نشرت مجلة فوربس تقريرا تحدثت فيه عن السؤال الأهم غير المحسوم والمحوري في أهداف هيئة الأوراق المالية والبورصات وغيرها من منظمي السوق الأمريكية الجادين في السيطرة على سوق العملات المشفرة، وهو: هل تعتبر العملة المشفرة أوراقا مالية؟
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه من العدل أن نقول إنه منذ إطلاق بتكوين في كانون الثاني/يناير 2009، أصبح التشفير بمثابة "الغرب المتوحش" للأسواق المالية. ففي الماضي؛ ساعدت الطبيعة اللامركزية للعملة المشفّرة على إبقائها بعيدة عن أعين الحكومات والهيئات التنظيمية الأخرى؛ حيث أن افتقارها للرقابة هو ما جذب الكثير من المستثمرين الساذجين الذين يسهل استغلالهم من قبل الجهات الفاعلة الشائنة.
على سبيل المثال قضى انهيار عملة "تيرا" المستقرة في أيار/مايو على أكثر من 600 مليار دولار من القيمة وتسبب في موجة من حالات الإفلاس، ناهيك عن تعميق شتاء العملات المشفرة. واستجابت إدارة بايدن لذلك من خلال تحديد إطار عمل لتطوير العملات المشفرة يتضمن إيماءات في اتجاه تنظيم التشفير.
ووفق المجلة؛ فقد أعرب رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، غاري جينسلر، عن استيائه من الوضع الحالي لتنظيم العملات المشفرة؛ حيث قال في حزيران/يونيو إن بورصات العملات المشفرة التي لا تتعاون مع هيئة الأوراق المالية والبورصات "تعمل خارج نطاق القانون" وقد تكون معرضة لخطر تطبيق الإجراءات عليها.
وأضافت المجلّة أن قانون الأوراق المالية لعام 1933 وقانون الأوراق المالية لعام 1934 حددا تعريفًا مؤلمًا للورقة المالية، ولكن يمكن العثور على دليل مفيد أكثر في اختبار هاوي الذي انبثق من حكم المحكمة العليا لعام 1946 في قضية هيئة الأوراق المالية والبورصات ضد شركة هاوي، الذي بموجبه تُعتبر عمليّة التبادل ورقة مالية إذا استوفت المعايير الأربعة التالية:
- استثمار الأموال.
- هناك توقعات بأن المستثمر سيحقق ربحًا.
- الاستثمار في مؤسسة مشتركة.
- توليد الأرباح من خلال مجهودات الآخرين.
في ظهوره الأخير على سي إن بي سي، سلّط جينسلر الضوء على قضية العملات المشفرة، قائلا إن: "القانون واضح وأعتقد أنه بناءً على الحقائق والظروف، فإن معظم هذه الرموز تعتبر أوراقا مالية". وهذا يعني أن تلك العملات المشفرة يجب أن تكون مسجلة لدى هيئة الأوراق المالية والبورصات بموجب القوانين الفيدرالية للأوراق المالية.
هيئة الأوراق المالية والبورصة تضيق الخناق على العملات المشفرة
وبحسب المجلة؛ فقد أعلنت هيئة الأوراق المالية والبورصات في أيار/مايو أنها كانت تضاعف وحدة أصولها المشفرة والوحدة الإلكترونية. ومنذ ذلك الحين، أصبحت لجنة الأوراق المالية والبورصات ولجنة تداول العقود الآجلة للسلع ووزارة العدل أكثر نشاطًا في تطبيق تنظيم التشفير، كما تم توجيه عدّة اتهامات بغسيل الأموال لعدة جهات في هذا المجال.
وذكر موقع بلومبيرغ أن لجنة الأوراق المالية والبورصات كانت تحقق في تبادل العملات المشفرة الشهير "كوين بيز" الذي سمح للمستخدمين بتداول الأوراق المالية غير المسجلة، كما قدمت هيئة الأوراق المالية والبورصات شكوى بشأن التداول من الداخل ضد مدير منتج سابق في كوين بيز وحددت تسع عملات مشفرة على أنها أوراق مالية.
