كشف
الحكم على قاضي مصري تولى محاكمة مئات المعارضين المصريين، بالسجن المشدد
والغرامة؛ لاتهامه بتقاضي رشوة وحيازة مخدرات وسلاح وذخائر، عن ثغرة خطيرة في
القانون تتعلق بإعادة محاكمة هؤلاء الذين صدر بحقهم أحكام بعضها كان بالمؤبد من
قبل قاض فاسد ومرتش.
وقضت
محكمة جنايات القاهرة، قبل أيام، بالسجن المشدد 24 عاما وغرامة 3 ملايين و610 آلاف
جنيه (الدولار = 19.6 جنيها)، بحق المستشار سامي محمود عبد الرحيم، الرئيس السابق
للدائرة الأولى في محكمة جنايات بورسعيد، كما أصدرت المحكمة الاقتصادية في وقت
سابق قرارا بمصادرة ممتلكاته وجميع أفراد أسرته، وعزل نجله من النيابة العامة
والحكم بعدم صلاحيته بسبب والده المرتشي.
وأصدر
القاضي المتهم أحكامًا في عدد من قضايا كبرى وشهيرة خلال السنوات الماضية، منها
القضية المعروفة بـ"أحداث قسم شرطة العرب"، التي حكم فيها بالسجن المؤبد
25 عامًا على مرشد جماعة الإخوان محمد بديع، والقيادي محمد البلتاجي، والداعية صفوت
حجازي، و 92 آخرين.
كما
أصدر القاضي عندما كان رئيس دائرة بمحكمة جنايات الزقازيق (دلتا مصر) حكمًا بإعدام
عادل محمد إبراهيم الشهير بعادل حبارة؛ لاتهامه بقتل مخبر شرطة في وحدة
مباحث أبو كبير بمحافظة الشرقية عمدا مع سبق الإصرار والترصد بسلاح ناري، وهو ما
نفاه المتهم عام 2016.
وتضمن
الحكم على القاضي السجن المشدد 10 سنوات، وغرامة مليوني جنيه عن تهمة الرشوة،
والسجن المشدد 5 سنوات، وغرامة مليون جنيه في قضية رشوة ثانية، والسجن المشدد 3
سنوات وغرامة 500 ألف جنيه في قضية رشوة ثالثة، والسجن المشدد 3 سنوات وغرامة 10
آلاف جنيه عن تهمة حيازة سلاح ناري، والسجن المشدد 3 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه عن
تهمة حيازة الحشيش والأفيون الشخصي بغير قصد الاتجار أو التعاطي.
ومن
بين تلك القضايا طلب القاضي من المتهم مبلغ مليون جنيه، مقابل إخلاء سبيل أحد
المتهمين أمامه في القضية رقم 765 لسنة 2017 إداري ميناء بورسعيد المنظور أمر مد
حبسه فيها أمام الدائرة رئاسته، وهي قضية متعلقة بجلب مواد ممنوعة من خارج مصر.
اقرأ أيضا: 9 سنوات على الدماء التي سالت في "رابعة".. والجناة بلا عقاب
تعديل
تشريعي وتجاهل حكومي
وفيما
يتعلق بالمطالب التي أثيرت بنقض ومراجعة الأحكام الصادرة عن القاضي المرتشي،
وإعادة محاكمة المتهمين الذين أصدر بحقهم أحكاما نهائية غير قابلة للطعن، أوضح
القاضي محمد سليمان، أن "القانون الحالي لم يرسم طريقا لمراجعة كل الأحكام
التي أصدرها، وبالتالي لا سبيل إلى تحقيق تلك المطالب التي أثيرت بعد الحكم المشدد
على القاضي المرتشي".
وأكد
في حديثه لـ"عربي21" أن الأمر يتطلب قانونا جديدا للتعامل مع هذه
الحالات، ورغم تكرارها، لا أتوقع أن يعالجها النظام حاليا؛ لأن من شأنها نقض كل
الأحكام الباتة والنهائية التي أصدرها بحق العديد من المعارضين في قضايا مسيسة، لا
تتوافر فيها شروط العدالة".
