لخص صحفي بريطاني ما رآه في السعودية خلال رحلته لتلك البلاد بأنها
تشهد تغييرا اجتماعيا متعمدا وعميق الأثر ودراماتيكيا.
وقال ريتشارد كويست في تقرير على شبكة "سي أن أن" الأمريكية؛ إنه
من الصعب زيارة المملكة العربية السعودية دون مجموعة من الأفكار المسبقة والصور النمطية
والأحكام المسبقة، خصوصا فيما يتعلق بوضع المرأة والاختلاط والشرطة الدينية.
لكن يبدو أن الأمور في طريقها للتغير، والرجل
الذي يقف وراء هذا التغيير هو ولي العهد محمد بن سلمان.
يقول كويست؛ إن محمد بن سلمان هو مهندس إصلاحات
المملكة العربية السعودية. إنه يقوم بتحديث الاقتصاد بسرعة هائلة ، ويخلق فرصا هائلة
داخل البلاد، لكنه يتعرض أيضا لانتقادات شديدة بسبب سجل المملكة العربية السعودية
في مجال حقوق الإنسان.
يقول الكثير؛ إنه كان انتقائيا في إصلاحاته.
بينما قام بتغيير القوانين الشهيرة التي تسمح للمرأة بقيادة السيارة، يقول النقاد؛ إنه لا يزال هناك مجال ضئيل للغاية للمعارضة العامة.
"في السعودية، لم أتوقع أبدا أن
أرى رجالا ونساء يختلطون معا، ودي جي وحشودا تتأرجح على الموسيقى. ومع ذلك هذا أمام عيني"، يقول كويست.
"حدث هذا فقط في السنوات الخمس الماضية" توضح طبيبة الأسنان رجاء الصانع لكويست.
ألّفت الصانع أيضا كتاب "فتيات الرياض"، وهو حكاية خيالية لأربع نساء وحياتهن العاطفية المعقدة، التي أطلق عليها اسم
"الجنس والمدينة" في السعودية.
سبحت عكس التيار لفترة طويلة لدرجة أنها
الآن تستمتع بركوب أمواج التغيير. إنها لا تعتقد أن هذه التغييرات يمكن عكسها، وتقول: "... الجني لن يعود (إلى القمقم)".
يرى كويست أن السعودية في الحقيقة
تحاول احترام ماضي البلاد، مع إدخال إصلاحات تهدف إلى إفادة السكان المحليين، وجذب السياح
إلى مكان يمكن أن يشعر بأنه غير مكتشوف، وتلك سلعة نادرة في عصر السفر الحديث.
"لا توجد مشروبات كحولية في السعودية.
حقيقة بسيطة"، يقول كويست.
ويضيف: "نعم، هناك حديث حول ما إذا
كان سيتم السماح للفنادق أو المطاعم أو أماكن معينة للأجانب بتقديم النبيذ والبيرة، وما إلى ذلك في المستقبل البعيد".
ومع ذلك، فالرياض تتفوق بأماكن تناول القهوة.
انتشرت المقاهي ذات الطراز الغربي في كل مكان خلال السنوات القليلة الماضية.
ويشير
إلى تجربة إنشاء مقهى "MW Café" الذي يملكه
مغني راب أمريكي، تحول إلى عالم الأعمال بعد مشاكل مع فرقته الموسيقية ومقتل أحد أعضائها.
ويقول
موتا بلي، مالك المقهى؛ إنه كان يبحث عن شيء من شأنه أن يجلب له السلام، وقد وجده باعتناق
الإسلام والانتقال إلى المملكة وإتمام مناسك الحج، وقد عاش هناك لمدة 11 عاما، وأصبحت
القهوة شغفه.
ويقول:
"عندما جئت إلى هنا لأول مرة، لم يكن بإمكانك الجلوس في الخارج وتناول فنجان من
القهوة.. أنا أستمتع بهذه الأشياء الآن. لديك الكثير من التغييرات".
