يعد واحدا من أساطين الصحافة الفلسطينية الذين ساهموا في بناء عدة مؤسسات صحافية في القرن الماضي، والذين وضعوا على عاتقهم عبء حمل القضية الفلسطينية منذ بداياتها الأولى في بدايات القرن الماضي، وما تبعها من تسلسل للأحداث.
أسس صحيفتي "الدفاع" و"فلسطين" اللتين كانتا من أهم الصحف الصادرة بالعربية في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين.
درس إبراهيم الشنطي، الذي ولد عام 1910 في يافا، في الجامعة الأمريكية ببيروت، ونال الإجازة في العلوم السياسية عام 1933، وأثناء دراسته الجامعية كان عضوا في "العروة الوثقى". وحين عاد إلى فلسطين انضم إلى أسرة تحرير صحيفة "الجامعة الإسلامية" لمؤسسها الشيخ سليمان التاجي الفاروقي.
وأخذ ينشر فيها تحت عنوان "حديث الشباب" كما أنه انضم في تلك الفترة إلى حزب "الاستقلال".
كانت محاولته الأولى في النشر الصحافي عام 1934 بإصدار صحيفة الدفاع، وبعدها بعامين وعلى وقع الإضراب العام في فلسطين، بادر إلى تأسيس "الحرس الوطني" فاعتقلته سلطات الاحتلال البريطاني، وزج في سجن "عوجاء الحفير" في النقب.
وبعد نكبة فلسطين عام 1948 استقر بالقاهرة وأصدر صحيفة "القاهرة" بمشاركة أسعد داغر عام 1953، والتي استمرت بالصدور حتى عام 1957.
عاد بعدها إلى القدس، وتابع الكتابة في صحيفته "الدفاع" التي عاودت الصدور في القدس عام 1950، لكنها ما لبثت أن توقفت لبعض الوقت في عام 1958، حين اضطر لمغادرة القدس.
وبعد حرب حزيران/ يونيو عام 1967 انتقل إلى عمان، وأصدر صحيفة "الدفاع" للمرة الثالثة، واستمر صدورها حتى توقفت عام 1970.
وتعتبر "الدفاع" و"فلسطين" من أهم الصحف الصادرة بالعربية في عهد الانتداب البريطاني، لكن "الدفاع" استحوذت على الشهرة والانتشار، بعد أن نجحت باستقطاب صحافيين معروفين، وساهم في تحريرها نخبة من الكتاب والشعراء والأدباء العرب، منهم: أحمد سامي السراج وخير الدين الزركلي من سوريا، وعبد الكريم الكرمي (أبو سلمى) وإبراهيم طوقان من فلسطين. وكان إبراهيم الشنطي قد تعرف إلى الشاعر إبراهيم طوقان، أثناء دراسته في جامعة بيروت الأمريكية، حيث عمل إبراهيم طوقان مدرسا للغة العربية فيها.
صحيفة الدفاع كانت معادية للاستعمار البريطاني
وكانت "الدفاع" الصحيفة الناطقة باسم ﺣﺰب "اﻻﺳﺘﻘﻼل" ذي الميول اﻟﻮﺣﺪوﻳﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ. واهتمت الصحيفة منذ نشأتها بنشر الأخبار والمقالات الجريئة المعبرة عن حالة السخط الشعبي على الحركة الصهيونية، بسبب تشجيعها هجرة اليهود إلى فلسطين. كما أنها كانت منبرا لمهاجمة الاستعمار البريطاني، الذي كان يعتبر أصل البلاء الذي تعاني منه فلسطين، أما الصهيونية فهي الفرع، وعند اندلاع الحرب العالمية الثانية، لزمت الصحيفة جانب الحياد تجاه الأطراف المتحاربة.
وفي عام 1964 عقد المؤتمر الوطني الأول في مدينة القدس، حيث انبثق عنه المجلس الوطني الفلسطيني الأول، واختير إبراهيم الشنطي ليكون عضوا فيه. وأُعلن في هذا المؤتمر قيام منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها قائدا للشعب العربي الفلسطيني، وتم انتخاب أحمد الشقيري رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية.
اهتمام كبير بأخبار العالم الخارجي
واعترافا بدوره الرائد في الصحافة الأردنية والفلسطينية والعربية فقد انتخب إبراهيم الشنطي عام 1969 نقيبا للصحفيين الأردنيين.
اشتهر الشنطي بالإضافة إلى نشاطه الصحفي، بوجدانياته التي كان ينشرها، وكان يتناولها في جميع الشؤون بأسلوب متميز، ولو جمعت في كتاب لوضعته بين مصاف الأدباء أصحاب الأساليب.
توفي في العاصمة الأردنية عمان عام 1979 عن عمر ناهز الـ69 عاما إثر معاناة مع مرض لم يمهله طويلا. ومنح اسمه وسام القدس للثقافة والفنون عام 1990.
وفي حفل تأبينه امتدحه زملاؤه الصحافيون، وأثنوا عليه بقولهم إن إبراهيم الشنطي كان "أطهر قلم.. لأقدس قضية". ونعاه الصحافي فهد الريماوي ووصفه بـ"رجل المواقف" و"صاحب القلم الوطني العريق" و"صاحب القلم الشريف". أما الأديب عيسى الناعوري فقد وصفه بـ"صاحب القلم القوي والمرهف معا" و"صاحب الروح الأدبية الشاعرة".
المصادر
ـ يعقوب العودات، أعلام الفكر والأدب في فلسطين، عمان 1976.
ـ خليل العسلي، وجوه مقدسية: إبراهيم يحيى الشنطي، موقع أخبار البلد، 31/10/2022.
ـ مجلة الكاتب الفلسطيني: العدد 8، نيسان/أبريل 1979.
ـ إبراهيم الشنطي (1910 – 1979)، الموسوعة الفلسطينية، 24/4/2013.
ـ أحمد عمر شاهين، موسوعة كتاب فلسطين في القرن العشرين.
ـ مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا.)
عز الدين المناصرة.. شاعر الجفرا والجذور الكنعانية الفلسطينية
الشاعر منيف الحسيني.. مثقف أخذته السياسة من أجل فلسطين
بالرغم من اندثار معظم عيونها.. البيرة مصيف فلسطين التاريخي