وبشأن
دور المجلس الأعلى للقضاء، أضاف المستشار سليمان أن "من صلاحيات المجلس أن
يخاطب المشرع لاستحداث قانون جديد يعيد الحق للمتهمين المدانين في قضايا حكم بها
قضاة فاسدين وأحيلوا للمحاكمة وصد بحقهم أحكام قضائية، لكن الواقع يقول إنه لن
يحدث"، مشيرا إلى أن "المتضرر سوف يستمر الضرر واقع عليه؛ لأن النظام لا
يلتفت إلى مظلوم".
وكان
القاضي رد على المرشد العام لجماعة الإخوان محمد بديع أثناء نظر إعادة محاكمته في
قضية اقتحام قسم العرب ببورسعيد شرق القاهرة، عندما اشتكى الأخير من تعرضه للظلم،
قائلا، بحسب الصحف المحلية، "إن المحكمة لا تظلم أحدا"، مضيفا: "لا
أحد سوف ينزل معنا القبر"، في إشارة منه إلى أن المحكمة توفر لهم محاكمة
عادلة.
استخدام
القضاء
من
جهته، قال وكيل لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان المصري سابقا، الدكتور عزالدين
الكومي: "ليست هذه المرة الأولى يحكم فيها على قضاة اتهموا بالرشوة في قضايا
معروضة عليهم، لكن النظام الذي يستخدم القضاء كعصا غليظة يؤدب كل من يعارض أو يخرج
عن النص لن يعر هذه المطالبات بإعادة النظر في الأحكام التي أصدرها القاضي
المرتشي".
مضيفا
لـ:"عربي21": "وأنا أجزم أن أجهزة المخابرات كانت على علم بما يقوم
به القاضي المرتشي لاستخدامه في إصدار أحكام على المقاس كما في قضية عادل حبارة،
وهو الذي صرح في التحقيقات بأنه نفذ كل ما طلب منه، ولذلك لا ننتظر خيرا من نظام
فاسد وهو نفسه مسجل خطر أن يعيد النظر في أحكام القاضي المرتشي وكل ما فعله أنه
أصدر قرارا بعدم النشر في قضية القاضي المرتشي، وهذا الذي تعودنا عليه من النيابة
العامة التي هي محامي الشعب".
ووصف
الكومي "كل القضايا المعروضة على محاكم ودوائر الإرهاب بأنها قضايا ملفقة ومعلبة
من الأجهزة الأمنية، وتصدر فيها أحكام جائرة ومحاكمات هزلية تفتقد لأبسط قواعد
العدالة، وماذا فعل القاضي للشاب محمود الأحمدي الذي قال له: أنا خصيمك أمام الله
يوم القيامة، أنا واللي معايا مظلومين وأنت تعلم ذلك جيدا"، "مضيفا لا
ننتظر خيرا من هكذا قضاة أو هكذا نظام".
واحتلت
مصر المرتبة الأولى عربياً والثالثة عالمياً، ضمن قائمة الدول الأكثر تطبيقاً
لأحكام الإعدام لعام 2021، وفق التقرير الذي تنشره سنوياً منظمة العفو الدولية
(أمنستي)، في مؤشر على استمرار السلطات المصرية في تصعيد انتهاكاتها في مجال حقوق
الإنسان، بحسب منظمة العفو الدولية.
وقضت
المحاكم المصرية على ما لا يقل على 356 شخصًا بالإعدام في عام 2021، بزيادة قدرها
34 في المئة، وهو أعلى عدد من أحكام الإعدام تمكنت منظمة العفو الدولية من تسجيله
في جميع أنحاء العالم في عام 2021.
خاص.. مطالب حقوقية بإقالة عمرو حمزاوي من "كارنيغي"
السلطات المصرية تعتزم الإفراج عن 25 سجينا احتياطيا
منظمة حقوقية تكذّب رواية الأمن المصري بشأن قتل شاب تعذيبا