نشرت
صحيفة "
إزفيستيا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن استعداد
سوريا لتطبيع
العلاقات
مع
تركيا شريطة توقف أنقرة عن بسط سيطرتها على مناطق شمال سوريا ودعم المعارضة السورية.
وقالت
الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن رجب طيب أردوغان أشار في تصريح
سابق إلى أن تركيا ليست لديها نوايا مبيتة تجاه الرئيس السوري بشار الأسد ولا تسعى للإطاحة
به، ونفى وزير الخارجية التركي وجود شروط مسبقة لاستئناف الحوار مع النظام السوري.
ومن جهتها تدعم روسيا فكرة التقارب بين دمشق وأنقرة، بينما يعزو الخبراء ذوبان الجليد
في العلاقات بين البلدين إلى الانتخابات المقبلة التي تقتضي من المترشحين حل مشكلة
اللاجئين السوريين.
تحول
180 درجة
في السادس
من آب/ أغسطس الماضي، كشف رجب طيب أردوغان عقب عودته من سوتشي بعد محادثات مع نظيره
الروسي عن حقيقة إجراء المخابرات التركية والسورية حوارًا حول مكافحة "المنظمات
الإرهابية".
ويوم
11 من الشهر ذاته، أوضح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن أنقرة تدعم المصالحة
السياسية بين المعارضة ونظام الأسد، مشيرا إلى الاجتماع الذي جمعه بنظيره السوري فيصل
المقداد في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، وهو أول اجتماع جمع سياسيين رفيعي
المستوى من البلدين منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا سنة 2011.
ونقلت
الصحيفة عن رئيس اللجنة الدولية في البرلمان السوري بطرس مرزان قوله إن دمشق مستعدة
لتطبيع العلاقات مع أنقرة مع مراعاة العديد من الشروط، من بينها رفع تركيا أيديها عن
الأراضي الواقعة تحت سيطرتها. وأضاف مرزان أن العلاقات بين الدول يجب أن تُبنى على
أساس حسن الجوار ومراعاة المصالح المشتركة للدولتين.
وذكرت
صحيفة "تركيا" الموالية للحكومة أن أنقرة تقدمت بخمسة مطالب إلى حكومة بشار
الأسد، بما في ذلك إخراج وحدات حماية الشعب الكردية من الأراضي السورية وتأمين ظروف
ملائمة لعودة آمنة للاجئين السوريين. في المقابل، تشمل مطالب الجانب السوري استعادة
السيطرة على إدلب ونقاط التفتيش في بلدة الريحانية ومعبر تشيلفيغوزو وكسب وكذلك الممر
التجاري بين غلفغوزو ودمشق، والطريق السريع بين دير الزور والحسكة، إلى جانب دعم أنقرة
رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن سوريا.
الدورة
السابقة للانتخابات
حسب
فلاديمير جباروف، النائب الأول لرئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الاتحاد الروسي، فإن
روسيا لاحظت بوادر تقارب بين تركيا وسوريا معتبرا المحادثات خطوة إيجابية نحو تطبيع
العلاقات بين البلدين، بالنظر إلى رفض القيادة التركية في وقت سابق الاعتراف ببشار
الأسد رئيسا شرعيا لسوريا.
وضّح
الصحفي وصاحب قناة "الأجندة التركية" على تليغرام يشار نيازباييف أن الأنباء
المتداولة بشأن التطورات الإيجابية على مستوى العلاقات بين أنقرة ودمشق حقيقية. ووفقا
لنيازباييف، ظهرت بوادر التقارب بعد زيارة أردوغان إلى سوتشي في أوائل الشهر الماضي
من خلال تصريحه بأن فلاديمير بوتين حثّه على التفاوض مع بشار الأسد بدل القيام بعملية
عسكرية في شمال سوريا.
اتسمت
العلاقات التركية السورية بالتقارب قبل اندلاع الربيع العربي والحرب الأهلية في
2011، وتجاوز حجم المبادلات التجارية 1.8 مليار دولار في سنة 2010، وكانت تركيا أكبر
شريك تجاري لسوريا. لكن في سنة 2012، انقلب الوضع رأسا على عقب وتقلص حجم الصادرات
التركية إلى سوريا إلى 501 مليون دولار. وما بين 2017 و2018، عادت الصادرات بين البلدين
إلى مستويات ما قبل الحرب تقريبا (حوالي 1.4 مليار دولار).
وفقا
لنيازباييف، هناك سببان رئيسيان يدفعان أردوغان في الوقت الراهن للتقارب مع سوريا وهما
قضية اللاجئين السوريين والانفصاليين الأكراد. تستضيف تركيا حاليا حوالي 3.6 مليون
لاجئ سوري، وهذا من العوامل التي تؤثر سلبًا على تصنيفات حزب العدالة والتنمية، لا
سيما في ظل استغلال المعارضة هذا الملف لانتقاد أردوغان وسياسة الهجرة.
أما
في ما يتعلق بالملف الكردي، أوضح يشار نيازباييف أن مهمة أردوغان الرئيسية تتمثل في
تأمين الحدود الجنوبية التركية من هجمات حزب العمال الكردستاني الذي يتّخذ مقاتلوه
من شمال سوريا معقلا لهم. وتهدف العملية العسكرية، التي أراد الرئيس التركي تنفيذها
في تل رفعت، إلى إنشاء "حزام أمني" بطول 30 كيلومترًا على طول الحدود السورية
التركية. ولكن هناك إجماع على أن الغزو العسكري ليس أفضل طريقة لتأمين الحدود الجنوبية،
والرهان على التفاوض مع دمشق.
وأشارت
الصحيفة إلى أن تحسن العلاقات بين تركيا وسوريا تزامن مع ورود أنباء حول تقارب دمشق
مع الجماعات الكردية في شمال شرق سوريا، من بينها تصريحات بشأن تنظيم دوريات مشتركة
بين الجيش السوري ووحدات حماية الشعب. ومن الواضح، أن دمشق أقامت اتصالات مع حزب العمال
الكردستاني والجماعات الكردية الأخرى في شمال سوريا ردًا على دعم أنقرة للمعارضة والجيش
السوري الحر.
قرارات
صورية
يرى
الخبير في السياسات الروسية والتركية والمختص في سياسات الأمن والطاقة الأوراسية كريم
هاس، أن التقارب مع دمشق يخدم مصلحة الرئيس التركي قبل الانتخابات، أي أن الاستعادة
الكاملة للعلاقات مع سوريا ليست بقدر أهمية إثبات قدرته على حل مشكلة اللاجئين في تركيا.
ونوهت
الصحيفة بأن الورقة السورية استُخدمت سابقا في الانتخابات التركية. وفي آذار/ مارس
2011، تمكّن أردوغان، الذي كان آنذاك رئيسا للوزراء، من خلال تأييده للمعارضة السورية
من تعزيز حظوظه في الانتخابات التي أجريت في حزيران/ يونيو من ذلك العام. ونتيجة ذلك،
فقد حصد حزب العدالة والتنمية 49.9 بالمئة من مجموع الأصوات.