نشرت صحيفة "
الغارديان" تقريرا
للصحفي كريس ماكغريل، قال فيه إن إسرائيل أعلنت إغلاق قضية اغتيال الصحفية
الفلسطينية التي تحمل الجنسية الأمريكية شيرين
أبو عاقلة. وبذلت وزارة الخارجية الأمريكية
قصارى جهدها للتغلب على الأسئلة الصعبة. لكن أعضاء بارزين في الكونغرس الأمريكي يرفضون
إسقاط مطالبهم بإجراء محاسبة مناسبة لوفاة أبو عاقلة.
قام باتريك ليهي، العضو الأطول خدمة في
مجلس الشيوخ الأمريكي، برفع الرهان مؤخرا، من خلال تحذيره من أن فشل إسرائيل في تفسير
مقتل مراسلة الجزيرة بشكل كامل قد يعرض للخطر المساعدة العسكرية الأمريكية الضخمة للدولة
اليهودية بموجب قانون دعمه قبل 25 عاما يمنع إمدادات الأسلحة إلى البلدان التي تنتهك
حقوق الإنسان.
وقَّع ما يقرب من نصف الأعضاء الديمقراطيين
في مجلس الشيوخ على خطاب يدعو إلى التشكيك في مزاعم إسرائيل بأن أبو عاقلة قُتلت بطريق
الخطأ برصاص جندي. تشير الرسالة إلى أنها ربما تكون مستهدفة لأنها كانت صحفية.
تواجه إدارة بايدن أيضا عددا من التعديلات
التشريعية ورسائل من أعضاء الكونغرس، تطالب وزارة الخارجية بالكشف عما تعرفه عن وفاة
أبو عاقلة، وأن يقوم مكتب التحقيقات الفيدرالي بفتح تحقيق مستقل.
قلة يعتقدون أن هناك احتمالية كبيرة بأن
تخفض الولايات المتحدة فعليا 3.8 مليار دولار سنويا من المساعدات العسكرية لإسرائيل
في المستقبل القريب، ولكن من المهم سياسيا أن العديد من كبار الديمقراطيين قد وقعوا
على تحدي إسرائيل علنا، والتي كثيرا ما كانت قادرة على الاعتماد على الدعم القوي من
الحزبين في أمريكا.
على الرغم من أن الانتقادات تركزت على مقتل
أبو عاقلة، فإن مطالب المساءلة تأتي مع تصاعد عمليات القتل الإسرائيلية للفلسطينيين، بينما يبدو أن المستوطنين اليهود في الضفة الغربية قد أطلقوا سراحهم في بعض الأحيان
لمهاجمة الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم.
قال ديلان ويليامز، نائب الرئيس الأول للسياسة
والاستراتيجية في مجموعة "جي ستريت" ومقرها واشنطن، والتي تصف نفسها بأنها
"مؤيدة لإسرائيل ومؤيدة للسلام"، إن مطالب العدالة لأبو عاقلة تعكس مخاوف
أوسع.
وقال: "يبدو أن أعضاء الكونغرس محبطون
بشكل متزايد من استمرار القوات الإسرائيلية في ارتكاب هذا النوع من الأعمال المزعجة، دون مواجهة رد فعل يُذكر
أو مساءلة من حكومتنا".
وأضاف: "هناك زخم متزايد لتوضيح أن
إسرائيل يجب أن تخضع لنفس المعايير المهمة مثل جميع الحلفاء المقربين للولايات المتحدة،
وأن دعمنا الثابت لأمن إسرائيل لا يمنع ولا ينبغي أن يمنع حكومتنا من الدفاع عن حقوق
الإنسان والقانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
قامت لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية
(إيباك)، التي تمول الحملات السياسية ضد السياسيين المنتقدين لإسرائيل، بممارسة ضغوط
ضد تحقيق أمريكي في مقتل أبو عاقلة.
لكن سارة ليا ويتسن، مديرة الديمقراطية
الآن للعالم العربي -وهي مجموعة مناصرة أسسها المعارض السعودي المقتول جمال خاشقجي
للضغط على الحكومة الأمريكية لإنهاء دعم الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط- قالت
إن تغيير المشاعر العامة الأمريكية تجاه إسرائيل والفلسطينيين جعل من الأكثر سهولة
على بعض السياسيين التحدث علنا.
وقالت: "هناك نظرة متزايدة في أوساط
الجمهور الأمريكي بأن إسرائيل ترتكب جريمة الفصل العنصري، وأن الفلسطينيين يقعون ضحايا
ظلما على يد إسرائيل. وقد منح هذا المشرعين مساحة أكبر، ولا سيما المشرعين الآمنين
[في مقاعدهم] مثل باتريك ليهي، ليقولوا ما يدور في خلدهم حقا.. بالإضافة إلى ذلك، لديهم
مساحة أكبر في هذه الحالة بالذات؛ لأن شيرين أبو عاقلة كانت مواطنة أمريكية".
زعمت إسرائيل في البداية أن فلسطينيا أطلق
النار على أبو عاقلة خلال غارة عسكرية على مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة في أيار/
مايو. في وقت سابق من هذا الشهر، اعترفت أخيرا أنه "من المحتمل جدا" أن يكون
جندي من الجيش الإسرائيلي قد قتل الصحفية، لكنها ادعت أن إطلاق النار وقع خلال معركة
بالأسلحة النارية مع مقاتلين فلسطينيين.
