تناول تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" ما وصفته
بـ"المخطط التركي الكبير في سوريا"، وذلك بعد تنفيذ أنقرة توغلات عسكرية
لدفع وحدات حماية الشعب الكردية بعيدا عن الحدود.
وقالت الصحيفة إن الوجود التركي
في سوريا هو الأكبر في دولة عربية منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية عام 1918، مرجحة
ازدياد هذا الوجود، إذ إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يهدد بشن هجوم جديد
لإحكام سيطرة بلاده على الشمال السوري، وفق تعبيرها.
ورأت أنه إذا ما نفذ أردوغان تهديداته فإن هذا سيتطلب مزيدا من
التدقيق في استراتيجيته بعيدة المدى في سوريا، ودور الفاعلين الأجانب في سوريا بعد
عقد من الصراع في البلد العربي.
وأشارت إلى أنه على مدى
العامين الماضيين، أصبح تفتت الدولة وضعا راهنا غير سهل بعد حملة رئيس النظام السوري،
بشار الأسد لقمع الانتفاضة في عام 2011 وتدويل الحرب الأهلية بالبلاد.
ولفتت إلى أن الأسد تمكن بدعم روسي
إيراني من استعادة السيطرة على أجزاء كبيرة من البلاد، ولكنه يترأس دولة محطمة، في حين اتجهت بقايا المعارضة
إلى الشمال حيث إنها تعتمد على القوة العسكرية والمالية لتركيا، وفي الشمال الشرقي
تسيطر المليشيات التي يقودها الأكراد على حوالي خمس البلاد، وهي تلقى دعما
أمريكيا إذ تتوفر لها حماية فاعلة من 800 جندي أمريكي.
وأكدت الصحيفة أن الصراع في سوريا مجمد في ظل عدم
فاعلية الجهود الدولية من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، كما أن الاهتمام
الغربي بالأزمة تقلص.
وقالت دارين خليفة، محللة الملف السوري في مجموعة الأزمات الدولية:
"في الواقع أن ديناميكيات ومخاطر الصراع القوى الأجنبية تحفز على البقاء في
سوريا. ولطالما فعلوا ذلك، فمن المرجح أن يستمر المأزق الحالي، وهو يشبه تقسيما
فعليا للبلاد".
اقرأ أيضا: هل أظهرت "قمة طهران" خلاف دول "أستانا" بشأن سوريا؟
ونبهت الصحيفة إلى أن المدارس، في المناطق الثلاث التي تتحكم فيها
أنقرة، تُدرس اللغة التركية كلغة ثانية ويُعالج المرضى في مستشفيات تركية بنيت في
تلك المناطق، كما أن الكهرباء تأتي عبر تركيا، والليرة التركية هي العملة الأكثر
تداولا.
وعلى الصعيد الأمني، فإن أنقرة تدرب وتدفع الرواتب لأكثر من 50 ألف مقاتل
سوري، ونشرت قواتها في سوريا، وبنت قواعد عسكرية عملاقة على الحدود وحائطا حدوديا
بطول 873 كيلومترا.
واعتبرت أن أردوغان يرغب بالإضافة إلى
إنهاء وجود وحدات حماية الشعب الكردية ذات الصلة بحزب العمال الكردستاني - في
إنشاء منطقة آمنة لتشجيع عودة ما يقرب من 3.7 مليون لاجئ سوري، إذ أصبح وجودهم في
تركيا غير مقبول شعبيا.
ونفى مسؤول تركي للصحيفة، أن تكون
بلاده تسعى لتغيير النسيج الاجتماعي لسوريا، مؤكدا أن العديد من الأصدقاء
العرب والغربيين لم يفهموا التوجه التركي.
وبحسب الصحيفة فإن التخوف الرئيسي لأنقرة هو أن طول فترة سيطرة وحدات
حماية الشعب التركي على مناطق معينة قد يكون دافعا لها مستقبلا لجعل تلك المناطق موطنا
للأكراد.
التايمز: تركيا تنافس الصين على ريادة صناعة بطاريات السيارات