لم ينفك الرئيس السابق للمخابرات السعودية ومجلس الأمن القومي الأمير بندر بن سلطان لسنوات عن لقاء مع قادة يهود بارزين ورؤساء الموساد ورؤساء وزراء إسرائيليين، وفقا لما ذكرته صحيفة "هآرتس" العبرية.
وكشفت هآرتس أن تعزيز العلاقات تدريجيا بين البلدين بدأ منذ تعيين بندر بن سلطان سفيرا للسعودية في واشنطن عام 1983، حيث وصفته بأنه كان "عراب" العلاقات السرية مع إسرائيل.
وذكرت أن البداية كانت عبر اتصالات غير مباشرة مع المملكة العربية السعودية، أجريت بشكل أساسي من خلال قادة المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة الذين التقى بهم الأمير بندر في حينه.
وفي وقت لاحق، أخبر بندر بن سلطان محاوريه الإسرائيليين أن سبب تعزيز العلاقات هو رغبته في فهم كيفية عمل المنظمات اليهودية وتأثيرها على سياسة الولايات المتحدة الخارجية.
وتابعت الصحيفة بأن الأمير السعودي أراد أن يؤسس في تلك الفترة شبكة نفوذ، على غرار اليهود الأمريكيين المؤيدين لإسرائيل، لافتة إلى أن ابن سلطان تمكن من تطوير علاقات شخصية وثيقة مع العديد من رؤساء الولايات المتحدة بداية من رونالد ريغان، وعلى وجه الخصوص مع جورج بوش وابنه جورج دبليو بوش.
وأكدت الصحيفة العبرية أن اللوبي الذي أسسه بندر بن سلطان في واشنطن ساعده على صد معارضة إسرائيل واللوبي المؤيد لها للعديد من صفقات الأسلحة السعودية مع الولايات المتحدة.
مبادرة فـ"علاقات سرية"
وكشف الصحيفة أن اللقاء الأول الذي عقده بندر بن سلطان مع مسؤولين إسرائيليين أجري في واشنطن عقب حرب الخليج الأولى في أوائل التسعينيات مع رئيس جهاز الموساد آنذاك شبتاي شافيت.
وخلال العقود الثلاثة الأخيرة، بينت "هآرتس" أن مسؤولين سعوديين، باستثناء الملك، التقوا بالعديد من رؤساء الموساد ورئيسين للوزراء على الأقل، هما إيهود أولمرت وبنيامين نتنياهو.
وأوضحت أن الاجتماعات عادة ما عقدت في أوروبا، وأيضا في الأردن ومصر، وفي السنوات الأخيرة في المملكة العربية السعودية نفسها.
وبعد شافيت، التقى بندر بن سلطان مديري الموساد إفرايم هليفي ومئير داغان، وفقا للصحيفة، التي أشارت إلى أنه خلال هذه الفترة كانت السعودية تروج لمبادرة سلام عربية مع إسرائيل تتضمن تطبيعا للعلاقات مع تل أبيب وفق شروط.
وقالت الصحيفة العبرية إن هناك ثلاث قضايا أساسية دفعت السعودية لإقامة علاقات سرية مع إسرائيل وهي: الخوف المشترك من البرنامج النووي الإيراني، وجهود طهران الرامية للهيمنة على المنطقة، والرغبة السعودية في شراء التكنولوجيا والأسلحة الحديثة المصنعة في إسرائيل.
وحددت الصحيفة "لحظة تاريخية"، أكدت أنها ساعدت على تعزيز العلاقات بين البلدين عندما انتهت ولاية بندر في واشنطن وتعيينه رئيسا لمجلس الأمن القومي السعودي في عام 2005 وبعدها رئيسا لجهاز المخابرات السعودية في عام 2012.
في سياق هذه المناصب، شارك بندر بن سلطان في العمليات الدبلوماسية العلنية والسرية المتعلقة بالعديد من القضايا في الشرق الأوسط، بما في ذلك إيران ولبنان والحرب الأهلية السورية وتدخل روسيا وطبعا إسرائيل والفلسطينيين.
وكشفت "هآرتس" أن محادثات عقدت في عمان بين بندر بن سلطان وداغان ولاحقا مع أولمرت وتركزت بشكل رئيسي على إيران.
في ذلك الوقت، رأى ابن سلطان والعائلة المالكة السعودية، أن طهران ودعمها للشيعة في البحرين والعراق وسوريا ولبنان يمثلان أكبر تهديد لهم، وفقا للصحيفة، ونتيجة لذلك شجع السعوديون إسرائيل على التصرف بكل الوسائل المتاحة لها لإحباط برنامج إيران النووي.
اقرأ أيضا: نتنياهو يشكر ولي العهد السعودي لدوره في صفقات التطبيع
العراب السري.. لقاءات واجتماعات
وشملت اتصالات الأمير السعودي خلال ولاية رئيس الموساد السابق تامير باردو بدءا من عام 2011، كلا من حزب الله وإيران وحركة حماس، وفقا للصحيفة.
