الاشتباكات التي اندلعت صباح أمس السبت، في العاصمة طرابلس وقعت بين قوة تتبع عماد الطرابلسي بمساندة عناصر يتبعون عبدالغني الككلي، وبين أفراد يدينون بالولاء لهيثم التاجوري..
والاستنباط الأول لهذه المواجهات هو الحالة المائعة للكتائب التي تأتمر بأوامر أشخاص والذين عادة ما يتغير اصطفافهم لأسباب في الغالب تكون مصلحية بحتة، فهيثم تمتع بحماية ودعم عبدالغني الككلي بعد رجوعه للعاصمة العام الماضي، وها هو يتلقى الضربات من حليفه لاعتقاد لدى الكتائب الداعمة لعبدالحميد الدبيبة وقوة عبدالغني الككلي في مقدمتها، أن هيثم اقترب من جبهة فتحي باشاغا.
تطورت الأحداث بتحرك قوات موالية لباشاغا من مصراتة شرقي العاصمة ومن الزاوية وورشفانة غربيها وجنوب غربيها، لتتسع رقعة الاشتباكات التي لم تدم إلا ساعات قليلة ولتنتهي إلى ما يمكن اعتباره نصر للمدافعين وفشل المهاجمين، على الأقل في هذه الجولة.
الوضع الأمني في العاصمة سيشهد تطورا كبيرا في اتجاه مقاربة أكاد أقطع بأنها تركية مدعومة أو مقبولة غربيا، وهي تعزيز قوة وسطوة الكتائب والقوات الأكثر انضباطا في العاصمة وتفكيك الأخرى المشاغبة، وهي مقاربة لن تقف عند نتائج المواجهات التي وقعت خلال الـ 48 ساعة الماضية.
ووفقا لبعض المصادر فإن المواجهات اندلعت بسبب تعرض آليات تابعة لعماد الطرابلسي، المنحاز للدبيبة، لوابل من الرصاص من قبل نقطة استيقاف لعناصر يتبعون التاجوري، ما يعني أن هيثم التاجوري ربما أراد تفجير الوضع لتهيئة الوضع لدخول القوات الموالية لباشاغا للعاصمة والسيطرة على مواقع حيوية فيها بعد انشغال القوات المدافعة عنها في احتواء الوضع في الشوارع التي شهدت مواجهات في قلب العاصمة.
إن التعويل على عملية محدودة تمكن باشاغا من السيطرة على العاصمة لم تنجح خاصة بعد الضربة الاستباقية الموجعة التي حيدت حلفاءه في الداخل، ويبدو أنه وحلفاءه عولوا على مواجهات ممتدة وواسعة، كخيار بديل، تدفع قوى الداخل والخارج للتدخل من خلال تفعيل مسار سياسي يعنى بالنزاع الحكومي بعد أن تم تأجيله لصالح الأساس الدستوري والقانوني للانتخابات المنتظرة.
ردود الفعل تطورت إلى سيطرة القوة التابعة لعبد الغني الككلي على المواقع الحيوية التابعة للتاجوري في طرابلس، وبهذا يمكن القول إن تحركات قوات "اغنيوة" كانت محسوبة وفي اتجاه إخراج كل من يشتبه بموالاتهم لباشاغا من العاصمة حتى لا يكون ظهرها مكشوفا للطعن من الخلف.
تورط أحد جناحي كتيبة النواصي لصالح هيثم التاجوري دفع بقوة الردع الخاصة للتحرك واحتواء الوضع من خلال تحييد النواصي، لتنتهي الاشتباكات في العاصمة عند هذا الحد، أعقبها تراجع حدة التوتر بعودة الأرتال التي خرجت من مصراتة دعما لباشاغا، وتوقف المواجهات بعد انسحاب القوات التي حاولت الدخول للعاصمة من الزاوية وورشفانة.
سير العمليات العسكرية حتى الآن يؤكد أن ما وقع من جهة باشاغا والقوات الموالية له لم يكن مدروسا بدقة، فالعملية كانت مرتبكة ولم تصمد أمام المقاومة من داخل العاصمة، ويبدو أن سلاح الطيران فعل فعله في دفع المهاجمين إلى الانسحاب، فالنتائج معلومة سلفا في حال أصر المهاجمون على التقدم، فالطيران المسير كسر شوكة الفاغنر الأكثر جاهزية قتالية وحيَّد منصات الدفاع الجوي الروسية المتطورة خلال الهجوم على طرابلس العام 2019-2020م.
بناء عليه، فإنه يمكن القول إن التعويل على عملية محدودة تمكن باشاغا من السيطرة على العاصمة لم تنجح خاصة بعد الضربة الاستباقية الموجعة التي حيدت حلفاءه في الداخل، ويبدو أنه وحلفاءه عولوا على مواجهات ممتدة وواسعة، كخيار بديل، تدفع قوى الداخل والخارج للتدخل من خلال تفعيل مسار سياسي يعنى بالنزاع الحكومي بعد أن تم تأجيله لصالح الأساس الدستوري والقانوني للانتخابات المنتظرة.
تفجير الوضع من خلال عملية عسكرية واسعة ربما كان غايته دفع أطراف محلية وخارجية إلى التدخل لتسوية الوضع سلميا بحيث يضمن باشاغا مقعدا على طاولة الحوار وهو في وضع تفاوضي مريح، وهذا ما لم يتحقق في هذه الجولة.
عن الحوار الجنوبي وغيرة رجال صالح على الدولة اليمنية
هل ستفرض أمريكا عقوبات على تركيا؟
ليبيا.. حول إعادة تفعيل الدائرة الدستورية