تقرير: هكذا يستهدف مسؤولو الهجرة ببريطانيا أماكن العبادة

كشفت صحيفة "الإندبندنت" أن مسؤولي إنفاذ الهجرة في بريطانيا يستهدفون أماكن العبادة لتقديم المشورة للأشخاص الذين يعانون من أوضاع غير آمنة بالعودة إلى بلدانهم الأصلية.

وأجرت فرق متخصصة من وزارة الداخلية البريطانية أكثر من 400 عملية "للمشاركة المجتمعية" في المعابد والمساجد والكنائس على مدى السنوات الثلاث الماضية بزيادة أربعة أضعاف منذ عام 2019.

وفي ثلاث حالات على الأقل العام الماضي، أجرى المسؤولون زيارات لإنفاذ قوانين الهجرة في أماكن العبادة أسفرت عن نقل الأشخاص مباشرة إلى المطار، وفقًا للأرقام التي تم الحصول عليها من خلال طلب قانون حرية المعلومات (FOI)، بحسب الصحيفة.

وانتقدت مجموعات المهاجرين والجمعيات الخيرية هذه الممارسة، ودعت إلى إلغاء سياسة "البيئة المعادية" وادعت أن الناس يتعرضون "للخداع".

وصرحت ماري أتكينسون، مستشارة السياسات للمجلس المشترك لرعاية المهاجرين، لصحيفة "الإندبندنت، بأنه "لا مكان لفرض قوانين الهجرة في المساحات الدينية، يجب على الحكومة التوقف فورًا عن إدارة ورش العمل هذه وإلغاء البيئة المعادية حتى يتمكن الجميع من الوصول إليها في إطار الخدمات العامة الأساسية".

و"البيئة المعادية" هي عبارة عن مجموعة من السياسات التي قدمتها وزيرة الداخلية في ذلك الوقت، تيريزا ماي، في عام 2012، بهدف جعل البقاء في المملكة المتحدة صعبًا قدر الإمكان على الأشخاص الذين ليس لديهم تصريح للبقاء على أمل أن يغادروا طواعية.

ويتم إجراء هذه الزيارات في الأماكن الدينية من قبل مسؤولين من فريق التواصل المجتمعي الوطني (NCET) التابع لوزارة الداخلية، وهو فرع لوظيفة إنفاذ قوانين الهجرة في الوزارة.

وهي تستهدف المهاجرين غير المسجلين وطالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم وغيرهم من مجموعات المهاجرين لتقديم المشورة بشأن كيفية الوصول إلى مخطط العودة الطوعي للحكومة، وإعادة الإدماج، وجلسات الأسئلة والأجوبة في فترات الإقامة الزائدة، وتأشيرات الطلاب، والتسوية في الاتحاد الأوروبي، والتأخير في الطلبات.

وتم الكشف عن هذه الزيارات مع احتدام الجدل حول تعامل الحكومة مع المهاجرين الذين يصلون عن طريق الزورق عبر قناة المانش قادمين من فرنسا.

يأتي هذا الكشف في الوقت الذي تواجه فيه وزيرة الداخلية سويلا برافرمان إجراءات قانونية محتملة بشأن الظروف في مركز معالجة المهاجرين في مانستون إيرفيلد، حيث تم حشر 4000 شخص في منشآت مخصصة لـ 1600 شخص.

وشهدت عملية سريعة لخفض الأرقام خروج 1200 شخص من المخيم بالحافلة على مدار أربعة أيام، لكن وزارة الداخلية اضطرت للاعتذار لأن البعض تركوا ينامون في ظروف قاسية في شوارع لندن.

وفي تطورات أخرى، تم استدعاء شرطة مكافحة الشغب إلى مركز احتجاز هارموندسوورث بالقرب من مطار هيثرو ليل الجمعة، بعد أن تسببت مجموعة من المعتقلين المسلحين في "اضطراب" أثناء انقطاع التيار الكهربائي.

وفي يوم السبت، أعلنت الشرطة الجنوبية الشرقية لمكافحة الإرهاب أن القصف بالقنابل الحارقة لمركز معالجة الهجرة في دوفر نهاية الأسبوع الماضي كان حادثًا إرهابيًا "بدافع من أيديولوجية يمينية متطرفة".

وأظهرت الأرقام الصادرة بموجب قانون حرية المعلومات أنه في عام 2019، أجريت 46 زيارة إلى أماكن العبادة، مقارنة بـ167 في عام 2021.

