين البريطانيين مثل البارونة هيلينا كنيدي، وجيرمي كوربن، وعضو البرلمان جون ماكدونال.
وشارك عدد من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان مثل: السيد محمد جميل رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، والمحامي البريطاني ريس ديفيز، وياسمين أحمد من هيومان رايتس ووتش، والأكاديمية الفلسطينية نادية ناصر نجاب وهي زميلة أبحاث في المركز الأوروبي لدراسات فلسطين في جامعة أكسيتر.
ومن الإعلامين والأكاديميين حضر كل من: تيرا شوبارت المديرة التنفيذية لصندوق روري بيك، وبيتر أوبورن، ومراسلة الجزيرة مينة حربلو، والصحفية البريطانية المخضرمة بيني كوينتون.
ومن الفنانين شارك كل من: هيلاري ويستلك، وميراندا بينيل، وفرحانة شيخ، وسارة بيدينغتون، وجيني مورغان، وجوزيف إدوارد.
جميع الحضور والمشاركين أجمعوا على أن رحيل شيرين أبو عاقلة خسارة كبيرة، مشددين على ضرورة محاسبة القتلة وتقديم الجناة إلى العدالة الدولية من أجل الانتصاف لشيرين ولجميع الصحفيين الذين قُتلوا برصاص الاحتلال الإسرائيلي، وطالبوا المجتمع الدولي بضرورة اتخاذ إجراءات فعالة لوضع حد لممارسات الاحتلال الوحشية التي يرتكبها ضد الصحافة.
وفي 11 مايو/ أيار الماضي، استشهدت أبو عاقلة (51 عاما) جراء إصابتها برصاص الجيش الإسرائيلي خلال عملية في مدينة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، وفق السلطة الفلسطينية.
واتهمت كل من السلطة الفلسطينية وشبكة "الجزيرة"، الجيش الإسرائيلي بتعمد إطلاق الرصاص على شيرين أبو عاقلة التي كانت ترتدي سترة الصحافة، فيما قالت إسرائيل إنها فتحت تحقيقا في الأمر.
دعوة أممية لرفع حصار الاحتلال الإسرائيلي عن غزة
وزير بريطاني يهاجم أكبر إضراب بالسكك الحديدية منذ 30 عاما
شهيد واعتقالات في الضفة.. واقتحام جديد للأقصى (شاهد)