ونقلت "هآرتس" عن مصادر أجنبية قولها إن ممثلين عن باردو التقوا ببندر بن سلطان في أوروبا، بما في ذلك في مقره في المملكة المتحدة، فيما عُقد الاجتماع الأهم في أغسطس 2014، في نهاية عملية عسكرية نفذتها إسرائيل ضد حركة حماس في غزة، حيث وجه ابن سلطان دعوة لقادة أمن إسرائيليين لزيارة المملكة العربية السعودية.
ووفقا للصحيفة فقد كانت تلك هي المرة الأولى التي يصل فيها إسرائيليون يعملون في مناصب رسمية إلى المملكة، حيث ركبوا طائرة خاصة بعد أن توقفوا لفترة وجيزة في عمان واستمروا في طريقهم إلى قصر بن سلطان في جدة، وهناك، وبموافقة العاهل السعودي في حينه الملك عبد الله بن العزيز، أمضى الجانبان ساعات طويلة في مناقشة مبادرة بعيدة المدى تهدف إلى إحلال السلام في الشرق الأوسط.
وخلال الاتصالات السرية في جدة، اقترح ابن سلطان أن يحضر وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2014، وبحضور جميع وزراء خارجية الدول العربية، للمصادقة على خارطة طريق تدعو من أجل اتفاق سلام إسرائيلي-فلسطيني وعلاقات دبلوماسية كاملة وتطبيع بين إسرائيل ومعظم الدول العربية.
وسارع قادة المؤسسة الدفاعية إلى إبلاغ نتنياهو بالمناقشات، ووافق على الفكرة، حيث سافر لاحقا إلى أوروبا بنفسه مرتين للاستماع إلى تفاصيل الاقتراح من ابن سلطان شخصيا.
ولكن بعدها مر الوقت ولم يتخذ نتنياهو أي خطوة لتنفيذ المقترح على أرض الواقع وهو ما أغضب ابن سلطان وجعله يشعر بالإهانة والإحباط وفقا للصحيفة.
وأضافت أن ابن سلطان قطع بعدها الاتصالات بإسرائيل وفي عام 2015 استقال من منصبه بعد أن فقد حظوته لدى مجيء العاهل السعودي الحالي الملك سلمان.
وتم استبدال ابن سلطان بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وبحسب الصحيفة، فقد استمرت العلاقات مع إسرائيل في الازدهار خلال فترته حيث التقى بنتنياهو ومستشار الأمن القومي مئير بن شبات في منتجع نيوم السعودي إلى جانب مسؤولين آخرين.
صفقات مشتركة؟
ظلت المسائل التي عززت العلاقات بين البلدين سابقا هي نفسها خلال فترة محمد بن سلمان والمتمثلة بتبادل التقييمات الدبلوماسية والمعلومات الاستخباراتية والمعارك المشتركة ضد إيران وحزب الله وسوريا وحماس والقاعدة وداعش.
كذلك عمدت الرياض إلى شراء المزيد من المعدات الأمنية والتكنولوجية والاستخباراتية من إسرائيل، بما في ذلك برنامج التجسس "بيغاسوس" سيئ الصيت.
وفي الآونة الأخيرة، كانت هناك أيضا تقارير متزايدة عن أن المملكة العربية السعودية تدرس شراء أنظمة دفاع جوي من إسرائيل، كما أن هناك تسريعا في المشاريع المدنية والتعاونية في مجالات الزراعة والمياه والمعدات الطبية والتكنولوجيا الفائقة.
وبينت الصحيفة أن مئات الإسرائيليين الذين يحملون جنسية أجنبية سافروا بحرية في الأشهر الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية، فيما بدأت الطائرات المدنية الإسرائيلية تستخدم المجال الجوي السعودي خلال رحلاتها.
وختمت الصحيفة بالقول إن الرئيس الأمريكي جو بايدن وخلال زيارته للشرق الأوسط، سيحاول وضع خطة لاتفاقية تعاون إقليمي مع إسرائيل والسعودية ودول الخليج ومصر والأردن والعراق لمواجهة الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية.
ووصل بايدن إلى إسرائيل الأربعاء، في أول جولة له إلى الشرق الأوسط، تشمل السعودية أيضا، حيث تعهد في تصريحات بعد استقباله بـ"إعطاء دفع لعملية اندماج إسرائيل" في الشرق الأوسط.
وطبعت إسرائيل خلال السنتين الأخيرتين علاقاتها مع أربع دول عربية جديدة هي الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.
ومع زيارة بايدن الذي سيستقل أول رحلة جوية مباشرة من إسرائيل إلى السعودية، ازدادت التكهنات بحصول تقارب بين إسرائيل والرياض.
صحيفة عبرية تتحدث عن تفاهمات سرية بين الرياض وتل أبيب
تفاؤل إسرائيلي بموافقة سعودية لطائراتها بالتحليق في أجوائها
صفقة وشيكة بين السعودية ومصر والاحتلال بشأن تيران وصنافير