وتقول وزارة الداخلية إن 137 زيارة أجريت إلى أماكن دينية من كانون الثاني/ يناير إلى نهاية تموز/ يوليو من العام الجاري، ما يشير إلى أن الرقم لعام 2022 قد يكون رقمًا قياسيًا.

وقالت أتكينسون من المجلس المشترك لرعاية المهاجرين إن الأماكن الدينية ضرورية لأولئك الذين شعروا بالفعل بأنهم مستبعدون في المملكة المتحدة.

وأشارت إلى أن "فضاءات العقيدة بجميع أنواعها هي أماكن أساسية للتفكير والروحانية"، مشددة على أنه "غالبًا ما تكون أكثر أهمية بالنسبة للمهاجرين الذين يواجهون التمييز ويُحرمون من الخدمات الأكثر أهمية بسبب هوس الحكومة المناهض للمهاجرين".

وتابعت: "هذا هو السبب في أنه من المروع للغاية رؤية وزارة الداخلية تنتهك حرمة هذه الأماكن وتستخدمها لملاحقة المصلين".

وبحسب الأرقام، فإنه تم عقد 98 جلسة في أماكن دينية في ساوث هول، غرب لندن، على مدى السنوات الثلاث الماضية.

وقالت شاكيلا تارانوم معان من جمعية Southall Black Sisters الخيرية المناهضة للعنف المنزلي: "يتم خداع العديد من عملائنا وتضليلهم حول الغرض من هذه الجلسات".

وأضافت: "لقد تحدثنا إلى الأشخاص الذين اعتقدوا أنهم سيذهبون للحصول على المساعدة، ولكن بدلاً من ذلك فإنه يتم نصحهم بأنه من الأفضل مغادرة المملكة المتحدة مقابل الحصول على مبلغ مالي".

وتابعت: "يشعر عملاؤنا بأن هذا يعد انتهاكًا لأماكن العبادة - فالناس يذهبون إلى هناك لأنهم في حالة اضطراب، للبحث عن السلام أو لتناول الطعام في مطبخ المجتمع".

واعتبرت أن القادة الذين سمحوا باستضافة هذه الجلسات في أماكن عملهم يخونون ثقة مجتمعنا. إنه يتعارض مع روح ما يفترضون القيام به.

وعلى الرغم من التأكيدات بأن هذه الزيارات لا تؤدي إلى إجراءات إنفاذ، فإن البيانات التي حصلت عليها صحيفة الإندبندنت تُظهر أنه في ثلاث حالات على الأقل العام الماضي قام مسؤولو وزارة الداخلية بزيارات لإنفاذ قوانين الهجرة في أماكن العبادة.

في المقابل، قالت وزارة الداخلية البريطانية: "كان الغرض من هذه الزيارات هو نقل الأفراد إلى المطارات للقيام بمغادرة طوعية تم ترتيبها".

وتنص إرشادات وزارة الداخلية الحالية بشأن الزيارات على أنه "قد تكون بعض المجتمعات، وكذلك المجتمعات الدينية، غير راغبة في مساعدة الشرطة/ الهجرة في تنفيذ العمليات. يجب اتخاذ خطوات معقولة لطلب المشورة من المجتمعات المعنية".

وينص التوجيه أيضًا على أنه عند التخطيط لعملية ما، "يجب عليك التأكد وتقديم الدليل على أن جميع سبل التحقيق الأخرى قد استنفدت. يجب أن تكون جدولة عملية الأماكن الدينية هي الملاذ الأخير".

اقرأ أيضا: بريطاني يقترح وضع أسماك قرش ببحر المانش لـ"ردع المهاجرين"

وقال متحدث باسم وزارة الداخلية: "تسمح الجلسات للأشخاص بالسعي للحصول على معلومات من مسؤولي الهجرة بشأن إقامتهم في المملكة المتحدة أو تلقي دعم عملي للعودة إلى الوطن طواعية".

وأضاف أنه "يتم إجراء هذه الزيارات بإذن من قادة المجتمع ويتم إجراؤها بالتزامن مع مواقع دينية ومجتمعية من أجل إجراء محادثات مع الأفراد دون خوف من الاعتقال. يتم الإعلان عن هذه بشكل واضح على أنها تديرها الحكومة، ويعرف المسؤولون أنفسهم بأنهم موظفون حكوميون".