نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحفي مارك سانتورا، قال فيه إن صاروخا روسيا قويا انفجر على بعد أقل من 900 قدم من مفاعلات محطة للطاقة النووية الأوكرانية في وقت مبكر من يوم الاثنين، وفقا لمسؤولين أوكرانيين، في تذكير بأنه على الرغم من النكسات في ساحة المعركة، فإنه لا يزال بإمكان روسيا أن تهدد بكارثة في أي من أربع منشآت نووية نشطة في أوكرانيا.
وسقط الصاروخ يوم الاثنين بالقرب من محطة الطاقة النووية بجنوب أوكرانيا، على بعد حوالي 160 ميلا غرب مجمع نووي آخر كان محط اهتمام عالمي، وهو مجمع زاباروجيا، حيث أرسلت الأمم المتحدة فريقا من الخبراء لتحقيق الاستقرار في الوضع هذا الشهر.
على عكس مجمع زاباروجيا، الذي يقع في ساحة معركة نشطة، فإن هذا المجمع يقع جنوب أوكرانيا بعيدا عن القتال على الخطوط الأمامية، ويبدو أن الضربة يوم الاثنين توضح مدى وصول روسيا، والإمكانية الكارثية لهجوم على مثل هذه المنشآت.
وأظهرت لقطات مصورة لكاميرات المراقبة كرة نارية ضخمة تضيء سماء الليل فوق الموقع، ودمر ضغط الانفجار أكثر من 100 نافذة في المنشأة الواقعة جنوب أوكرانيا. وقالت شركة الطاقة النووية الوطنية الأوكرانية (Energoatom)، إن الانفجار تسبب في أضرار جسيمة حول محطة للطاقة الكهرومائية بالقرب من المنشأة النووية، وأجبر على إغلاق إحدى الوحدات الهيدروليكية بالمحطة، وتسبب في انقطاع جزئي للتيار الكهربائي في المنطقة.
لا يمكن تأكيد مصدر الانفجار بشكل مستقل، لكن الضربة تلائم نمطا راسخا من مهاجمة روسيا للبنية التحتية الأوكرانية المهمة، حتى عندما تشكل تهديدا خطيرا للمدنيين. لقد ضربت روسيا أنظمة الطاقة التي يعتمد عليها المدنيون الأوكرانيون بالمدفعية، وأقامت لفترة وجيزة قاعدة في المنطقة المحظورة حول تشيرنوبيل، واحتلت محطة زاباروجيا، أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا، لأشهر، مما أثار المخاوف بشكل مطرد من وقوع حادث.
قال مسؤولون إن المفاعلات الثلاثة في منشأة جنوب أوكرانيا تعمل بشكل طبيعي، ولا يزال التحقيق في مدى الضرر ونوع الصاروخ جاريا. وقالت القيادة العسكرية الجنوبية لأوكرانيا في بيان إن المعلومات الأولية أشارت إلى صاروخ كروز إسكندر، بمدى يصل إلى مئات الأميال - وهو أحد الأسلحة الموجودة في ترسانة روسيا التي يمكن أن تصل إلى أي ركن من أركان أوكرانيا.
اقرأ أيضا: كييف تتهم موسكو بقصف محطة نووية.. وروسيا تفقد 4 طائرات
قبل أن يرسل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قواته إلى أوكرانيا في شباط/ فبراير، أنتجت المحطات النووية أكثر من نصف الكهرباء في أوكرانيا، وهي ثاني أعلى حصة بين الدول الأوروبية بعد فرنسا. أثار هذا الاعتماد الكبير مخاوف بشأن المزيد من اضطرابات الطاقة خلال فصل الشتاء، ومن التهديدات التي تتعرض لها المحطات النووية في جميع أنحاء البلاد.
