مع انطلاق العملية الانتخابية
الإسرائيلية، وانصراف الأحزاب المتنافسة إلى قضايا داخلية بعيدا عن الموضوع
السياسي مع الفلسطينيين، فقد اختار الجنرال غادي
آيزنكوت، قائد جيش الاحتلال
السابق، والعضو المؤسس في حزب "المعسكر الوطني"، أن يركز في مستقبل
الصراع مع الفلسطينيين، محذرا مما أسماه "نهاية المشروع الصهيوني"، بسبب
الدعوات الصادرة عن بعض أوساط اليمين الإسرائيلي المطالبة بإلغاء قانون الانفصال
عن الفلسطينيين؛ لأن ذلك يعني قيام الدولة الواحدة ثنائية القومية.
آيزنكوت الذي كان يتحدث في وسط تجمع
انتخابي غير رسمي، تسبب بصدور ضجة احتجاجية من أوساط اليمين الإسرائيلي الذي
اتهموه بأنه يقود تيارا يساريا في الخريطة السياسية والحزبية الإسرائيلية؛ لأنه
يرفض عودة المستوطنين إلى المستوطنات التي خرجوا منها عقب قرار الانسحاب من غزة
وبعض مستوطنات شمال الضفة الغربية، الأمر الذي من شأنه إعادة عقارب الساعة إلى
الوراء.
موقع
القناة 12 نقل في تقرير ترجمته
"عربي21" عن آيزنكوت تحذيره من بعض الساسة الإسرائيليين الذين يقودون خط
الاستيطان في كل مكان، ويخلقون وضعا لا رجوع فيه، ويلغون قانون الانفصال عن
الفلسطينيين، ويعيدون الاستيطان كما كان عليه الوضع سابقا قبل تنفيذ الانسحاب،
هؤلاء يقودون إسرائيل إلى كارثة"؛ لأن النتيجة الطبيعية لهذا التوجه هو نشوء
رؤية الدولة الواحدة، وهي التي تشكل خطرا كبيرا على المشروع الصهيوني".
وأضاف أن "تحذيري هذا ليس نظريا،
ففي شباط / فبراير من هذا العام ،وقع 45 من أعضاء الكنيست على قانون إلغاء
الانفصال، بمن فيهم رئيس المعارضة بنيامين
نتنياهو، وهو ما سمعته مؤخرا من عضوي
الكنيست إيتمار بن غفير وبيتسلئيل سموتريتش، بل إنهما دعيا لإلغاء الحكم القضائي
ضد قاتل عائلة دوابشة في الضفة الغربية حرقا، وهو الحادث الذي حصل خلال فترة عملي
كرئيس للأركان، مما يثير التساؤل عن طبيعة القيم التي يحملها هؤلاء، وما يعانياه
من عدم الواقعية والنهج المسيحاني".
وأكد أنه "إذا كانت رغبة هؤلاء من
إلغاء قانون فك الارتباط، وإعادة آلاف اليهود إلى قطاع غزة، والعودة إلى الاستيطان في
غوش قطيف، ففي نظري هذا حدث غير واقعي، بل يضر بأمن الدولة، ويجب أن يزعج
الإسرائيليين، وإلا فإن النتيجة لذلك هو الواقع الذي تحياه إسرائيل اليوم من أزمة
سياسية، وعدم استقرار، تمزق المجتمع الإسرائيلي، وهو ما قوبل ببيان صادر عن حزب
العصبة اليهودية التي اتهمت آيزنكوت بتشويه الواقع؛ لأنه يؤمن بإقامة دولة
فلسطينية، ويفتخر بإخلاء المستوطنات، وهو توجه ليس صائبا، بل يساري".
يتزامن هذا الجدل الإسرائيلي مع مرور
الذكرى السنوية الـ17 في مثل هذه الأيام لتنفيذ الانسحاب من غزة، في عام 2005، وهي
مناسبة لتوجيه العديد من الأوساط الإسرائيلية انتقادات حادة له، نظرا لسلبياته
الكبيرة، وسط مخاوف إسرائيلية من نقل فكرة الانسحاب إلى الضفة الغربية؛ لأن مراجعة
سريعة لأهم الكتابات الإسرائيلية التي نشرت في الأيام الأخيرة إحياء لهذه الذكرى، تكشف حالة من الإحباط غير المسبوق.
لم يتورع الكثير من الإسرائيليين عن
القول بأن الانسحاب من غزة من أكثر الخطوات التي اتخذتها إسرائيل "حمقا"
على الإطلاق؛ لأنه لم يحقق أهدافه المحددة، بل أسفر، وفق المواقف المعارضة له، عن
جملة من النتائج، أهمها تكثيف التهديد الأمني على إسرائيل، وعدم تراجع العداء
الدولي لها؛ لأنه اليوم بعد 17 عاما، تلقت إسرائيل دولة معادية تهدد حدودها
الجنوبية، في إشارة لحماس المسيطرة على القطاع، رغم أنهم ينطلقون من فرضية مفادها
أنه كان يمكن لشارون مواجهة الهجمات المسلحة التي شنتها حماس قبيل تنفيذه، لكنه
اختار الهروب، واليوم يدفع الإسرائيليون ثمن هذا اليأس في الوقت الراهن.