ساهم الموقف التركي "المتوازن" من الحرب الروسية على أوكرانيا، وعدم الانضمام للعقوبات الغربية المفروضة على موسكو، بإبعاد تركيا عن شبح أزمة الطاقة التي تعاني منها أوروبا.
ورغم تزويد أنقرة كييف بالطائرت المسيرة الهجومية، ورفضها للحرب الروسية، فإنها رفضت الانضمام إلى الدول الغربية في فرض عقوبات على موسكو.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن الدول الأوروبية "حصدت ما زرعته" عبر فرضها قيودا اقتصادية على روسيا، مضيفا أن العقوبات دفعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرد باستخدام إمدادات الطاقة، مشيرا إلى أنه (بوتين) "يستخدم كل وسائله وأسلحته، وأهمها الغاز الطبيعي. وللأسف، لم نكن نريد هذا ولكن، هذا هو ما يحدث في أوروبا".
وفي الوقت الذي أكد فيه أردوغان أن أوروبا ستواجه مشاكل خطيرة هذا الشتاء بسبب أزمة الطاقة، أشار إلى أن بلاده ليست لديها مثل هذه المشكلة.
الكاتب التركي هاكان قولداغ في تقرير على صحيفة "دنيا" التركية، كتب مقالا أشار فيه إلى أن أزمة الطاقة التي تعاني منها أوروبا تعد فرصة بالنسبة لتركيا.
ورجح الكاتب أن تركيا لن تعاني من مشكلة أمن إمدادات الغاز القادم من روسيا، لافتا إلى تصريحات نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، والتي قال فيها إن "صادرات الغاز الروسي إلى الاتحاد الأوروبي ستنخفض بمقدار 50 مليار متر مكعب هذا العام.. وإذا أراد أصدقاؤنا الأتراك فيمكننا زيادة كمية الغاز الطبيعي الذي نرسله إليهم".
اقرأ أيضا: مقترح يوناني بإنشاء صندوق أوروبي للحد من أسعار الغاز
وتتوقع تركيا من روسيا تأجيل مدفوعات الغاز لمدة معينة ومن المتوقع أن بوتين وأردوغان ناقشا هذا الموضوع في سمرقند، ولكن لم يتم الإعلان عن ذلك، وكانت روسيا قد قدمت مثل هذا الدعم في عام 2018 أثناء أزمة القس برونسون ويمكن أن تفعل ذلك مجددا، بحسب الكاتب.
وأضاف قولداغ، أن آثار العقوبات على المستهلكين الروس تشكل ضغطا على بوتين، وتركيا تمتلك العديد من المنتجات التي تخفف على المستهلك الروسي الذي تأثرت جودة حياته بشكل سلبي.
وتابع بأن بعض القطاعات التي لديها استهلاك كبير من الطاقة في أوروبا بدأت تتعطل أعمالها، وهي أمام خيارين إما أن توقف أعمالها لفترة مؤقتة أو التقليل من إنتاجها، وقد شهدت أوروبا إغلاق أكثر من عشرة مصانع للحديد والصلب، كما أن الألمنيوم بدأ بالتأثر، ناهيك عن إغلاق بعض مصنعي زجاج السيارات مصانعهم.
وأوضح أنه يتعين على أوروبا ترك العديد من القطاعات التي لديها استهلاك عال للطاقة بسبب الأزمة التي تعيشها، والركود الاقتصادي الذي تدخله بسرعة ساهم في تقليل احتياجاتها ولكن بشكل جزئي، وستضطر لتلبية احتياجاتها من القطاعات التي خفضت الإنتاج فيها أو أوقفتها من الخارج.
وتابع بأن هناك العديد من الخيارات لأوروبا بهذا الصدد، ولكن لن تستطيع الاقتراب إلى روسيا أو الصين التي لديها مشاكل معها، وهذا يعني البحث عن بدائل غير صينية، مثل فيتنام والفلبين والهند وكذلك من الشركات المصنعة في الولايات المتحدة والبرازيل، ومع ذلك فإن العديد من المنتجات كثيفة الاستهلاك للطاقة رخيصة التكلفة لكنها تواجه صعوبات في عملية نقلها وتوريدها.
