تدخل إيران الشهر الثالث من الاحتجاجات المستمرة منذ أيلول/ سبتمبر الماضي، إثر وفاة الشابة مهسا أميني بعد توقيفها ثلاثة أيام من "شرطة الأخلاق"، في حين وجه القضاء اتهامات لأشخاص بقتل عنصر أمن خلال المظاهرات.
ونشرت كذلك منظمة حقوقية مستقلة إحصائية جديدة لقتلى المظاهرات في قمع السلطات لها في مدن إيرانية عدة، لا سيما في بلوشستان التي تشهد احتجاجات عنيفة حتى اليوم.
إحصائية القتلى
أكّدت منظمة "حقوق الإنسان في إيران" غير الحكومية، مقتل 326 شخصا على الأقلّ في حملة قمع التظاهرات التي تشهدها البلاد منذ أيلول/ سبتمبر الماضي.
وقضى العشرات، بينهم عناصر من قوات الأمن، على هامش الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات، واعتبر مسؤولون جزءا كبيرا منها "أعمال شغب".
ويأتي هذا في الوقت الذي تمتنع فيه السلطات عن نشر إحصائيات لأعداد القتلى، وتتكتم عليهم، في حين لا يمكن التأكد من صحة الإحصائيات غير الحكومية التي تخرج مؤخرا.
وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرها أوسلو، في بيان لها: "قُتل 326 شخصًا على الأقلّ، بينهم 43 طفلًا و25 امرأة، على أيدي قوات الأمن خلال تظاهرات في مختلف أنحاء البلاد".
اقرأ أيضا: احتجاجات إيران تدخل أسبوعها الثامن.. والمولوتوف يقلق طهران
ولفتت إلى أنها لم تأخذ بالاعتبار "عددًا كبيرًا من الوفيات المبلّغ عنها"، إذ لا تزال تتحقق من صحتها.
والأسبوع الماضي، تحدثت المنظمة عن وفاة 304 أشخاص.
وتشمل الحصيلة الصادرة عن هذه المنظمة القتلى في محافظة سيستان بلوشستان (جنوب شرق) المتاخمة لباكستان والذين لا يقلّ عددهم عن 123 قتيلا، وفقا لأرقامها.
وتؤكد المنظمة أن أكثر من 90 شخصًا لقوا حتفهم خلال مظاهرة في زاهدان في 30 أيلول/ سبتمبر الذي أطلق عليه ناشطون "الجمعة الدامية".
اتهامات بقتل عنصر أمن
ووجّه القضاء الإيراني إلى 11 موقوفا بينهم امرأة، تهما تصل عقوبة بعضها إلى الإعدام، بتهمة ضلوعهم في قتل عنصر أمن قرب طهران هذا الشهر.
وفي الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر، أفادت وسائل إعلام إيرانية بمقتل عنصر من قوات التعبئة ("البسيج") المرتبطة بالحرس الثوري، وإصابة 10 عناصر من الشرطة خلال مواجهات مع محتجين على هامش إحياء ذكرى الأربعين لوفاة الشابة حديث نجفي التي قضت، وفق مقربين منها، على هامش الاحتجاجات في كرج الواقعة غرب طهران.
وأشارت وكالة "فارس" شبه الرسمية، إلى أن العنصر القتيل روح الله عجميان، تعرض في حينه لطعنات بالسكين ورمي بالحجارة.
وقال مسؤول السلطة القضائية في محافظة ألبرز التي تتبع لها كرج حسين فاضلي هريكندي، إنه "بعد تحديد المتهمين (بقتل عجميان) وتوقيفهم، تم إجراء تحقيق أولي (...) وتم إحضار 11 شخصا هم عشرة رجال وامرأة أمام القضاء، وصدرت لائحة الاتهام بحقهم من النيابة العامة في كرج".
اقرأ أيضا: إضراب في "أربعين" زاهدان.. وتهديد رسمي بنفي "مثيري الشغب"
وأوضح أن التهم تشمل "الإفساد في الأرض" التي قد تؤدي إلى الإعدام، إضافة إلى "التجمع والتواطؤ بنية ارتكاب جرائم" ضد الأمن، و"الدعاية ضد النظام (السياسي)" للجمهورية الإسلامية، وفق ما أورد موقع "ميزان أونلاين" التابع للسلطة القضائية.
