سلط مقال للصحفي جيريمي سكاهيل الضوء على الدعم الذي توفره الولايات المتحدة للسعودية، كسلوك تاريخي معروف منذ عقود ضمن علاقة المصالح التي تربط البلدين، رغم القبضة الحديدية التي تمارسها
السعودية ضد معارضيها، وملف حقوق الإنسان المثقل بالأحداث والتجاوزات.
ونشر موقع "
انترسبت" مقالا لسكاهيل ترجمته "عربي21" قال فيه، إن الولايات المتحدة تواصل دعم السعودية، رغم أنه من المؤكد أن قادة هذه البلد تورطوا بإعدام وتقطيع أوصال صحفي في "واشنطن بوست"، (جمال
خاشقجي)، وتنفيذ عمليات إعدام جماعي للمواطنين، وشن حملة الأرض المحروقة بلا رحمة ضد السكان المدنيين في بلد مجاور فقير (اليمن).
ولفت الصحفي إلى أنه بعد عامين من رئاسة
بايدن، من الواضح تماما أن السعوديين ليس لديهم ما يخشونه من الحكومة الأمريكية. فمن منظور تاريخي، هذا ليس بالصدمة على الإطلاق، وعلى مدى عقود، دعمت الإدارات الديمقراطية والجمهورية النظام الملكي السعودي، فغذته بمبيعات الأسلحة وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
وأضاف سكاهيل: "عندما كان دونالد ترامب رئيسا، حصل الكثير من الديمقراطيين على غطاء سياسي ليواجهوا أخيرا حملة الإبادة التي تقودها السعودية في اليمن. كان ترامب دافئا بشكل كاريكاتوري مع محمد بن سلمان وأفراد العائلة المالكة مع اشتداد حربهم الجوية وتصاعد مبيعات الأسلحة، لدرجة جعلت إعطاء إدارة أوباما وبايدن الضوء الأخضر للحرب التي تقودها السعودية في المقام الأول تبدو باهتة".
ولفت إلى أنه في عهد الرئيس الأسبق، عرضت إدارته على السعوديين دعما عسكريا أكبر، 115 مليار دولار، أكثر من أي دعم عسكري في تاريخ التحالف الأمريكي السعودي الذي امتد لسبعة عقود.
"وبحلول عام 2019، لا سيما في أعقاب مقتل الصحفي جمال خاشقجي في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، أصبحت اليمن كارثة إنسانية من صنع ترامب، وهذا التأطير الذي عززه دعم ترامب العلني المتهور لمحمد بن سلمان بعد الحادثة، يعني أنه من المقبول أن يعارض المزيد من الديمقراطيين الدعم الأمريكي المستمر للحملة العسكرية الوحشية للسعودية". وفقا للصحفي سكاهيل.
وتعهد بايدن خلال الحملة الانتخابية، بمواصلة الزخم وإنهاء الحراسة الشخصية الأمريكية لجرائم السعودية، خاصة بعد إعدام خاشقجي، المقيم الدائم في الولايات المتحدة، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول. وقال بايدن، في حالة انتخابه رئيسا، في مناظرة أولية للحزب الديمقراطي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، "سأكون واضحا أننا لن نبيع في الواقع المزيد من الأسلحة لهم، بل نعتزم أن نجعلهم في الواقع يدفعون الثمن، ونجعلهم في الواقع منبوذين كما هو حالهم".
أما بالنسبة للحرب في اليمن، فقد وعد بايدن "بإنهاء بيع الأسلحة للسعوديين"، لكن الصحفي سكاهيل علق على كلام بايدن بالقول: "السياسيون يقولون أشياء لا يقصدونها عندما يترشحون لمنصب. في الواقع، أحيانا يقصدون العكس تماما".
ولفت إلى أن مسؤولي إدارة بايدن ضغطوا بقوة على المشرعين لمعارضة إجراء يوم الثلاثاء، لتقويض الدعم للنسخة المحدثة من قرار صلاحيات الحرب الذي عارضه ترامب. كان مشروع القرار، الذي قدمه السناتور بيرني ساندرز، يحظر دعم الولايات المتحدة للعمليات الهجومية السعودية في اليمن.
بل أن بايدن لم يتوقف عند هذا الحد، فقد أعطى الضوء الأخضر لسلسلة من مشتريات الأسلحة الأمريكية من قبل السعوديين، بما في ذلك ما قيمته 3 مليارات دولار من صواريخ باتريوت في آب/ أغسطس.
وقال الصحفي سكاهيل، إنه من جملة الحجج التي استخدمها البيت الأبيض في معارضته لإجراء ساندرز، بحسب ما اطلع عليه موقع انترسبت، هي أن استراتيجيته الخاصة كانت تنجح بالفعل في تهدئة حرب اليمن: "لا يزال الوضع هشا، وجهودنا الدبلوماسية مستمرة... التصويت على هذا القرار يهدد بتقويض تلك الجهود".
في تقرير صلاحيات الحرب الأسبوع الماضي، ذكر بايدن أن هناك حاليا 2755 فردا عسكريا أمريكيا منتشرون في السعودية "لحماية قوات الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة من الأعمال العدائية من قبل إيران والجماعات المدعومة من إيران".
وبالتنسيق مع السعوديين، فإن هذه القوات "توفر قدرات دفاعية جوية وصاروخية وتدعم تشغيل الطائرات العسكرية الأمريكية".
ومع قيام طهران وموسكو بتطوير علاقات أوثق في خضم الحرب الأوكرانية، وشحن إيران طائرات بدون طيار وذخائر أخرى إلى روسيا، قد تكون إدارة بايدن قلقة بشأن أي قيود صريحة على دعمها للرياض بشكل قانوني.
وختم سكاهيل مقاله بالقول: "في المرة القادمة التي يعد فيها جو بايدن بجعل زعيم دولي منبوذا، يجب عليه توضيح أي من تفسيراته للكلمة التي يقصدها: التعريف المقبول بشكل عام أو التعريف الذي طبقه على محمد بن سلمان والسعودية، والذي ثبت أنه يعني بالضبط العكس".