وقال بترو كوتين رئيس شركة Energoatom للتلفزيون الوطني الأوكراني يوم الاثنين: "لا توجد طريقة أخرى لوصف ذلك باستثناء الإرهاب النووي." وقال إنه على الرغم من أن المباني الخرسانية التي تضم المفاعلات النووية شديدة التحصين ومبنية لتحمل تحطم طائرة، إلا أن الانفجار الناجم عن الضربة الليلية كان سيكون قويا بما يكفي لإلحاق الضرر بهياكل الاحتواء، لو سقط الصاروخ أقرب من ذلك.
وقال كيريلو تيموشينكو نائب رئيس مكتب الرئيس الأوكراني في بيان: "[لو سقط الصاروخ] مئات الأمتار [أقرب] لكُنّا استيقظنا على واقع مختلف تماما".
يقول الخبراء إن أخطر هجوم على محطة نووية قد لا يكون ضربة مباشرة على مفاعل محمي جيدا، ولكنه هجوم يضر أو يدمر البنية التحتية الحيوية الأكثر ضعفا، مثل نظام التبريد، الذي يحافظ على تشغيل المفاعل بأمان. يمكن أن يؤدي فشل نظام التبريد إلى الانهيار وانبعاث كميات هائلة من الإشعاعات النووية.
وقالت شركة Energoatom إن الانفجار الذي وقع يوم الاثنين، على بعد أقل من 70 ميلا شمالي مدينة ميكولايف، لم يلحق أضرارا بمعدات السلامة الأساسية، وظلت المحطة تعمل بكامل طاقتها.
وجاء الهجوم بالقرب من محطة جنوب أوكرانيا، ثاني أكبر محطة نووية عاملة في أوكرانيا، بعد شهور من القلق بشأن محطة زاباروجيا الأكبر في الشرق. وتعرض هذا المجمع لقصف متكرر، حيث تتبادل روسيا وأوكرانيا الاتهامات بالمسؤولية. ومع تدهور الأوضاع الشهر الماضي، أرسلت الأمم المتحدة فريقا من المفتشين إلى المحطة، داعية إلى منطقة منزوعة السلاح في الموقع.
يبدو أن الوضع في محطة زاباروجيا، التي يحتلها الجنود الروس لكن المهندسين الأوكرانيين يشغلونها، قد استقر في الأيام الأخيرة، بعد أن استأنفت المحطة تلقي الكهرباء من شبكة الكهرباء الأوكرانية الأسبوع الماضي. لكن مفاعلاتها الستة أغلقت جميعها كإجراء أمان، بعد أن قررت شركة Energoatom أنه من الخطورة للغاية إبقاؤها تعمل مع القتال في مكان قريب.
قبل الغزو الروسي، كان لدى أوكرانيا 15 مفاعلا عاملا في أربع محطات نووية، تم بناؤها أساسا في السبعينيات والثمانينيات، في ظل الاتحاد السوفييتي: محطات جنوب أوكرانيا ومحطة زاباروجيا، في الجنوب، ومحطتا خميلنيتسكي وريفني في الغرب. ومحطة تشيرنوبيل في الشمال، موقع الحادث النووي عام 1986، لم تعد موجودة، لكن المهندسين ما زالوا يحمون النفايات هناك - حتى أثناء احتلال الجنود الروس لها لعدة أسابيع هذا الربيع.
مع تعثر حملة الكرملين للاستيلاء على الأراضي، وتعثرها في الشرق وتكبدها هزيمة في الشمال، قصفت روسيا بشكل متكرر البنية التحتية الأوكرانية الأساسية، بما في ذلك محطات الطاقة ومراكز معالجة المياه والسكك الحديدية والمرافق. وبعد هجوم مضاد أوكراني دفع القوات الروسية للخروج من منطقة خاركيف الشمالية قبل أكثر من أسبوع بقليل، شنت روسيا ضربات صاروخية على محطة رئيسية للطاقة الحرارية والكهربائية في المنطقة، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي لفترة وجيزة.