ولم يحدد فاضلي هريكندي ما إذا كان كل المتهمين يواجهون التهم ذاتها.
وأضاف أنه "خلال هذه الجريمة، قام مثيرو شغب بمهاجمة ومحاصرة هذا العنصر الأمني الذي لم يكن مسلحا"، وعمدوا إلى "تمزيق قميصه ونزع ملابسه عنه، وتسببوا له بجروح من خلال طعنه (...) وإلقاء الحجارة عليه وركله" بطريقة "تخالف كل الأعراف الإنسانية".
وسبق للسلطة القضائية أن أعلنت توجيه الاتهام إلى أكثر من ألفي شخص على خلفية الاحتجاجات، علما بأن عددا منهم يواجهون تهما قد تصل عقوبتها للإعدام.
ودعا خبراء لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة إيران الجمعة، إلى وقف توجيه اتهامات تصل عقوباتها للإعدام بحق أشخاص شاركوا في الاحتجاجات، وحضّوا السلطات على "الإفراج فورا" عمن تم توقيفهم على هامش هذه التحركات.
ناشط إيراني يصعّد إضرابه
من جهته، أعلن شقيق الناشط الإيراني في مجال حرية التعبير حسين روناغي، المعتقل في طهران، والذي ينفذ إضرابا عن الطعام، ويعاني من "حالة حرجة"، أنه سيبدأ برفض الماء بعدما رفضت السلطات الإفراج عنه لدواعٍ طبية.
وأوقف حسين روناغي البالغ من العمر 37 عاما بعد أيام على إدلائه علانية بتصريحات عارض فيها حملة قمع الاحتجاجات.
وكان روناغي يُجري مقابلة مع قناة "إيران انترناشونال" المعارضة والتي تتخذ من لندن مقراً، في 22 أيلول/سبتمبر، عندما حضر رجال الأمن إلى منزله، حسبما أفادت القناة.
وأضافت القناة أنّ الناشط الذي كان يكتب في صحيفة "وول ستريت جورنال"، تمكّن من التسلّل من المبنى الذي يقطن فيه عبر موقف السيارات، ونشر لاحقاً رسالة فيديو من مكان لم يكشف عنه.
ولكنّه اعتُقل وتعرّض للضرب من عناصر الأمن عندما ذهب إلى سجن إوين في طهران للقاء النائب العام في 24 أيلول/ سبتمبر، وفق شقيقه.
مجلس حقوق الإنسان
طلبت ألمانيا وآيسلندا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الجمعة، عقد جلسة عاجلة بشأن إيران التي تهزها احتجاجات دامية منذ أسابيع.
وفي رسالة وجهاها إلى رئاسة المجلس، دعا سفيرا ألمانيا وآيسلندا لدى الأمم المتحدة في جنيف إلى عقد "جلسة خاصة... بشأن تدهور أوضاع حقوق الإنسان في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، خصوصا في ما يتعلق بالنساء والأطفال".
ويطلب السفيران في الرسالة، عقد الجلسة في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر إن أمكن، أو في اليوم الأخير من الأسبوع ذاته.
وأوضحا أن الطلب حظي بدعم 44 دولة، من دون تحديد إن كانت كلها أعضاء في المجلس.
ويتطلب عقد جلسة خاصة خارج الدورات العادية الثلاث التي تعقد كل عام، الحصول على دعم 16 دولة عضوا، أي أكثر من ثلث أعضاء المجلس البالغ عددهم 47.
ويأتي الطلب بعد ثمانية أسابيع من الاحتجاجات في إيران منذ وفاة مهسا أميني (22 عاما) بعد توقيفها على خلفية "انتهاكها قواعد اللباس المحتشم".
احتجاجات إيران تدخل أسبوعها الثامن.. والمولوتوف يقلق طهران
"محاكمات خاصة" في إيران ضد المحتجين تطال ألف متظاهر
عائلة مهسا أميني ترفض تقرير الطب الشرعي لأسباب وفاتها