ويضيف:
"يمكنني ركوب دراجتي الآن في الحي الذي أعيش فيه، ويمكنني حرفيا تناول القهوة
وتناول ساندوتش".
وقد
تبدو هذه أشياء صغيرة، لكنها في الواقع تطورات كبيرة في بلد عاش أسلوب حياة مختلفة عن
الغرب، وأجزاء كثيرة من العالم العربي لعقود، حسب كويست.
يتحدث كويست عن زيارته لمنطقة عسير في الجنوب، حيث يرى أن التغيير لا
يقتصر على العاصمة الرياض فقط، بل يمتد إلى محافظات بعيدة مثل عسير.
"لطالما كانت أبها عاصمة منطقة عسير
مستقلة. خلال فترات المحافظة الشديدة في السعودية، وعلى مدى قرون سابقة، ازدهر التعبير
الإبداعي هنا".
هنا، في قرية المفتاحة الفنية بالمدينة،
جاء الفنان السعودي الشهير عبد الناصر غارم في سن المراهقة للتدرب على يد كبار السن
المحليين. بيعت أعماله منذ ذلك الحين بمئات الآلاف من الدولارات في مزاد.
واللافت للنظر، أن محافظ منطقة عسير، وليس
الفنانين أنفسهم، هو الذي أنشأ هذه المساحة للمبدعين في عام 1989. ومنذ ذلك الحين،
قامت المستعمرة، التي تمولها الحكومة بإخراج الفن بحرية.
إنه مثال كلاسيكي على التناقض السعودي، يقول
كويست.
"في البلد كله، كان المكان الوحيد
الذي يمكنك أن تجد فيه الفن والموسيقى"، يقول غارم وهو يطلعنا على القرية التي
صنع اسمه فيها منذ 30 عاما: "بصراحة، كان الأمر صعبا للغاية؛ لأننا نشعر بمقاومة
المجتمع".
يجسد غارم التوازن الذي تحاول السعودية
تحقيقه، بالإضافة إلى كونه فنانا مشهورا وناجحا تجاريا، فقد كان برتبة مقدم في
الجيش السعودي. يعتقد أن العالم الذي تم إنشاؤه في قرية المفتاحة للفنون قد أظهر الطريق
للبلاد ككل.
يقول: "أعتقد أنها شرارة ما يحدث الآن
في جميع أنحاء المملكة".
"في الوقت الحالي، أعتقد أننا نعيش
في رواية، يمكنني أن أسميها تنويرا. كما تعلمون، لكل دولة لحظة استنارة خاصة بها.
وأعتقد أننا ما زلنا في مرحلة بناء خطابنا".
يخلص كويست إلى أن ما اكتشفه، سواء في شوارع الرياض المزدحمة،
أو في جبال عسير الباردة، أو استكشاف الماضي القديم في منطقة العلا، من تغير اجتماعي إلى
تجاري إلى أثري، إلى الحياة اليومية، "هو أن كل شيء في المملكة العربية السعودية
يبدو أنه يتغير".
ومع ذلك، يظل كويست متحفظا في
استنتاجاته ويقول؛ إنه "في بلد يمر بمثل هذا التغيير العميق، لا يتوصل سوى الأحمق
إلى استنتاجات شاملة؛ لأننا في وسط العاصفة ومن الصعب رؤية النتيجة النهائية".
وفي الواقع، "بعد أسبوع من مغادرتي، في مارس (آذار)، أعدمت البلاد 81 شخصا في يوم واحد، بسبب جرائم إرهابية"، يقول كويست.
AP: هل نجحت الرياض باستعادة مكانتها بعد تبعات أزمة خاشقجي؟
زيلينسكي يهاتف ابن سلمان.. شكره على إتمام "صفقة التبادل"
دعم سعودي أمريكي فرنسي لإجراء انتخابات رئاسة لبنان بموعدها