تتسع هوة الخلافات الداخلية في
المجلس الرئاسي
اليمني، بعد أنباء عن عزوف أعضاء فيه، عن حضور اجتماعاته، وحنقها من استمرار
المعادلة الأمنية والعسكرية في مدينة عدن، جنوبا، التي يتخذ منها المجلس مقرا له،
رهن تحكم الانفصاليين الجنوبين المدعومين من دولة
الإمارات، رغم الفترة التي مضت
على تشكيل المجلس، والمقدرة بـ100 يوم.
وذكر إعلام محلي يمني أن عضوي المجلس الرئاسي،
سلطان العرادة، محافظ محافظة مأرب، شرقا، ونجل شقيق الرئيس الراحل صالح، طارق
صالح، الذي يتخذ من مدينة المخا الساحلية في تعز مقرا له، عزفا عن حضور اجتماعات المجلس في قصر معاشيق بعدن، بسبب استمرار الهيمنة الأمنية والعسكرية
لمليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي، على العاصمة المؤقتة وقصرها الرئاسي، والتي
وصلت إلى اقتحام مقر إقامة طارق صالح في وقت سابق من مايو/ أيار الماضي هناك.
ومنذ 100 على تشكيل المجلس الرئاسي في أبريل/
نيسان الماضي، لم تقر حتى الآن الآلية التي تنظم عمل أعضائه وتحدد لكل منهم
صلاحياته، وهو ما يعمق الأزمة الداخلية بين أعضائه، ويبقيهم رهائن سلطة الأمر
الواقع التابعة للمجلس الانتقالي، وزعيمه، عيدروس الزبيدي، الذي هو أيضا عضو في
المجلس الرئاسي ذاته، وفق مراقبين.
"تركيبة
متناقضة"
وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية
بجامعة صنعاء، عادل الشجاع، إنه لا يمكن الرهان على وحدة مجلس القيادة الرئاسي،
فتركيبته متناقضة من أول يوم.
وأضاف الشجاع متسائلا في حديثه
لـ"عربي21" : "لست أدري على ماذا يراهن البعض في وحدة مجلس القيادة
الرئاسي، مع أن المقدمات تؤدي إلى المتن، كما يقول اللغويون؟
وتابع الأكاديمي اليمني: مجلس القيادة تركيبته
متناقضة من أول يوم، ولا يوجد اتفاق بين أعضائه على أهم القضايا الوطنية كالوحدة
والشرعية التي جاءوا باسمها والسيادة الوطنية.
وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء أن
مجلس القيادة بحاجة أولا إلى مغادرة عدن، واتخاذ أرض ينطلق منها، ويؤسس مؤسسات
الدولة فيها، حتى لا يظل أسيرا للشركات الأمنية التي أسستها الإمارات، في إشارة
منه إلى التشكيلات الأمنية والعسكرية المليشياوية التي تتحكم بعدن، والمدعومة من
أبوظبي.
"رافعة مرحلية"
من جانبه، يرى الصحفي والباحث السياسي اليمني كمال السلامي، أنه منذ اليوم الأول لتشكيل المجلس الرئاسي، كانت أعراض ضعفه واضحة
للعيان.
وقال السلامي في حديث خاص لـ"عربي21 " إن "التباين الشديد
بين مكوناته لا يقود إلا إلى الفشل، رغم التفاؤل الذي كان سائدا في الأوساط، لعل
معجزة تحدث".
وأشار: "لم يستقر أعضاء مجلس القيادة، أو بعضهم في عدن، ووصل الأمر إلى درجة حدوث بعض الاستفزازات، كما حدث مع العميد طارق، الذي منع من رفع علم الوحدة أو الاحتفال بذكراها في منزله بالعاصمة المؤقتة
عدن".
وبحسب الصحفي السلامي، فإن الانتقالي يتعامل مع
مجلس القيادة كرافعة مرحلية للوصول إلى مزيد من المكاسب، وهو لا يعترف بالشرعية
إلا بالمقدار الذي لا يتعارض مع أهدافه، وأهداف داعميه.
وقال: "اليوم مدينة عدن تحت سيطرة
الانتقالي، والمجلس الرئاسي عاجز عن توفير بيئة آمنة لأعضائه وطاقم عمله".
وأردف: "وهذا ما يعترف به الدكتور رشاد
العليمي خلال عدة لقاءات غير رسميه أجراها في الخارج مؤخرا".
ولفت الباحث السياسي اليمني: "مجلس
القيادة يتجه نحو مأسسة وترسيخ مرحلة اللادولة، والتي كانت سائدة قبل تشكيله،
واليوم بعد مئة يوم على تشكيله، ليس ثمة فرق، إلا أن الانقلابين في المجلس
الانتقالي أصبحوا جزءا من شرعية تتآكل بدورها تدريجيا،
ومضى بالقول: "وبالتالي البلاد تتجه نحو الإقرار بحالة الانقسام، وشرعنة الوجود المليشياوي على الأرض ليس أكثر".