ورأى الكاتب أن أوروبا ستختار في عملية التوريد المناطق القريبة لها وليست البعيدة، ومن هذا المنظور تعد تركيا العنوان الأنسب للإمدادات التي تحتاجها.
وأضاف أن تركيا التي لديها ضمان في أمن إمدادات الطاقة، مع أسعار للغاز الطبيعي رخيصة مقارنة بأوروبا، فإنها قد تلبي العديد من الاحتياجات الأوروبية في أزمة الطاقة الحالية.
ولفت الكاتب إلى أن هناك حركة في القطاعات التركية كثيفة الاستهلاك للطاقة في الوقت الحالي رغم الشكاوى من زيادة التكاليف.
وتخلق أزمة الطاقة في أوروبا أيضا فرصة لقطاع السيراميك في تركيا، والتي تحتل المرتبة الأولى فيه في كل من أوروبا والعالم، ويمكن لمصنعي الحمامات والأدوات الصحية الخزفية والسيراميك الكبار في أوروبا زيادة حصتهم من ذلك.
اقرأ أيضا: FT: على الاتحاد الأوروبي أن يتّحد في حرب الطاقة ضد روسيا
ونوه الكاتب إلى أن وفودا قادمة من بريطانيا وهولندا تخوض مفاوضات شراء في قطاع البلاستيك في تركيا من أجل منع أزمة الطاقة، كما أن قطاع الصب يشهد استثمارات جديدة، وفي صناعة الزجاج يزداد الطلب على زجاج السيارات والمستخدم في البناء من تركيا، ويعتقد ممثلو قطاع السلع البيضاء في البلاد أن أزمة الطاقة في أوروبا قد تجلب الفرص لديهم.
وأضاف أن هناك أمثلة عدة في هذا الإطار، ويعتقد ممثلو السلع البيضاء في تركيا أنهم سيتأثرون بشكل إيجابي من أزمة الطاقة بأوروبا، صحيح أن التباطؤ الاقتصادي في أوروبا قد يؤثر سلبا على الصادرات التركية بشكل عام، لكن إذا توقف المنافسون مع استمرار الطلب فإن أزمة الطاقة تشكل ميزة كبيرة لبعض القطاعات في تركيا.
صحيفة "Türkiye Gazetesi"، قالت في تقرير إن ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا، ساهم في إغلاق الدفيئات الزراعية بشكل تدريجي بسبب التكلفة العالية، ومع صعوبة الإنتاج في البيوت الزجاجية، حولت الدول الأوروبية اتجاهها إلى تركيا لتلبية احتياجاتها من الخضار والفواكه الطازجة.
وذكرت أن أوروبا طرقت باب تركيا لشراء الخضراوات لا سيما الطماطم والفلفل، والفواكه مثل البرتقال والتفاح، ومع الأسواق الجديدة تسود توقعات بأن ترتفع قيمة الصادرات إلى 36 مليار دولار في عام 2023.
النائب التركي أتاي أوصلو، قال إن الإنتاج في أوروبا انخفض خلال فترة الوباء وعلى ما يبدو أنه سينخفض بشكل أكبر بسبب أزمة الطاقة.
وتعد ولاية أنطاليا المطلة على البحر المتوسط الرائدة في إنتاج الفواكه والخضراوات، ويشير النائب التركي إلى أن المصدرين في الولاية يتوقعون توجه الدول الأوروبية إلى تركيا، ولذلك تجري الاستعدادات لزيادة الإنتاج بشكل أكبر.
وبدأت هولندا وفرنسا وإسبانيا ودول البلقان، التي لم تكن قد اشترت من قبل الطماطم من تركيا، في استيراد الطماطم العام الماضي، وبينما ارتفعت صادرات الطماطم إلى أعلى مستوى مؤخرا، ارتفعت أسعارها في السوق المحلية بسبب كثافة التصدير.
أردوغان يأمل في خفض "الفائدة" إلى خانة الآحاد نهاية العام
خلافا لقرار الفيدرالي.. تركيا تخفض سعر الفائدة ومصر تثبتها
فيتش: التضخم يضرب العالم.. وتركيا تحقق نموا اقتصاديا كبيرا