تم رفض هذه الرواية على نطاق واسع؛ لأن التحقيقات
التي أجرتها جماعات حقوق الإنسان والصحافة والأمم المتحدة أظهرت أنه لم يكن هناك قتال
في محيط المكان الذي قتلت فيه أبو عاقلة.
أخبر ليهي مجلس الشيوخ، الأسبوع الماضي،
أن إدارة بايدن قد فشلت في التصرف بناء على دعوات من أعضاء الكونغرس لأن يقوم مكتب
التحقيقات الفيدرالي في التحقيق في وفاة أبو عاقلة كما هو "معتاد ومناسب بعد مأساة
مثل هذه تنطوي على مقتل أمريكي بارز في الخارج في ظروف مشكوك فيها".
وقال: "لسوء الحظ، لم يجر أي تحقيق
مستقل وموثوق".
وطعن ليهي في قيمة تقرير إسرائيل عن مقتل
أبو عاقلة، مشيرا إلى وجود "تاريخ من التحقيقات في إطلاق النار من قبل جنود الجيش
الإسرائيلي، والتي نادرا ما تؤدي إلى المساءلة".
كما تساءل السناتور عن دور وزارة الخارجية
بعد أن خلص المنسق الأمني الأمريكي (USSC) في القدس، اللفتنانت
جنرال مارك شوارتز، إلى أنه "لا يوجد دليل يشير إلى أن قتل [أبو عاقلة] كان متعمدا".
قال ليهي: "من الواضح أن المنسق الأمني
الأمريكي، الذي ردد استنتاج الجيش الإسرائيلي، لم يقابل أيا من جنود الجيش الإسرائيلي
أو أي شهود آخرين. إن القول بأن إطلاق النار القاتل على شخص أعزل، وفي هذه الحالة شخص
كتبت كلمة 'صحافة' بأحرف واضحة على ملابسها، لم يكن متعمدا، دون تقديم أي دليل يدعم
هذا الاستنتاج، يدعو إلى التشكيك في التزام وزارة الخارجية تجاه تحقيق مستقل، ذي مصداقية
و 'متابعة الحقائق'".
قدم ليهي تعديلا، إلى جانب أعضاء آخرين
في مجلس الشيوخ، يطالب إدارة بايدن بفحص ما إذا كانت إسرائيل قد خالفت "قانون
ليهي" لعام 1997، الذي يحظر تقديم المساعدة العسكرية للدول التي تنتهك جيوشها حقوق
الإنسان.
وقال ليهي: "سواء كان قتل [أبو عاقلة]
متعمدا أو متهورا أو خطأ مأساويا، يجب أن تكون هناك مساءلة. إذا كان متعمدا، وإذا لم
تتم مساءلة أحد، فيجب تطبيق قانون ليهي".
قال السناتور كريس مورفي، رئيس اللجنة الفرعية
للعلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ والمسؤولة عن المنطقة، لـ MSNBC، إنه لم
يدعم في السابق الدعوات لوضع شروط للمساعدة العسكرية الأمريكية لإسرائيل، لكنه قلق
بشأن سلوكها في الضفة الغربية.
وقال: "بعض القرارات [الإسرائيلية]
الأخيرة تجعل الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين أكثر ترجيحا وليس أقل احتمالا. لم أصل
إلى حد أن أطالب بشروط بشأن تلك المساعدة، لكنني أعتقد أننا جميعا نراقب سلوك الحكومة
الإسرائيلية بعناية شديدة".
يحظى ليهي بدعم أعضاء آخرين في مجلس الشيوخ، من بينهم كريس فان هولين، الذي دفع بتعديل أقرته لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ
في وقت سابق من هذا الشهر يطالب وزارة الخارجية بتسليم نسخة كاملة من تقرير المنسق
الأمني الأمريكي المثير للجدل بشأن مقتل عاقلة، بعد أن فشل وزير الخارجية الأمريكي،
أنتوني بلينكين، في الرد على طلب سابق وسلسلة من الأسئلة.
وقال فان هولين للجنة: "سأواصل الضغط
من أجل المساءلة والشفافية الكاملة حول وفاة شيرين. أي شيء أقل من ذلك غير مقبول".
كما لعب فان هولين دورا أساسيا في خطاب
وقع في حزيران/ يونيو من قبل ما يقرب من نصف جميع الأعضاء الديمقراطيين في مجلس الشيوخ
يطالب بـ"تحقيق مستقل وشامل وشفاف" في مقتلها. وجاء في الرسالة أن التعليقات
المزعجة التي أدلى بها مسؤول إسرائيلي تشير إلى أنها ربما تكون مستهدفة لأنها كانت
صحفية.
وجاء في الرسالة: "في اليوم الذي قُتلت
فيه شيرين أبو عاقلة، صرح المتحدث العسكري الإسرائيلي، ران كوخاف، بأن أبو عاقلة وطاقم
تصويرها 'كانوا مسلحين بالكاميرات، إذا سمحت لي أن أقول ذلك'. نعلم أنكم تتفقون بأنه
يجب أن يكون الصحفيون قادرين على أداء وظائفهم دون خوف من التعرض للاعتداء".