بعد
أيام قليلة من فوز
جيورجيا ميلوني زعيمة الحزب اليميني في
إيطاليا، نشرت وزارة الخارجية
الإسرائيلية أول رد فعل تجنبت فيه ذكرها بصورة صريحة، ربما بسبب تصريحاتها الفاشية،
وجذور حزبها الراديكالية، رغم أنها في السنوات الأخيرة باتت تتبنى خطاً أكثر اعتدالاً،
بل إنها أعلنت سابقا أنها داعمة لإسرائيل، وتعتبرها "حليفًا أساسيًا"، ورغم
ذلك فيبدو أن تل أبيب ليست مرتاحة لفوزها.
في التفاصيل،
فبعد أكثر من أسبوع من انتخابات إيطاليا، نشرت وزارة الخارجية أول رد رسمي على فوز
ميلوني، جاء فيه أن "إسرائيل تتطلع إلى استمرار التعاون والصداقة مع الحكومة التي
سيتم إنشاؤها، ومع الشعب الإيطالي، مع التركيز على مجالات الاقتصاد والطاقة والمياه
والابتكار والإنترنت، والقتال المشترك ضد معاداة السامية والحفاظ على ذكرى المحرقة،
باعتبار إيطاليا صديقا مهما لإسرائيل"، لكن بيان الخارجية الإسرائيلية لم يذكر ميلوني
بالاسم، ولم يهنئها.
تامير
موراج مراسل صحيفة "
إسرائيل اليوم"، أكد أن "هذا البيان الإسرائيلي
يعكس الإحراج المستمر لإسرائيل الرسمية في مواجهة الوضع السياسي الجديد في إيطاليا،
ربما لأن جذور حزب "إخوان إيطاليا" الفائز، وتقوده ميلوني، متجذرة في الحركة
الفاشية الجديدة، التي نشأت بعد الإطاحة وإعدام موسوليني في 1945، حيث إن أحفاده أعضاء
في الحزب، بجانب النشطاء الذين عبروا عن وجهات نظر فاشية، وحتى نازية جديدة".
وأضاف
في تقرير ترجمته "
عربي21" أن "هذا الموقف الرسمي الإسرائيلي اختارت
وزير الداخلية أييليت شاكيد أن تشذّ عنه، من خلال تهنئتها لميلوني شخصيا بقولها إن
"فوز اليمين في إيطاليا، مقدمة لفوز اليمين في إسرائيل أيضاً"، زاعمة أن
ميلوني نفسها ترى أن إسرائيل "حليفًا أساسيًا" لإيطاليا، وفي زيارتها الأخيرة
إليها في عام 2011 زارت مؤسسة "ياد فاشيم" لتخليد ذكرى المحرقة".
في المقابل،
كشف درور إيدار السفير الإسرائيلي السابق في إيطاليا حتى أسابيع قليلة، أنه أجرى مع
ميلوني عدة محادثات، استغرقت كل محادثة ساعتين، وقال: "لا أستطيع القول إنها
أكثر صداقة مع إسرائيل، بل هي سياسية جيدة على عكس الآخرين، أخبرتني أنها أصغر وزيرة
أتت إلى إسرائيل لزيارتها، وفي ما يتعلق بمواقفها تجاه إسرائيل، فإنها تتفهم الأخطار
بشكل جيد للغاية، يمكن القول إنها داعمة جدًا لإسرائيل، مع العلم أن عددا من أعضاء
حزبها تحدثوا في الماضي ضد إسرائيل، ليس فقط بأنها غير شرعية، بل قالوا إن اليهود أيضا
دعموا النازيين".
وأضاف
في مقابلة نشرتها صحيفة "
معاريف"، ترجمتها "
عربي21" أن "إيطاليا
لم تصوت أبدًا لإسرائيل في الأمم المتحدة، رغم أن تعاوننا وثيق في العديد من المجالات،
باستثناء أنها تتصرف ضد مصالح إسرائيل في الأمم المتحدة، رغم محاولتي إثارة ضجة كبيرة
حول هذا الأمر خلال تواجدي في روما خلال السنوات التي أمضيتها هناك، لكن الأمر أثار
غضب وزارة الخارجية الإيطالية مني، مع العلم أن ميلوني وأعضاء حزبها ليس لديهم الدراية
الكاملة بصراعات المنطقة بشكل تفصيلي".
تنشغل
الأوساط السياسية والدبلوماسية الإسرائيلية في هذه الأيام بالبحث في جميع المواقف الصادرة
عن ميلوني لمعرفة كيفية التعامل معها، رغم أن رد الفعل الأولي تجاهها اتسم بالبرود
والفتور، حيث أظهرت التقارير الإسرائيلية جملة تصريحات لها وهي توجه الشكر في 2018
لما اعتبرتها الجبهة المؤلفة من سوريا وروسيا وإيران وحزب الله، لأنهم وفروا الحماية
للمسيحيين للحياة في سوريا، وتمكنوا من الاحتفال بأعياد الميلاد، ما جعلها تنال تعاطف
أنصار هذا المعسكر المعادي لإسرائيل.
أكثر
من ذلك، تداولت مواقع التواصل الاجتماعي الإسرائيلي في الأيام الأخيرة دعوت ميلوني
لتعزيز
العلاقات مع روسيا حتى الحرب في أوكرانيا، ورغم أنها قطعت علاقاتها بالنظام
السوري، واعتبرته غير شرعي، فإنها في الوقت نفسه رفضت التدخل العسكري في المنطقة على
عكس أعضاء الناتو الآخرين، رغم وجود مجموعات هامشية في إيطاليا أعربت عن دعمها لنظام
الأسد مثل الحزب الشيوعي وعناصر الفاشية الجديدة.