مع دخول
العدوان الإسرائيلي على غزة يومه الثالث، ما لبثت الاتهامات الإسرائيلية تتصاعد بشأن
خطأ تقديرات الاحتلال، لا سيما عدم نجاحه في استثمار علاقاته التطبيعية الأخيرة، وفشله
في دق إسفين بين الفلسطينيين في قطاع غزة ومنظمات المقاومة.
صحيح
أن الإسرائيليين مقتنعون بأن الحرب على المنظمات الفلسطينية المسلحة فعل يجب أن يقوم
به الجيش، لكن في الوقت ذاته، فمن المشكوك فيه أن يكون هناك شخص ذو خبرة بين الإسرائيليين
لديه توقعات بأي تغيير إيجابي لصالحهم نتيجة هذه الحرب، لأنه قبل أقل من ثلاث سنوات،
حصلت حرب مشابهة، وفي ظروف متطابقة تقريبًا، لكنها أثبتت أن تأثيرها كان ذا ردع محدود
فقط على قادة المقاومة، وتركت درجة قليلة من التأثير على عملياتها.
عوفر
شيلح الرئيس السابق للجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، ذكر في مقال بصحيفة "يديعوت
أحرونوت"، ترجمته "عربي21" أن "اغتيال تيسير الجعبري، وقبله بهاء
أبو العطا، من قادة الجهاد الإسلامي، يذكر الإسرائيليين باغتيال رئيس أركان حماس العسكري
أحمد الجعبري قبل عشر سنوات، وقبله صلاح شحادة، بعشر سنوات أخرى سابقة، لكن كل هذه
الاغتيالات لم تمنح إسرائيل الأمن الذي تبحث عنه، وبات من المعتاد القول إنه ليس لديها
سياسة في ما يتعلق بغزة".
وأضاف
أن "الاغتيالات التي شنها الاحتلال على قادة المقاومة الفلسطينية كانت بهدف تحقيق
سياسة واضحة في غزة لأكثر من عشر سنوات، دأب على تنفيذها عدد لا يحصى من الحكومات،
وهي تحقيق الهدوء بأي ثمن تقريبًا على الحدود، وبالتالي فإنه يبقى على الإسرائيليين تحديد
المدى الذي سيستغرقه إشعال النار، مع أن الاحتلال استنفد تقريبا كل ما يمكن أن يحققه
في هذه الاغتيالات، والنتيجة أن الإسرائيليين يجدون أنفسهم بين حين وآخر منغمسين في
حملة عسكرية".
لا يخفي
الإسرائيليون اعترافهم بأن سلوكهم تجاه الفلسطينيين مرارًا وتكرارًا يجعل المقاومة
هي السبيل الوحيد للحصول على حقوقهم من الاحتلال، في ظل توقيع اتفاقيات التطبيع من
جهة، ومن جهة أخرى استمرار التجاهل التام للقضية الفلسطينية، وبالتالي فإن الحكومة
الحالية تواصل طريق حكومة بنيامين نتنياهو، دون أي تغيير فيها، مع فشل ذريع في عدم
الاستفادة من علاقاتها مع دول المنطقة، والنتيجة أن هذه السياسة سوف تأخذ الإسرائيليين
للانزلاق إلى دولة ثنائية القومية.
في الوقت
ذاته، تؤكد المحافل الإسرائيلية أن الاعتماد فقط على الحرب التي تشنها الدولة بين حين
وآخر على غزة، يعني أن يبقى الإسرائيليون محكوما عليهم بجولة عسكرية تتلوها جولة أخرى،
وباتت أكثر من فارغة ودون جدوى، لأن الحديث عن إنجازات عملياتية واستخباراتية لا يعني
لهم شيئا في النهاية، ولسنوات قادمة سيبقى الفلسطينيون يعيشون حالة من المعاناة والخوف
المستمرة، ومئات الآلاف من الإسرائيليين يدفعون الثمن الحقيقي لهذا الشلل السياسي.
اقرأ أيضا: تواصل الإدانات العربية والإسلامية لعدوان الاحتلال على غزة
ناداف
آيال خبير الشؤون الدولية أكد أن "العملية العسكرية الجارية في غزة ما زالت مرهونة
بنهايتها الرمادية، دون حسم واضح، لأن الضربة الافتتاحية المتمثلة باغتيال قائد الجهاد
الإسلامي العسكري لا تمثل كل شيء، خاصة إن امتلك العدو لاحقا مشاعر الروح الجماعية
والصمود، وهذه اللحظات التي ترتكب فيها الحكومات الإسرائيلية أكبر أخطائها، بدليل
أن القدرة الإسرائيلية على السيطرة على نتائج عدوانها على غزة ما زالت محدودة".
وأضاف
في مقال بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، ترجمته "عربي21" أن "العدوان
على غزة سبقه حالة من "الهستيريا الإسرائيلية الهائلة" ما دفع المعارضة إلى اتهام يائير لابيد بعدم أهليته للقيادة الوطنية، وبأنه غير مناسب لرئاسة الحكومة، بل إنه
ليس مناسبا للقيادة إطلاقا، لأننا أمام عملية عسكرية خلال حملة انتخابية، والعواقب
واضحة للجميع، ولا أحد يعلم إن كانت نهاية العملية في الأيام القليلة المقبلة ستترجم
على الفور إلى انتصار سياسي لكل من لابيد وغانتس أم إلى فشل ذريع".
ينتظر
الإسرائيليون مآلات حرب غزة، وما إذا كانت الضربة الافتتاحية ومناورة الخداع ستلعبان
دوراً رئيسياً بتحقيق نتائج الانتخابات، لكن حتى الآن لم تتم العمليات بالطريقة التي
يريدها الإسرائيليون، فقد تحولت الضربات الافتتاحية، وبسرعة كبيرة، إلى نوع من المناوشات
التي لا تنتهي، باعتراف الإسرائيليين، وقوضت ما يمكن وصفها بـ"الإنجازات الافتتاحية"
للجيش، رغم أنها كلفت مستوطني الجنوب دماء، واستغرقت أياما من الألم والأعصاب المتوترة،
ولم تخلق دائمًا رادعًا مستدامًا.
يخشى
الإسرائيليون أن يتسبب استمرار الحرب على غزة في زيادة الضغط الدولي، ومن المحتمل أن
يكون له تأثير كبير على انتخاباتهم، صحيح أن عملية تنتهي في غضون أيام قليلة تلعب لصالح
الحكومة الحالية؛ لكن الحملة إذا استمرت لفترة طويلة فهي كفيلة بأن تنهي الانتخابات
على حساب لابيد وغانتس، رغم أنه ما زال الوقت مبكرا لاستخلاص النتائج من هذه الحرب،
لأنه في لحظة واحدة فإن الصورة بأكملها قد تتغير، في غير صالح الإسرائيليين.
6 مسائل تشغل الإسرائيليين في اليوم الثاني للعدوان ضد غزة
تخوفات إسرائيلية من تبعات القرار الروسي بإغلاق الوكالة اليهودية
مسؤول إسرائيلي سابق يحذر من نهاية "إسرائيل كدولة يهودية"