نشرت صحيفة "إزفيستيا" الروسية، تقريرا تحدثت فيه عن أن زيادة سعر الفائدة المرفوق بالتعزيز الحاد للدولار وهشاشة الأسواق في ولايات قضائية أخرى؛ أثار استياء وخوف البلدان النامية، بما في ذلك أقرب شركاء الولايات المتحدة المتمثل بالدول الأوروبية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن مستوى التضخم في الولايات المتحدة في نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي تجاوز جميع التوقعات بعد بلوغه نسبة 8.2 في المئة، وبلوغ مؤشر أسعار المستهلك باستثناء الغذاء والوقود نسبة 6.6 بالمئة.
فيمَ يتمثل خطر الزيادة الجديدة؟
وتضيف الصحيفة أنه في الثاني والعشرين من أيلول/ سبتمبر الماضي، واستجابة لارتفاع معدلات التضخم؛ رفع نظام الاحتياطي الفيدرالي مرة أخرى هذا العام سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، ليصل إلى 3.25 بالمئة، وعلى الرغم من توقع هكذا قرار غير أنه أثر سلبا على الأسواق العالمية، بما في ذلك أسواق الأسهم وأسواق العملات.
فعلى سبيل المثال؛ تراجعت قيمة الجنيه الإسترليني بنسبة 5 بالمئة مقابل الدولار في غضون ساعات قليلة. وبشكل عام؛ ارتفعت العملة الأمريكية مقابل العملات الست الرئيسية بنسبة 18 بالمئة منذ بداية العام.
والجدير بالذكر؛ أن العديد من البلدان تلجأ إلى تخفيض قيمة العملة عمدًا من أجل زيادة القدرة التنافسية لاقتصادها، وهو ما حدث قبل عشر سنوات في العملية التي أطلق عليها الخبراء اسم "حرب العملات".
اقرأ أيضا: كيف تساهم أزمة الطاقة في اتساع التفاوتات بأوروبا الوسطى؟
ومع ذلك؛ فإنه لا يعد ذلك مخرجا في حالة حدوث انفجار تضخمي، وارتفاع أسعار المواد الخام وعلى وجه الخصوص موارد الطاقة والأغذية والأسمدة والرقائق الدقيقة وبعض المعادن، خاصة بالنسبة للبلدان التي تم دمجها بعمق في الاقتصاد العالمي وتعتمد على الواردات.
وبحسب الصحيفة؛ فإن المملكة المتحدة، التي بسبب حجم ومستوى تطور القطاع المالي داخلها؛ تستحوذ على أعلى نسب التدفقات المالية عبر الوطنية إلى حجم الاقتصاد تعتبر حالة كلاسيكية، كما أن دول الاتحاد الأوروبي معرضة للخطر، وقد تضطر إلى إيقاف الإنتاج بسبب التكلفة الباهظة لموارد الطاقة. ومن أجل التصدي لانخفاض سعر الصرف؛ تضطر دول الاتحاد الأوروبي لرفع سعر الفائدة.
وأفادت الصحيفة بأنه على الرغم من حقيقة أن الاقتصاد الأمريكي هو الأكثر قدرة على مقاومة التأثيرات الخارجية؛ غير أن مخاطره مرتفعة، ويظهر ذلك في انخفاض نسبة مساهمة التجارة في الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة مقارنة بما هي عليه في دول منطقة اليورو.
من جانبها، بحسب الصحيفة؛ اتبعت البنوك المركزية في النرويج وبريطانيا العظمى وسويسرا الاستراتيجية ذاتها، واستجابة لانخفاض الين بنحو 20 في المئة منذ بداية العام قامت اليابان بأول عملية بيع للدولار منذ عام 1998 في سوق الصرف الأجنبي لديها.
من سيكون قادرا على الاكتساح؟
وذكرت الصحيفة أنه في ظل الوضع الراهن؛ تعد روسيا وتركيا حالات استثنائية، حيث يسمح فائض عائدات النقد الأجنبي على خلفية الانخفاض القوي في الواردات وتباطؤ التضخم للبنك المركزي الروسي بخفض سعر الفائدة.
وفي المقابل؛ ارتأى البنك المركزي التركي رغم الضغوط السياسية القوية التي يتعرض إليها تجاهل ارتفاع معدلات التضخم والتركيز على دعم النمو الاقتصادي مهما كلف الثمن بدلا عن ذلك.
إن السير على خطى الولايات المتحدة ورفع سعر الفائدة في ظل عدم وجود بدائل يتطلب التضحية. وجنبا إلى جنب مع رفع سعر الفائدة من طرف البنك المركزي؛ ستشهد أسعار السندات لجميع أعضاء الاتحاد الأوروبي نموا بشكل فوري. فعلى سبيل المثال؛ في نهاية الشهر الماضي، ارتفع العائد على السندات الإيطالية لأجل 10 سنوات إلى ما يقرب 5 بالمئة.
وبدوره؛ بدأ البنك المركزي الأوروبي في رفع أسعار الفائدة، وهو ما من شأنه خلق وضع كارثي بالنسبة الشركات المتخلدة بذمتها بعض الديون.
اقرأ أيضا: مقترح يوناني بإنشاء صندوق أوروبي للحد من أسعار الغاز
وبناء على ذلك؛ فإن مسار التشديد المالي في أمريكا أثار استياء جميع دول العالم، بما في ذلك الحلفاء المقربون من الولايات المتحدة. وبخصوص هذا؛ صرح رئيس المفوضية الأوروبية جوزيب بوريل، هذا الأسبوع أن الدولار والنظام الاحتياطي الفيدرالي يلعبان في الوقت الراهن الدور ذاته الذي لعبه المارك الألماني والبنك الاتحادي الألماني قبل إنشاء اليورو في النظام العالمي؛ حيث إن نتائج الارتفاع الحاد في سعر الفائدة ليست مضمونة حتى في الولايات المتحدة؛ حيث يواجه سوق العقارات بالفعل مشاكل كبيرة. وبناء عليه؛ يرى بعض المحللين الاقتصاديين أن رفع سعر الفائدة يمثل مشكلة خطيرة بالنسبة لاقتصاد الاتحاد الأوروبي تفوق خطورة تلك الناتجة عن أزمة الطاقة.
في المقابل؛ يرى بعض مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي أنه ليس هناك داعي للتسرع في تشديد السياسة النقدية بشكل حاد، على الرغم من التضخم القياسي. وبخصوص هذا؛ يشير نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي ليل برينارد في أواخر الشهر الماضي إلى أن استمرار مثل هذه السياسة قد يدفع الأسواق الناشئة إلى حافة الكارثة على وجه الدقة تلك التي تغرق في الديون.
وفي الختام؛ نوّهت الصحيفة إلى أن مؤشرات تسارع التضخم في الولايات المتحدة قد تزيد من تصميم صناع القرار في مجال السياسة النقدية على اتخاذ إجراءات صارمة قد يكون لها عواقب وخيمة.
بايدن: قوة الدولار ليست سببا في تراجع الاقتصاد العالمي
كيف تساهم أزمة الطاقة في اتساع التفاوتات بأوروبا الوسطى؟
3 أسباب لعدم تعاون البنوك المركزية الكبرى لخفض قوة الدولار