حذر
المدير التنفيذي لمعهد واشنطن للدراسات من أن سياسة واشنطن الحالية تسمح لإيران
بأن تصبح دولة نووية.
وأكد
روبرت ساتلوف، في تقرير نشره المعهد، أن برنامج طهران النووي يستمر في التطور بسرعة،
إلّا أن الولايات المتحدة لا تفعل الكثير حيال ذلك.
ينتقد
ساتلوف بشدة المحاولات الأمريكية لإعادة
إيران للاتفاق النووي، "لكن طهران لم
تعلن موافقتها بعد، على الأقل حتى الآن. وفي غضون ذلك، ازداد الوضع سوءاً، على حد
تعبيره.
ويوضح
ساتلوف، الذي لا يخفي معارضته للاتفاق النووي، أنه منذ أن تولى بايدن منصبه، خصّب الإيرانيون
اليورانيوم بشكل مكثّف، وقد تجاوزوا حدود
الاتفاق النووي 2015، وقاموا بتخصيب اليورانيوم
بنقاء يصل إلى 20 ثم 60 في المئة، باستخدام أجهزة طرد مركزي أكثر تطوراً وتقدماً بكثير
من تلك المسموح بها بموجب الاتفاق الأصلي. ونتيجة لذلك، ووفقاً لـ"الوكالة الدولية
للطاقة الذرية"، أنتجت إيران قرابة أربعة آلاف كيلوغرام من اليورانيوم المخصب،
من بينها 55.6 كيلوغرام، بنسبة 60 في المئة.
ويضيف
أنه إذا قررت إيران استخدام هذا اليورانيوم لأغراض عسكرية، فيمكنها أن تندفع بسرعة
باتجاه تخصيب يصل إلى نسبة 90 في المئة في غضون أسابيع فقط، ما يحتمل أن تنتج ما
يكفي من المواد الانشطارية لأجهزة نووية متعددة. وبينما يعتقد معظم الخبراء أن صنع
قنابل قابلة للتسليم سيستغرق وقتاً أطول بكثير، إلّا أنه لا أحد يعلم فعلياً حالة برنامج
"التسلح" الإيراني، إذ إنه من السهل إخفاء عمليات المحاكاة الحاسوبية والاختبارات
المخبرية، كما أنه لم تكن هناك عمليات تفتيش شاملة للمنشآت المعروفة، ناهيك عن تلك غير
المعروفة، منذ أكثر من عام ونصف.
ويخلص
ساتلوف إلى أن التهديد النووي اليوم هو أسوأ بكثير مما كان عليه عند تولي بايدن منصبه.
ويرى
ساتلوف أن واشنطن قدمت تنازلات لإنجاز العودة للاتفاق النووي 2015، ويقول إن الولايات
المتحدة وافقت على السماح لإيران بالاحتفاظ بآلاف أجهزة الطرد المركزي المتقدمة التي
صنعتها في المخازن (من دون استخدامها).
كما
أن الاتفاق الجديد يمنح إيران إمكانية الوصول الفوري إلى عدد معين من الأصول المحظورة،
حتى قبل أن تصدّر معظم مخزونها الضخم من اليورانيوم المخصب لحفظه في بلد ثالث. كما
أنه يفسح المجال لإيران للالتفاف حول الحظر المفروض على المعاملات المالية مع الحرس
الثوري من خلال تقديم خيار للشركات الدولية بممارسة الأعمال التجارية مع الشركات التي
يمتلك الحرس الثوري الإيراني حصة جزئية فيها (ولكن ليس حصة مهيمنة).
ويرى
ساتلوف أن إدارة بايدن مترددة في السعي وراء أي من وجهيْ الضغط الأكثر مناقشة على نطاق
واسع، وهما: تشديد العقوبات أو جعل إمكانية اللجوء إلى بديل عسكري واقعاً. ويعني الوجه
الأول من الضغط معاقبة الصين، التي تشتري معظم النفط الإيراني، وهي خطوة قد تدفع بكين
إلى انتهاج سلوك أكثر عدوانية في شرق آسيا، بينما تقيد في الوقت نفسه إمدادات النفط
العالمية، وربما تزيد من التضخم. ومن شأن الوجه الثاني من الضغط أن يثير القلق بشأن
نشوب نزاع مسلح في الخليج، والذي تقول الإدارة الأمريكية إنها تحرص على تجنبه.
وكانت
النتيجة تقاعساً مذهلاً في سياسة الولايات المتحدة تجاه القضية النووية الإيرانية؛ فقد تشجب الإدارة الأمريكية علناً التقدم المقلق الذي تحرزه إيران نحو تطوير قدرة في
مجال الأسلحة النووية، لكنها أيضاً لا تفعل الكثير حيال ذلك، حسب ساتلوف.
ويرى
ساتلوف أنه يجب أن ينصب تركيز واشنطن على التنسيق مع حلفائها في أوروبا والشرق الأوسط
بشأن استراتيجيات لردع إيران عن إحراز المزيد من التقدم النووي.
ويقترح
ساتلوف، الذي يعارض أيضا تقديم أي تنازلات أو إغراءات لإيران للعودة للاتفاق
النووي، أنه إذا أرادت إدارة بايدن تجنُّب ألم تشديد العقوبات أو الخوف من عمل عسكري،
يمكنها أن تلجأ إلى طريقة ثالثة لرفع تكلفة رفض إيران للقبول باتفاق نووي، وهي التهديد
بإلغاء التنازل الأساسي في صلب الاتفاق الأصلي، وهو الاعتراف بـ"حق" إيران
"في التخصيب".
فساتلوف
يعتقد أن أعظم إنجازات إيران في الاتفاق الأصلي هو اكتساب الشرعية الدولية لمطالبتها
بالحق في التخصيب. وهي المطالبة ذاتها التي أصرت واشنطن على دول أخرى، مثل الإمارات
العربية المتحدة، أن تتنازل عنها إذا أرادت التعاون مع الولايات المتحدة في المجال
النووي.
وإذا
كانت إدارة بايدن تريد فعلاً تهديد إيران، فقد تعيد "حق التخصيب" إلى طاولة
المفاوضات. وتتمثل الطريقة الأكثر فاعلية للقيام بذلك في الحصول على التزام من دولة
أخرى موقّعة على الاتفاق، وهي على الأرجح بريطانيا، بإطلاق آلية "العودة للحالة
السابقة" للاتفاق بحلول تاريخ محدد، ما سيطيح فعلياً بما تبقى من الاتفاق إذا
لم توافق إيران على العودة إليه.