يجري
الإسرائيليون هذه الأيام مقارنات بين أداء رئيس الوزراء يائير لابيد المستجد في موقعه،
وبين سلفه نفتالي بينيت الذي حاول الظهور كمن يحرص على المصالح الإسرائيلية، ولو على
حساب مصالحه الشخصية.. أما عند الحديث عن بنيامين نتنياهو، فإن الاستخلاص أنه استطاع
تحقيق جملة من المصالح السياسية والعسكرية والأمنية لدولة الاحتلال خلال حكمه المستمر
اثني عشر عاما.
آفي
برئيلي الكاتب في صحيفة "إسرائيل اليوم"، ذكر في مقال ترجمته "عربي21"
أن "لابيد الذي ما زال يحتفظ بحقيبة وزارة الخارجية أساء لإسرائيل عندما سارع
للإدلاء بتصريحات استنكار ضد الغزو الروسي لأوكرانيا، صحيح أنها تركت آثارا إيجابية
في الساحة الدبلوماسية الغربية، لكنها أضرت بإسرائيل، حتى لو تشدق لابيد بأنه يريد
أن يكون "في الجانب الصحيح من التاريخ"، لكنها عبارة "غبية" تنمّ
عن فهم سياسي ضحل لقائلها".
وأضاف
أن "لابيد في كل المشاكل التي واجهت إسرائيل في الأسابيع الأخيرة -إيران وبولندا
ولبنان وروسيا والفلسطينيين- أراد أن يكون مقبولا في الأروقة السياسية الغربية، لكنه
لم يفهم أن منصب وزير الخارجية الإسرائيلي يتطلب مؤهلات مختلفة عن مؤهلات الدعاية والمذيع
التي يتقنها لابيد، والنتيجة أنه أضرّ بالفعل بلا داع بالعلاقات الإسرائيلية مع الحكومة
البولندية، ما مثّل إشكالية في حد ذاته، من خلال تعامله مع الأزمة بطريقة طفولية
صبيانية، وليست بالضرورة أخلاقية".
صحيح
أن الحرب في أوكرانيا عقّدت بشكل موضوعي العلاقات الإسرائيلية مع روسيا، وصحيح أن ارتباط
دولة الاحتلال بالمعسكر الغربي ضرورة ذاتية وقيمة مميزة في استراتيجيتها الأساسية،
لكن لابيد، وفق الانتقادات الإسرائيلية، لم يستطع التوفيق بين المتناقضات السائدة في
السياسة الدولية، وشبكة المصالح الإسرائيلية، في حين أن "شهر العسل" الذي
بين نتنياهو وبوتين، أسفر عن لعب روسيا دورًا ضارًا ضد البرنامج النووي الإيراني.
أكثر
من ذلك، أن لابيد، بحسب خصومه، بدّد ما أنجزته دولة الاحتلال في سنوات سابقة من تنسيق
عالي المستوى مع روسيا لاستمرار الضربات الإسرائيلية ضد التواجد الإيراني في سوريا، ما يكشف أن نتنياهو قد يكون نجح في المناورة بين التيارات المتعارضة في السياسة الدولية
بما يخدم دولة الاحتلال، وهو ما فشل فيه لابيد.
حتى إن نفتالي بينيت -يقول منتقدو لابيد- وصل إلى قناعة مبكرة مفادها أن الحرب في أوكرانيا
زادت من الصعوبات أمام دولة الاحتلال للاستمرار في المناورة، لكنه حاول بقدر ما
أن يقود وساطة بين روسيا وأوكرانيا، حتى جاء لابيد "غير الماهر"، وعرقل محاولات
سلفه، والنتيجة التي توصل إليها الإسرائيليون أنه لا مفر من الاعتراف بأن من يرأسهم
اليوم شخص غير قادر على خدمة مصالحهم الحيوية، خاصة في مجال الأمن.