هيئة الأوراق المالية والبورصات توقع غرامة على كيم كارداشيان
في أوائل تشرين الأول/أكتوبر، وافقت نجمة تلفزيون الواقع ومؤثرة وسائل التواصل الاجتماعي، كيم كارداشيان، على دفع تسوية بقيمة 1.2 مليون دولار إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات بسبب تهم بعدم كشفها عن المقابل الذي حصلت عليه للترويج لعملة إيثريوم ماكس على إنستغرام في حزيران/يونيو 2021، وكانت قيمة غرامة هيئة الأوراق المالية والبورصات أكثر بأربع مرات مما حققته من صفقة الترويج.
ريبل وهيئة الأوراق المالية والبورصات
وأضافت المجلّة أن المعركة التنظيمية الرئيسية الأخرى المتعلقة بالعملات المشفرة تدور بين ريبل وهيئة الأوراق المالية والبورصات بشأن بيع عملة الريبل؛ حيث وجهت لجنة الأوراق المالية والبورصات اتهامات ضد ريبل، زاعمة أن مبيعات الشركة من العملة هي في الواقع عمليات بيع غير قانونية لأوراق مالية مشيرة إلى أنهم "قد جمعوا أرباحًا تفوق 1.3 مليار دولار من خلال أوراق مالية غير مسجلة ومستمرة للأصول الرقمية".
في المقابل؛ تعارض ريبل هذا الاتهام، مدعية أن عملتها هي عملة افتراضية وليست عقد استثمار، وبالتالي فهي لا تخضع لقوانين الأوراق المالية الخاصة بالهيئة.
التشفير وقانون الأسهم
وقال المحامي ويليام باورز إن قانون الأسهم لعام 2012 يمكن أن يمنح مستثمري العملات المشفرة نظرة ثاقبة حول موقف الكونغرس تجاه هذه القضية؛ حيث يستوجب هذا القانون من جميع أعضاء الكونغرس الكشف علنًا عن أي تداول "للأسهم والسندات وعقود السلع الآجلة وأشكال الأوراق المالية الأخرى" في غضون 45 يومًا على مواقعهم الإلكترونية، مما يشير إلى أن العملات المشفّرة مصنفة بموجب قانون الأسهم على أنها "أشكال أخرى من الأوراق المالية".
وأشارت المجلّة إلى أن العديد من أعضاء الكونغرس كشفوا لاحقًا عن تداولاتهم المشفرة؛ حيث صرّح باورز أن هذه الإفصاحات توضح أن "هناك إجماعًا على ما يبدو" على أن العملات المشفرة تعتبر نوعًا من الأوراق المالية بموجب قانون الأسهم، على الأقل فيما يتعلق بالتداول من قبل أعضاء الكونغرس.
اللوائح المستقبليّة لهيئة الأوراق المالية والبورصات للعملات المشفرة
في الوقت الحالي؛ لا يزال مستقبل تنظيم التشفير الأمريكي قيد التخطيط بينما يواصل المنظمون التحقيق في السوق وتحديد أفضل مسار للمضي قدمًا. من المتوقع أن تكمل وزارة الخزانة الأمريكية "تقييم مخاطر التمويل غير المشروع" المرتبط بالتمويل اللامركزي والرموز غير القابلة للاستبدال في أوائل عام 2023، لكن بعض الخبراء يشيرون إلى أن المزيد من اللوائح قد لا يكون بالضرورة أمرا سيئًا لمستثمري العملات المشفرة.
ونقلت المجلّة عن بوبي أونج، الشريك المؤسس والمدير التنفيذي للعمليات في "كوين غيكو" أن: "وجود لوائح خاصة بالعملات المشفرة يعني أن المشاريع وعمليات التبادل وجميع الأعمال المرتبطة بالعملات المشفرة تخضع لمعايير أعلى وبالتالي فهي مفيدة للمستثمرين. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه اللوائح تحمي مصالح المستثمرين، مما يسمح باللجوء القانوني ضد عمليات الاحتيال والمشاريع التي تنتهك هذه اللوائح".
في المقابل؛ يقول جيريمي واجنر، المحلل المالي في "ترايدينغ بيديا"، إن تنظيم التشفير سيكلّف عشاق التشفير الكثير، حيث إن "المزيد من التنظيم يمكن أن يؤدي أيضًا إلى مزيد من القيود على كيفية شراء وبيع واستخدام العملات المشفرة. بالإضافة إلى ذلك، قد تزيد اللوائح التنظيمية من صعوبة إطلاق مشاريع جديدة ومبتكرة في مجال العملات المشفرة".
الدمج يثير قلق مجتمع العملات المشفرة.. "ثورة أم ضجيج؟"