اندلعت ثورة البراق دفاعا عن حائط البراق في المسجد الأقصى المبارك الذي يسميه الإسرائيليون اليوم "حائط المبكى".
حائطُ البراق، الذي يحدُّ الحرم القدسي الشريف من الغرب، هو معراجُ النبيّ الأكرم محمد ﷺ. وما إن بدأت الحركة الصهيونيةُ بالاستيطان في أرض فلسطين، حتى بدأت تطالب بضم الحائط.
وزعمت حينها الحركة الصهيونية، بأن حائط البراق جزء من الهيكل المزعوم، ويسمونه بحائط المبكى. وقد اعتاد أعضاؤها على البكاء عند الحائط، لاعتقادهم بأنَّ عبادتهم ناقصة ومرفوضة من غير إعادة بناء الهيكل المزعوم.
ومع أن اليهود في العالم لم يظهروا في الماضي أي اهتمام بذلك الجزء من الحائط، وفقا لكتاب "القدس مدينةٌ واحدة عقائدُ ثلاث"، لمؤلفته كارين آرمسترونج، إلا أنّ الصهاينة الوافدين ظلوا يمارسون طقوسهم عند حائط البراق، حتى ثارت ثائرةُ العرب.
وبعد كمّ من الاحتجاجاتِ الحاشدة، والشكاوى المتتالية، والرسائل الغاضبة، التي بعثوا بها تباعا إلى سلطة الانتداب البريطاني، أشعلت ثورة حادثةُ مقتل إمام مسجد (أبو كبير) الشيخ عبد الغني أبو عون، وبقر بطنه، والتمثيل بجثته، وجثث زوجته وأولاده وأولاد أخيه، على يد العصابات الصهيونية فتيل الثورة.
اقرأ أيضا: 93 عاما على "ثورة البراق" الفلسطينية.. هل ما زالت مستمرة؟
وسميت ثورة البراق، وكانت شرارتها الأولى قد اندلعت، في الرابع عشر من آب/ أغسطس 1929، بعدما تعالت هتافاتُ الصهاينة، وهم في طريقهم لاقتحام الأقصى، وهم يرددون "الحائط حائطنا"، في ذكرى تدمير الهيكل المزعوم، التي توافقت في ذلك العام مع الاحتفالات بذكرى المولد النبويّ الشريف.
وقادت حركةُ بيتار التحرك وهي حركةٌ شبابية تأسست عام 1923 شمال أوروبا، لتشتدّ الثورة في 15 آب/ أغسطس 1929، وطيلة الأيام التي تلتها، ما أسفر عن استشهاد 116 فلسطينيا، وإصابة 232 بجروح مختلفة، مقابل مصرع 133 صهيونيا، وجرح 339 آخرين.
أما قواتُ الاحتلال البريطاني، فاعتقلت 26 فلسطينيا، ذنبهم الوحيد، هو دفاعهم عن حائط البراق ببسالة،
وحكمت عليهم بالإعدام، قبل أن تخفف العقوبة على 23 منهم إلى المؤبد، فيما أعدمت ثلاثة من الباقين.
وأُعدم ثلاثتهم في حزيران/ يونيو 1930، لمشاركتهم في ثورة البراق، وهم كل من محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير.
وكتبوا وصيتهم قبيل تنفيذ الحكم: نتوجه بالرجاء أن تبقى الأمةُ مثابرة على اتحادها، وجهادها في سبيل خلاص فلسطين من الأعداء، وأن تحتفظ بأراضيها، فلا تبيع للأعداء منها شبرا واحدا، وأن تكافح حتى تنال الظفر.