اقرأ أيضا: روسيا تجند المزيد للقتال.. ومخاوف غربية من كارثة نووية
نفت الحكومة الروسية تعمد استهداف المراكز المدنية، على الرغم من الدمار الذي لحق بمدينة ماريوبول في جنوب أوكرانيا، والأضرار الجسيمة التي لحقت بالمدن والبلدات الأخرى، وتاريخها في مهاجمة المدنيين في سوريا والشيشان. ولم يصدر الكرملين أي بيان يوم الاثنين بشأن الهجوم على المنشأة في جنوب أوكرانيا.
ويقول محللون إن الضربات تتناسب مع نمط الحصار الذي يقطع خطوط الكهرباء والمياه النظيفة والإمدادات الغذائية والاتصالات. بالاقتران مع قصفها لمحطات الطاقة الحرارية، واحتلالها لمحطة لتوليد الطاقة الكهرومائية، وعشرات الضربات على خطوط الطاقة والمحطات الكهربائية الفرعية. وكتبت سُرية جايانتي، الزميلة في مركز أتلانتك كاونسل، في تقرير الأسبوع الماضي: "يبدو أن تهور روسيا المتعمد في محطة الطاقة النووية في زاباروجيا جزء من استراتيجية أوسع لحرمان أوكرانيا من مصادر الطاقة".
قال المسؤولون الأوكرانيون إنهم لا يزالون قادرين على إنتاج طاقة كافية لتلبية احتياجات البلاد هذا الشتاء، لكن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية في البلدات والمدن ستجعل من الصعب نقل الكهرباء إلى مئات الآلاف من المستهلكين.
حث المسؤولون الأوكرانيون أولئك الذين يعيشون في الأراضي التي استردتها القوات الأوكرانية مؤخرا، وفي الأجزاء الأخرى من البلاد التي تضررت بشدة من القتال، على الإخلاء وعدم العودة إلى ديارهم حتى انتهاء القتال.
وبالنسبة لما يقدر بنحو 1.2 مليون شخص يعيشون في أجزاء من أوكرانيا تحتلها القوات الروسية، فإن الحصول على الكهرباء غير واضح. في بعض الأماكن، تم تدمير البنية التحتية للتدفئة والمياه والكهرباء أو تعرض لأضرار بالغة. كثيرا ما يتم الإبلاغ عن انقطاع التيار الكهربائي في أجزاء من جنوب أوكرانيا المحتل.
وقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي إن الضربات التي شنتها موسكو على البنية التحتية للطاقة تهدف إلى جعل الأوكرانيين يعانون مع انخفاض درجات الحرارة، ومنع الحكومة في كييف من تصدير الطاقة إلى أجزاء أخرى من أوروبا، حيث ساهمت العقوبات المفروضة على الطاقة الروسية في ارتفاع فواتير الغاز والكهرباء للمستهلكين.
وقال زيلينسكي الأسبوع الماضي: "تحاول روسيا منعنا من استخدام قدرات أوكرانيا لتحقيق الاستقرار في الوضع في أوروبا. إن قدرتنا على تصدير الكهرباء أمر تخافه روسيا بشدة في الوقت الحالي. لأنه يمكننا إحباط الخطط الروسية لاستخراج كل بنس من المواطنين الأوروبيين العاديين هذا الشتاء حيث من المتوقع أن ترتفع أسعار الطاقة بشكل كبير".
وأكد أندري يوسوف، المتحدث باسم وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، مؤخرا أن الطاقة النووية ضرورية لإنتاج الطاقة في أوكرانيا، وبالتالي فإن روسيا ستخطط لمزيد من الهجمات، مما يزيد من مخاطر وقوع حوادث نووية.
وقال: "الغزاة الروس يقصفون باستمرار وبشكل منهجي البنية التحتية للطاقة بأكملها في أوكرانيا، وهذا بالتأكيد قد يشمل في نهاية المطاف منشآت نووية أخرى ومحطات طاقة نووية أخرى".
التلغراف البريطانية: "الإمبراطورية الروسية تتداعى"
مركز روسي: هكذا تم التخطيط للمجاعة العالمية
صحيفة فرنسية: هكذا خدعت أوكرانيا الجيش الروسي