قالت الكاتبة الأمريكية ميسي ريان، إن إدارة
الرئيس الأمريكي جو بايدن تضغط على قادة
تونس، للتراجع عن الخطوات التي أدت إلى
إضعاف الديمقراطية في البلاد، ووقف الاحتكاك مع الشعب الذي كان ينظر إليه أنه
الواعد من بين أولئك الذين عانوا من ثورات الربيع العربي.
وأشارت الكاتبة بمقال في صحيفة "
واشنطن
بوست"، ترجمته "عربي21"، إلى أن المسؤولين الأمريكيين أعربوا عن
قلقهم بشأن ما يجري في تونس، بما في ذلك الاستفتاء على الدستور الأخير، والذي عزز
بشكل كبير سلطات
سعيد، الذي اتخذ خطوات واسعة لإضعاف الضوابط المؤسسية، وتهميش
المعارضين السياسيين عام 2021، والتي وصفها النقاد بالانقلاب.
وتشمل التحركات الأمريكية محادثات بين سعيد
وباربرا ليف، كبير مسؤولي وزارة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط. خلال زيارة إلى تونس
الشهر الماضي، نقل ليف مخاوف بشأن إطار دستوري جديد "يضعف الديمقراطية
التونسية، ومدى أهمية المضي قدما في عملية إصلاح شاملة وشفافة لاستعادة ثقة الشعب
التونسي"، بحسب ما ذكره مسؤول رفض كشف اسمه لحساسية المباحثات الدبلوماسية.
وأدت الانتقادات العلنية إلى زعزعة العلاقات
الأمريكية التونسية. في تموز/ يوليو، وردّت حكومة سعيد بغضب على بيان لوزير الخارجية
أنطوني بلينكن أثار تساؤلات حول التصويت على الاستفتاء الدستوري، الذي اتسم بانخفاض
إقبال الناخبين.
وقال بلينكين: "شهدت تونس تآكلًا مقلقًا
للمعايير الديمقراطية خلال العام الماضي، وتراجعت عن العديد من المكاسب التي حققها
الشعب التونسي بشق الأنفس منذ عام 2011".
رفضت حكومة سعيد ما وصفته بـ"التدخل غير
المقبول في الشؤون الداخلية الوطنية" بعد بيان بلينكن، واستدعت المسؤول الكبير
في سفارة الولايات المتحدة في تونس.
وقال مكتب سعيد إن الزعيم التونسي رفض المزاعم
التي طرحتها ليف في اجتماعهما، و"دعا السلطات الأمريكية إلى الاستماع إلى
نظرائها التونسيين؛ لمعرفة حقيقة الوضع"، وفق ما أوردته ميدل إيست مونيتور.
سعى المسؤولون الأمريكيون إلى دفع تونس بقوة، مع
تجنب القطيعة الكاملة مع دولة يُنظر إلى تعاونها في مكافحة الإرهاب على أنه عنصر
حاسم في استراتيجية الولايات المتحدة في شمال أفريقيا. تونس، التي يبلغ عدد سكانها
ما يقرب من 12 مليون نسمة، تقدر من جانبها الدعم العسكري الأمريكي، وتحتاج إلى دعم
أمريكا في سعيها لإبرام صفقة مع صندوق النقد الدولي.
قال المسؤول الكبير: "ستكون هذه الشراكة
أقوى عندما يكون لدينا التزام مشترك بالمبادئ الديمقراطية".
بينما انتهت معظم ثورات الربيع العربي في صراع
أو تعزيز الاستبداد، قطعت تونس خطوات كبيرة لبناء عمليتها الديمقراطية بعد الإطاحة
بزين العابدين بن علي في 2011.
وقالت سارة يرك، المسؤولة السابقة في وزارة
الخارجية، والتي تعمل الآن باحثة في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إن سلسلة
الزيارات الأمريكية إلى تونس والتصريحات العامة حول عمليتها السياسية كانت
"فعالة؛ لأنها سمحت لسعيد بمعرفة أن شخصا ما يراقب".
وقالت: "هذا النوع من قرع الطبول المستمر..
يمنعه من دفع تونس إلى طريق أبعد"، مشيرة إلى إمكانية أن يتخذ سعيد خطوات
إضافية لتركيز السلطة في الرئاسة التونسية.
تبنت إدارة بايدن موقفًا أكثر انتقادًا من
حلفائها الأوروبيين، الذين يركز الكثير منهم على ردع الهجرة عبر شمال أفريقيا.
واقترحت إدارة بايدن، نقلا عن الانتكاسات الديمقراطية، خفضا كبيرا للمساعدات
العسكرية والاقتصادية الأمريكية لتونس.
وقال المسؤول الكبير إن الولايات المتحدة
مستعدة لمساعدة التونسيين على صياغة ديمقراطية خاضعة للمساءلة، بما في ذلك النقاش
الحر والحريات، و"إقامة ضوابط وتوازنات ضرورية لصحة جميع الديمقراطيات".
ورفض وصف رد سعيد على رسالة ليف، لكنه قال:
"يجب أن يكون الأصدقاء قادرين على التحدث مباشرة مع بعضهم البعض".
يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن ضغطهم قد يكون
له تأثير في تجنب خطوات أكثر إشكالية، مثل حملة قمع أكثر دراماتيكية على وسائل
الإعلام ومجموعات المجتمع المدني.