نشرت
صحيفة "
فايننشال تايمز" تقريرا، قالت فيه إن الأموال الأجنبية لا تزال تسهم
في انتهاكات
الصين للمسلمين الإيغور في إقليم شنجيانغ.
وجاء
في التقرير الذي ترجمته "عربي21": إنه لا يوجد مكان في العالم يمثل مشكلة
بالنسبة للمستثمرين الذين يريدون دعم سياسة بيئية اجتماعية وحكم رشيد، مثل إقليم شنجيانغ
في شمال- غرب الصين، فهو مشهد انتهاكات منظمة وخطيرة لحقوق الإنسان، ومكان لعمليات
اعتقال جماعية للمسلمين الإيغور والأقليات الأخرى فيما أطلقت عليها الحكومة الصينية
مراكز "إعادة التعليم"، هذا بالإضافة للعمالة القسرية المنتشرة، فهو أيضا
المزود الأكبر لألواح الطاقة الشمسية، هذا إن أخذنا دور المنطقة في مكافحة التغيرات
المناخية.
ومع
زيادة القلق بشأن الوضع في شنجيانغ، ردت الولايات المتحدة والحكومات الأخرى بفرض
عقوبات
على المنتجات التي ترتبط بالعمالة القسرية، والسؤال: هل تترك هذه الإجراءات أثرا إيجابيا؟
ويضيف
أن أحسن الأبحاث حول هذا الموضوع قدمها فريق من الأكاديميين في جامعة نوتينغهام البريطانية.
وكان تقريرهم الأخير عن فعالية العقوبات على شنجيانغ مثيرا للكآبة.
فالمشكلة
الرئيسية التي أشار إليها التقرير هي أن العقوبات ركزت على منع الصادرات التي تلوثت
بالقمع في شنجيانغ، ولم تركز على الإجراءات المالية.
وكان
أحد الآثار الرئيسية لهذا النهج هو أنه زاد من الكلفة على المستهلك الغربي، لكن الشركات
المصدرة لم تجد صعوبة في العثور على مشترين لمنتجاتها في الصين والأسواق الآسيوية الأخرى.
وجاء
في التقرير: "يمكن القول إن الحظر على الاستيراد الغربي لن يخفف من العمالة القسرية
في قطاع الطاقة الشمسية بشنجيانغ"، "لكنه سيخفف من تواطؤ المستهلك الغربي
فيه".
وقال
جيمس كوكايين، مؤلف التقرير، إن الرغبة الغربية بأن تكون لديها سلاسل توريد "خالية
من العبودية" ربما تركت أثرا ضارا. وفي الوقت الذي حاولت فيه الحفاظ على الهيمنة
الدولية، فقد قام قطاع الطاقة الشمسية الصينية بالتركيز على سلسلتي توريد متوازيتين.
واحدة، جزء من عملية خالية من العمالة القسرية وتبيع للمستهلكين الغربيين بأسعار مميزة.
أما
الثانية، فهي سلسلة توريد تستخدم عمالة رخيصة قسرية في شنجيانغ، وتقدم الخدمات للصين
والدول الأخرى التي لا تطالب بمعايير عالية. و"النتيجة هي أنكم، المستهلكين الغربيين، تدعمون استخدام العمالة القسرية من أجل صناعة البضائع التي تصنع وتباع للآخرين في أماكن
أخرى". وهو "ما بدأ يحدث"، كما يقول كوكايين. ويجب على الحكومات الغربية
عمل المزيد من أجل دعم سلسلة توريد جديدة لا تعتمد على المنتج الصيني، كما يقول.
وحث
التقرير صناع السياسة على توسيع مجال العقوبات، حيث لم يتم استخدام العقوبات المالية
كثيرا في سياق شنجيانغ، كما قال. ورغم الاعتماد الكبير على أسواق الأسهم والسندات
التي تمول الكثير من الشركات المرتبطة بالانتهاكات، ووجد بعضها سوقا لمنتجاتها في الصناديق
المالية التي تحمل علامة حماية البيئة والتي يديرها بعض من كبار مدراء الصناديق المالية
في الغرب.
ويرى
تقرير جامعة نوتينغهام أن "نظام العقوبات الحالي "لم يمنع المستثمرين الغربيين
من مواصلة الاستثمار في المنتجات والتربح من بيع البضائع التي يصنعها عمال السخرة في
شنجيانغ". وقال التقرير إنه في وقت يطالب فيه بعض المحافظين الأمريكيين الحكومة بتقييد دخول الصين إلى سوق رأس المال الأمريكي. وقال سناتور فلوريدا الجمهوري ماركو
روبيو: "هناك الكثير من الأمريكيين من أصحاب النية الحسنة الذين يدعمون، دون
قصد، نظام الإبادة الجماعية؛ لأن وول ستريت يفعل هذا نيابة عنهم"، حيث حث على اتخاذ
إجراءات مثل منع اكتتاب الشركات الصينية في السوق المالي الأمريكي. وأتبع كيث كراتش،
مساعد وزير الاقتصاد في إدارة ترامب، الكلام الأسبوع الماضي بالدعوة لمنع كل الشركات
الصينية المقيمة من صناديق دعم البيئة والمجتمع والحكم الرشيد.
ويناقش
كوكايين أن تقييد تدفق رأس المال إلى الشركات المرتبطة بشنجيانغ قد يترك أثرا أكبر
من فرض العقوبات على الصادرات. لكنه استدرك قائلا إنه من غير الواضح إن كان هذا النهج
سيترك أثره الحقيقي على الانتهاكات التي تجري في شنجيانغ. وبالنسبة لحكومة شي جينبينغ، فالمنطق خلف العمالة القسرية لا علاقة له بالاعتبارات المالية والتجارية بقدر ما هو
"منطق استراتيجي للتحكم الاجتماعي بمنطقة يرى أنها مصدر للاضطرابات المحلية".
ومن
أجل حدوث تحول في هذه الحسابات، سأل الكاتب عن ضرورة فرض عقوبات تحدث عرقلة اقتصادية
على المستوى في الصين، بدلا من فرض عقوبات على الشركات العاملة في شنجيانغ. وأجاب:
"يمكنك التفكير بهذا المدخل، ولو نظرت إلى جنوب أفريقيا، مثلا، فإلى هناك انتهت
الأمور"، في إشارة للعقوبات الدولية القاسية التي فرضت على نظام الفصل العنصري
في بريتوريا بثمانينات القرن الماضي. وبنفس الطريقة فالعقوبات القاسية التي ستفرضها
الاقتصادات الكبرى ضد الصين من الصعب حصولها، نظرا لأهميتها للاقتصاد العالمي.